شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

شيخوخة قبل الأوان

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

في الوقت الذي يتخوف فيه المغاربة من تراجع نسبة الخصوبة، وارتفاع نسبة البطالة، حسب ما أعلنت عنه المندوبية السامية للتخطيط في أرقامها الأخيرة قبل نهاية السنة الحالية، هناك دول تعاني فعلا من “وفرة” اليد العاملة لديها، واتساع قاعدة الشباب، وهو ما جعل سكان هذه الدول يعانون فعلا من غياب الحقوق.

يتعلق الأمر بالدول التي تتوفر على فائض كبير في اليد العاملة، لتصبح قِبلة للشركات العالمية. وأخيرا صدرت تقارير تفضح سقوط شركات عالمية كبرى في مستنقع ما بات يعرف بـ “المخاطر المرتبطة بالعمل القسري”. إذ إن تقريرا حديثا لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أعلن عدم التزام شركات صناعة السيارات العالمية، مثل “تيسلا” و”فولس فاكن” و”تويوتا”، بشرط التخفيف من مخاطر العمل القسري في سلاسل التوريد الخاصة بها. ليثير التقرير مسألة تساؤلات بشأن امتثال الشركات متعددة الجنسيات للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ومن بين قضايا العمل القسري التي تفجرت قبل نهاية هذا العام، الذي عرف أحداثا مؤسفة بالفعل، ملف العمل القسري في “شينجيانغ” الصينية، والذي يستهدف تحديدا أقلية الأيغور المسلمين. إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية حاليا، أدرجت أكثر من 100 شركة صينية في القائمة السوداء، ومنعت منتجاتها من العرض في رفوف محلات السوق الأمريكي. والسبب أن هذه الشركات الصينية تستغل العمال قسرا دون احترام لحقوقهم. وهذا ما أدانته منظمات إنسانية خالصة، من انتماءات مختلفة، لا علاقة لها بالمنافسة الاقتصادية.

كندا، وبريطانيا، ودول أخرى من الاتحاد الأوروبي، طبقت إجراءات مماثلة على شاكلة ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية. وشكّل الحكم الذي صدر في الربع الأخير من هذه السنة، عن محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة، والذي أعلن أن رفض وكالة مكافحة الجريمة التحقيق في واردات السلع الناتجة عن العمل القسري، عمل غير قانوني. أي أن المحكمة تؤيد العمال المقهورين وتنصفهم قضائيا في مواجهات الشركات الصينية التي تستغل الأقليات في العمل القسري وتحتجزهم وتتحكم في ظروف عملهم وأجورهم دون احترام لحقوق الإنسان. ويُنتظر أن يتم الإعلان لاحقا عن عقوبات، وإجراءات تُسهل عملية مراقبة وكالة مكافحة الجريمة وجعلها تنكب على التحقيق في ظروف إنتاج عدد من السلع التي يشار إليها بأصابع الاتهام.

دعونا من المحكمة البريطانية والحكومة الأمريكية و”هيومن رايتس ووتش”. هناك أيضا المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، والذي صدرت عنه دراسة قبل أسابيع فقط، عن ظروف الاعتقال الجماعي للأيغور، والعمالة القسرية في “شينجيانغ”. وتفاعلا مع التقرير، دعت منظمات أسترالية إلى فرض حظر تجاري صارم على الشركات الصينية المتورطة.

الحكومة الصينية نفت هذه الاتهامات، لكن تقارير الأمم المتحدة، والبحوث المستقلة التي تم إجراؤها طيلة سنة 2024، تجعل الصين، حسب ما نشرته صحف دولية، أمام ضغط دولي غير مسبوق لمعالجة هذه القضايا، ورفع الحظر عن سلعها.

كل الدول التي تتوفر على قاعدة شابة وثروة بشرية بتعداد سكاني يتجاوز عتبة الـ100 مليون نسمة -وأحيانا أكثر- تعاني من مصاعب ضمان حقوق مواطنيها، خصوصا الشباب، عندما يتعلق الأمر بظروف العمل والاستفادة من القوة الاقتصادية. حتى أن هؤلاء الشباب يشيخون قبل الأوان.

المغاربة الآن يخافون من البطالة، وصاروا يخافون أكثر من شيخوخة المجتمع. علما أن أكثر الدول رخاء في العالم، مثل الدول الاسكندنافية، قد نخرتها الشيخوخة.

التقارير الدولية التي صدرت بعد 2021، توقعت أن تتراجع الخصوبة في عدد من الدول بسبب تداعيات جائحة كورونا التي لا يزال العالم يتعافى منها تدريجيا.. وببطء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى