شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

«شناقة» بألف وجه

حسن البصري

 

شاءت الصدف أن يلتقي نشاط «شناقة» الخرفان مع «شناقة» اللاعبين والمدربين في الفترة الزمنية نفسها، فقد ظهر «شناقة» عيد الأضحى في أسواق بيع الخرفان وبسطوا سيطرتهم عليها، فيما تحرك نشطاء أسواق بيع اللاعبين بمجرد انتهاء الموسم الرياضي.

مفهوم «الشناقة» يحيلنا على الشنق والخنق والمسك بقبضة اليد على مستوى العنق، بغاية انتزاع منافع مالية أو عينية، واصطلاحا يعني الوساطة التي تمنح لصاحبها هامشا من الربح، وهو شكل من أشكال المضاربة، سواء في أسواق الخرفان أو اللاعبين، وإن كانت هناك نوعية أخرى من «الشناقة» التي تنشط في ملاعب السياسة خلال فترة الانتخابات، حيث تنشط في شراء الذمم واستدراج الناخبين إلى صناديق الاقتراع، مع موعد بالدفع بعد التصويت. كل حسب درجة سخاء راعيه الرسمي، خلال فترة الحملة الانتخابية عن طريق ما يغدقه عليهم كرم «الشناقة»، في انتظار يوم الاقتراع، حيث يساقون كالأغنام إلى مكاتب التصويت.

لكل قطاع مضاربوه السريون، ففي فضاءات أخرى تنتعش هذه الكائنات، حيث يظهر «شناقة» المحاكم بخطط أخرى وبخطاب فيه رائحة الفصول القانونية والمساطر القضائية، وينتشر «شناقة» الصحة في المستشفيات والمصحات الخصوصية وهلم شرا.

اليوم، وفي ظل التطور التكنولوجي، أصبح لـ«الشناق» أكثر من خصم، سيما في ظل وجود تطبيقات على الهواتف الذكية، تبيح للمواطن شراء خروف عيد الأضحى دون أن يكلف نفسه عناء التنقل إلى الأسواق، وقضاء ساعات في ملامسة «لبطاين» وتفحص أسنان الأكباش، ومناقشة الأسعار مع بائع يهش بعصاه على الخرفان والزبناء على حد سواء.

من هم المتضررون من «الأسواق الإلكترونية»؟ إنهم فئة «الشناقة» الذين وجدوا أنفسهم في سوق لا حاجة فيه إلى وسيط بين «الكساب» والمشتري، لكن مهما ارتفعت أصوات المطالبين بحماية المستهلك من «الشناقة»، فإنهم حاضرون غصبا عنا وعن الرقمنة.

حين قامت الحكومة بمنح تراخيص استيراد الخرفان، مع دعم مالي يصل إلى 500 درهم عن كل رأس غنم مستورد، مع إعفائهم من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، اعتقدنا أن «الشناقة» لا يملكون حق دخول أسواق «الترانزيت»، لكنهم اخترقوها وكانوا من أوائل مستقبلي الدفعات الأولى من غنم النصارى.

لماذا لا تدعم الحكومة اللاعبين المستوردين من الخارج، وتتيح للفرق المغربية فرصة تعزيز الصفوف بعناصر جديدة بأقل تكلفة وبإعفاءات ضريبية وبخدمة التوصيل؟

يبدو أن المقترح سيحفز «شناقة» الأغنام على اختراق مجال الكرة، وسيلغي ضوابط «الفيفا» في استيراد وتصدير اللاعبين والمدربين.

«شناقة» سوق الانتدابات ليس كلهم وكلاء أعمال مرخص لهم من الاتحاد الدولي لكرة القدم، فقد اختلط الحابل بالنابل، وبات القطاع تحت سيطرة كائنات «غير معتمدة»، تفضل الاشتغال في «النوار» وتجيد تصريف فعل «أكل».

يعرف وكلاء اللاعبين كل الغرباء المندسين في قطاع بيع وشراء وكراء اللاعبين والمدربين، يتابعون تحركاتهم دون أن يقفوا في وجه الاختراق، هناك لاعبون سابقون يمارسون الوساطة بالأقدمية، وهناك صحافيون يؤمنون بأن الخبر مقدس والبيع حر، وهناك مؤثرون يعرضون سلعهم على المتابعين ابتغاء «لايكات» تسهل البيع، لإيمانهم أن الترويج يبدأ من المشجع في المدرجات وليس من مكتب الرئيس، وحين يصبح اللاعب نجما في «الترند» يسهل بيعه بعد أن استوفى فترة الترويج.

لكن أخطر «الشناقة» هم الذين يتحركون تحت جنح الظلام، وينشطون في بيع المباريات بأسعار تفضيلية، منهم من يملك شبكة علاقات مع الحكام ومنهم من يدعي تطويع حراس المرمى والمدربين، ومنهم من يقامر بالنتائج وينتظر جود السماء.

القاسم المشترك بين «شناقة» الأغنام و«شناقة» اللاعبين هو هاتف في أعلى درجات الشحن، وقدرة عالية على الترويج، مع إلمام بمستجدات السوق ودراية بمستجدات صرف العملات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى