شلوح السربيس (2/2)
إذا كان بنكيران قد نسي فإن الجميع يتذكر كيف قدم الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي والرئيس السابق لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا زمور زعير سابقا، الاتحادي الأمازيغي العربي أيت سليمان، أنصار الاتحاد من سوس على طبق من ذهب لفائدة الرئيس السابق لمقاطعة تابريكت وعمدة سلا جامع المعتصم.
في الوقت الذي وجد حزب لشكر نفسه محاصرا في الانتخابات الأخيرة بالمحامي «الذي ضربها بغبرة» وأغلق هاتفه في وجه الكاتب الأول لحزب الوردة، الباعمراني إدريس لشكر، فقد استغل الكاتب الاقليمي الوضعية بدهاء، وطلب التكرم برئاسة لائحة الحزب الذي تسلمه السوسي جثة هامدة من آل حجي وزنيبر وآل جمال لغماني، الوزير السابق في التشغيل، وانطلت الحيلة على الروداني الذي ترأس الكتابة الإقليمية بسلا وترأس لائحة «الوردة» ثم سكن في الفايسبوك للادعاء بأنه مناضل فقير ولا يستطيع توفير المال للقيام بالحملة الانتخابية، وهو الذي مهد الطريق للعابد باسم «الجرار» في شكل طعن، ثم ساهم في تهريب سوسيي الاتحاد الاشتراكي لحزب «المصباح» انتقاما من حزب «الوردة»، والحصيلة حصول الاتحاد الاشتراكي على صفر مقعد بسلا والدار البيضاء.
ولعل سبب ابتلاء بنكيران بالسب والشتم لكل معارضيه ومنتقديه ومن أوصله لسدة الحكومة، هو أولا رفض والد زوجة بنكيران تزويجه بابنته الثرية، ولما أصرت على الزواج من ذلك الملتحي الفوضوي المظهر المنحدر من صلب تاجر بسيط يقطن بحي العكاري، زوجها إياه ضدا على رغبة العائلة وبدون رضاهم، ما جعل بنكيران يندفع في أحضان شبيبة مطيع ويبحث عن مصادر مالية لتمويل تحركاته المشبوهة.
ولنتذكر أن الراحل علي يعته، زعيم الشيوعيين المغاربة، سبق له أن اتهم بنكيران علانية بكونه صنيعة البصري، علي يعته الجزائري الأصل، مثله مثل الخطيب الذي أورث إسماعيل العلوي، ابن خالة الخطيب السيدة المحفوظي، تركة منخورة.
الراحل الخطيب الذي رعى ما تبقى من شبيبة مطيع التي أطاعت البصري رفقة رابطة المستقبل الإسلامي للرميد وحامي الدين.
إسماعيل العلوي، الوارث لحزب يعته، هو الذي طوع بنكيران خلال الحراك الشعبي أيام عشرين فبراير، وهو من نصحه بعدم الخروج في الحراك.
ولقد كان بنكيران يستعد حثيثا لجمع الأموال لحركته السياسية، فشرع في تأسيس معمل صغير لبيع جافيل «ديال لعبار»، مستعينا بشبيبة الإصلاح والتوحيد الفقراء بمنطقة الواد الخانز بسلا، حيث كان يزود «كراريسهم» بروح جافيل مقتنى من تاجر يهودي بالدار البيضاء وقراعي «ديال الميكا» ويطبع اسم «شمس» على أوراقها التي كان يقتنيها من إلياس العماري، زعيم «البام» حاليا، ولعله يذكر أنه اقتنى منه أيضا «باكيات» الورق التي كان يستوردها إلياس العماري من البرازيل.
ولذلك فإذا كان هناك من أحد يعرف بنكيران جيدا فهو إلياس العماري تحديدا.
ولمزيد من مراكمة الثروات، التي شكل نقصها لديه عقدة تجاه عائلة زوجته الثرية، تكلف بنكيران من طرف زوجته نبيلة بتسلم «روسيطة» «النزل الكبير» بشارع باتريس لومومبا، وهو في ملكية عائلة نبيلة بنكيران، وكان سوسي من اشتوكة آيت باها أمينا وحريصا على رعاية أموال الفندق، المختص في الروج والويسكي والبيرة والفتيات منشطات السهرات، التي كانت غالبا تنتهي بالغرف بالطابق الفوقي مقابل 400 درهم.
وحينما شعر بنكيران بقرب تسلمه لمهام كبرى، منها إزاحة العثماني من على رأس الحزب، بادر لإقناع الورثة، ومنهم شقيق نبيلة الذي تم إبعاده للدراسة في الاتحاد السوفياتي سابقا وعاد بمشاكل عدة، ولطالما سب وشتم بنكيران في منزله الحالي بحي الليمون المملوك لزوجته، بل ورماه بالحجر من أجل تسليمه أموال والده الراحل لمعالجة حاله، مثله مثل شقيقة نبيلة التي كانت تبهدل بنكيران وتتوفر على غرفة بفندق والدها الذي يتسلم بنكيران «روسيطته» قبل أن «يعركها» في «الريسطو» ويذهب مسرعا لإدراك صلاة العصر، ثم اعتلاء منبر جامع بنسعيد بحي السلام بسلا ويخطب في فقراء الحي الصفيحي سهب القايد ليحدثهم عما قاله الله تعالى في شأن الخمر والأحاديث النبوية الشريفة التي تنزل اللعنة على حاملها وشاربها وآكل ثمنها.
وأثناء عملية بيع الفندق المذكور نظم عماله وقفات احتجاجية وعلقوا اللافتات، فانتبه بنكيران لدور السوسي رئيس المطبخ، فبعث من أخرجه من حزب الاتحاد الاشتراكي وأدخله للذراع الإيديولوجية للعدالة والتنمية، وساروا يتناوبون على بيته كل جمعة لإلقاء دروس الوعظ من أجل تحييده من مشكل فندق «النزل الكبير» الذي فوته لأحد أبناء عمومته.
وربما لهذا السبب تصف ابنة بنكيران والدها بأنه «واعر»، فالرجل «واعر» فعلا، وإلا لما استطاع الاستحواذ على مدرسة بدر بشارع ابن تومرت بالرباط، والتي تتلقى منها ابنته راتبا سمينا، لما سمع بوفاة أحد أشرس معارضي حافظ الأسد، والذي قتل في ظروف غامضة بسوريا، فآلت مؤسسة بدر لبنكيران، وربما كان ذلك السوري منتسبا لحركة الإخوان المسلمين من أبناء حماة ودخل المغرب عبر باريس فارا من بطش الأسد، ونال حق اللجوء السياسي بالمغرب تحت رعاية البصري.
ولأن أموال التعليم الخاص هي مغارة علي بابا حقيقية، فقد كان بنكيران يقضي سويعات إضافية يدرس الفيزياء بـ«النوار» بأرض السلام التي أسسها مقاول سوسي بداية الثمانينات وبنى غير بعيد عنها مسجدا يحمل اسمه، قبل أن يزايد عليه بنكيران ويقتني مدرسة أرض السلام من منافس آخر هو صاحب مدارس محمد بنعبد الله الذي فشل بنكيران في الظفر بصفقتها، ومشيد مسجد الغندور المجاور لمكتبة ضخمة في اسم شقيق العمدة جامع المعتصم.
ولما اشتد عود بنكيران وحان وقت إلباسه شاشية المخزن وإدخاله قبة البرلمان، دخل بأصوات «تواركة» المرحلين من المشور صوب تابريكت بعد إلغاء انتخاب الاتحادي جمال لغماني سنة 1987.
ولعب قائد سابق بتواركة، وصاحب جمعية سكنية، دورا أساسيا في ترجيح كفة بنكيران والدفع بجمال لغماني لانتظار دوره إلى أن يحين وقته في موقع بديوان وإدارة ياسمينة بادو.
هذا هو التاريخ الذي يعتقد بنكيران أن الناس نسوه، لذلك يسخر من سواسة وينقلب عليهم بعدما حملوه على أكتافهم وسخروا له ظهور حزب «الوردة» ليستولي على الشأن العام المحلي بسلا والمقاعد البرلمانية التي أوصلته إلى رئاسة الحزب بعد إزاحة السوسي العثماني، وتنكره لأهل سلا، حيث اكتفى بزيارة نائب العمدة المعتدى عليه وتهديد المعتدين بالسجن للتمويه على استغلال اللوبي العقاري بسلا لسوسيي المدينة في بناء مجد بنكيران.
والواقع أن أفضل رد يمكن أن يرد به أهل سوس، ممن استغلهم في كل شيء قبل أن يحولهم هو وأبو زيد إلى مادة للسخرية والتنكيت، هو أن يصبحوا ذات يوم نائمين ويستريحوا من تعب الحوانيت لجمع الأموال لخزينة بنكيران وتحالفه البنكي الرأسمالي، «وديك الساعة يعيط بنكيران على كتائبه الإلكترونية تبيع الحليب والخبز للكليان».