شكايات في سلة المهملات
عممت المديرية العامة للأمن الوطني، بداية الأسبوع الجاري، مذكرة مصلحية على كافة مصالحها اللاممركزة، تتضمن تعليمات صارمة من عبد اللطيف حموشي تقضي بضرورة التعامل الفوري والإيجابي مع شكايات المواطنين التي يتم تقديمها سواء أمام دوائر الشرطة أو مصالح المداومة المتوفرة على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع بجميع مصالح الأمن الوطني.
بطبيعة الحال تندرج هذه المذكرة في إطار تفعيل استراتيجية المديرية العامة في عصرنة وتحديث منظومة الخدمات الشرطية الأساسية، وخصوصا منها الشق المتعلق بتيسير عملية تلقي شكايات المواطنين ومعالجتها وفق آلية عصرية وفعالة ومواطنة تستجيب لانتظارات المرتفقين وترسخ قيم الشرطة المواطنة.
لكن أهمية هذه المذكرة تكمن في أنها تصلح أن تكون درسا بيداغوجيا من المؤسسة الأمنية لوزراء الحكومة والمسؤولين المنتخبين في مجال التواصل والقرب من المواطنين، وتنفع أن تقدم مادة نموذجية لمعنى التفاعل الايجابي مع شكايات وتظلمات وملتمسات المواطنين.
إن التواصل بين المؤسسات سواء المنتخبة أو المعينة والمواطن والإنصات إلى شكاياته، ليس منة من أحد يتصدق بها على المواطن، فهي من الأمور الحيوية فهناك من القطاعات الحكومية وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية، تعمل وكأنها تعيش في جزر معزولة وغير معنية بلقاء المواطنين والإجابة عن شكاياتهم. وفي بعض المؤسسات فإن الشكايات التي تتوصل بها لا تتعدى مكتب الضبط الذي سجلت فيه، حيث توجد سلة مهملات به، وإذا كتب لها أن تصل إلى يد مسؤول فإنه قد لا يهتم بها لانعدام ما يجبره على ذلك.
ورغم وجود مرسوم يلزم الإدارات والمرافق العمومية على التفاعل مع شكايات وتظلمات المواطنين وتأمين تتبعها والإجابة عليها في أجل معقول، فإن الأمر لا زال شكليا بل ومعطل التنفيذ. فمن غير المقبول أن يراسل المواطن المغربي مثلا سفارة أو قنصلية دولة أجنبية في بلده ويأتيه الرد سريعا وشافيا في ظرف وجيز، بينما لن يلقى نفس التعامل مع مراسلاته من بعض إداراتنا.
وعليه، ما قامت به مديرية الأمن الوطني من تذكير للمسؤولين الأمنيين، بالواجب الملقى على عاتقهم في التعامل مع تظلمات المواطنين وشكاياتهم بكل جدية ودون محسوبية في إيجاد الحلول للمشاكل القائمة، وأن يكون ردها على جميع ما يفد إليها وتحريك المساطر بشأنها حتى ولو كانت تهم المسؤول الأمني هي ممارسة فضلى في خلق قناعة لدى المواطنين بإمكانية التعبير على عدم رضا تدبير بعض المسؤولين وبعض قرارات الإدارة الأمنية الترابية، وتغيير تلك الصورة النمطية التي يحس بها المرتفق أمام الإدارة الأمنية.
فعسى أن تتعلم باقي مؤسساتنا بعضا من فن تواصل المؤسسة الأمنية.