النعمان اليعلاوي
ما زال الغضب يسم قطاع التعليم بعد حوالي الشهر من اندلاع احتجاجات موظفي القطاع، ضد مرسوم النظام الأساسي للموظفين. ففي وقت أعلنت الوزارة عن فتح باب الحوار مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية من أجل «تجويد» النظام الأساسي الذي كانت قد عرضته على الحكومة وتمت المصادقة عليه، تفاعلت أربع نقابات تعليمية ذات تمثيلية، مع حالة الغضب والاستنكار في الأوساط التعليمية، التي جاءت ردا على مراسلة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إلى مدير نفقات الموظفين بالخزينة العامة للمملكة، قبل أيام، في شأن تسريع الاقتطاع من أجور موظفي الوزارة المشاركين في الإضرابات الرافضة للنظام الأساسي الجديد.
ووجهت النقابات الأربع مراسلة للوزير بنموسى، طالبته من خلالها بـ «إيقاف أجرأة فحوى هذه المراسلة»، مشيرة إلى أن «إصدارها في زمن انطلاق التفاوض المباشر سيرا في الاتجاه المعاكس من الأحداث التي تعيش على وقعها المنظومة التربوية».
وبينما اعتبرت النقابات التعليمية الأربع، وهي النقابة الوطنية للتعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والجامعة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم، أن هذه المراسلة «تؤكد على نفس المنطق الذي تم إصدار به النظام الأساسي الجديد موضوع الاحتجاج»، ودافعت عن حق الشغيلة التعليمية في الإضراب «بموجب المواثيق الدولية وبنص الدستور المغربي»، مبدية رفضها لقرار الاقتطاع من أجورها، بالقول إن «الاقتطاع من أجور المضربين انتهاك للحق في الإضراب ونوع من التضييق المباشر على ممارسته»، وفق تعبيرها، وكشفت الإطارات النقابية، أن «تسريب المراسلة المذكورة لأول مرة في تاريخ الوزارة التي يفترض أنها داخلية تؤكد مرة أخرى أن التسريبات المتتالية لنسخ مختلفة وغير متشابهة للنظام الأساسي زمن التفاوض كان يحكمها نفس المنطق، استفزاز لا يساعد على فك الاحتقان في وقت فتح فيه رئيس الحكومة باب التفاوض».
هذا في الوقت الذي أعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم، الذي يضم 17 تنسيقية، عن خوض إضراب وطني جديد اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء والخميس المقبل، ويأتي هذا القرار في سياق ارتفاع وتيرة الإضرابات في قطاع التعليم إثر صدور القانون الأساسي لموظفي قطاع التعليم، والذي اعتبره رجال والنساء التربية والتعليم في المغرب غير منصف لهم، ودعا التنسيق إلى المشاركة بكثافة في ما سموها «مسيرة الكرامة»، اليوم الثلاثاء ومسيرة ستنطلق من أمام مقر البرلمان في الرباط نحو وزارة التربية الوطنية بالرباط بباب الرواح، مع خوض اعتصام جزئي أمامها.
وكانت الحكومة قد باشرت لقاءات مع النقابات من أجل امتصاص غضب شغيلة القطاع، وعدت فيها بمراجعة النظام الأساسي وإدراج مقترحات وتعديلات النقابات بشأنه، وذلك خلال لقاء جمع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بالكتاب العامون للنقابات، وهو اللقاء الذي قال يونس فراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، إنه قد تم خلاله «عرض تصور النقابات وقد انتقدنا موقف وزارة التربية الوطنية واعتبرنا الغضب الذي يشهده القطاع جاء نتيجة تخلي الوزارة عن وعودها بحل عدد من الملفات واللجوء إلى إصدار مرسوم النظام الأساسي خارج منهجية الحوار والتشاور مع النقابات»، مبينا في اتصال هاتفي مع «الأخبار» أن «النقابات أكدت على أن الثقة بينها وبين الوزارة الوصية باتت مفقودة، لذلك طالبنا بإشراف رئيس الحكومة على الجلسات المقبلة للحوار ومراجعة مرسوم النظام الأساسي بما يكفل الاستجابة لمطالب الشغيلة وتضمين مقترحات وتعديلات النقابات»، مبرزا قوله «طالبنا بتعديل المرسوم ولا يمكن عودة الحوار كما كان مع الوزارة لأنها فقدت الثقة لدينا، هناك ملفات مطلبية لم يتم فتحها وسيتم العمل على مناقشتها».
ولم يستبعد مهتمون بالشأن التربوي أن يؤدي تفعيل الاقتطاع من أجور هيئة التدريس في وقت تعرف الساحة التعليمية احتقانا غير مسبوق، إلى نتائج عكسية، معتبرين أن سلاح الاقتطاع الذي كانت قد سنته حكومة عبد الإله بنكيران، تطبيقا لمبدأ الأجر مقابل العمل، أكد في أكثر من مناسبة فشله في وضع حد للإضرابات التي تشهدها المدرسة العمومية أو على الأقل التخفيف منها.