شركات التنمية المحلية في مرمى تقارير وزارة الداخلية أغلبها تابعة لمجالس جماعية يترأسها قياديون “بالبيجيدي”
محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن وزارة الداخلية قامت بإجراء افتحاص لشركات التنمية المحلية التي أسستها العديد من المجالس الجماعية، خاصة بالمدن الكبرى، والتي يشرف على تسيير أغلبها رؤساء من حزب العدالة والتنمية. وأنجزت الوزارة تقريرا سجل مجموعة من الاختلالات التي تشوب تدبير هذه الشركات.
وقال الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، أثناء مثوله أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، إن العملية التي باشرتها وزارة الداخلية سنة 2018 من أجل تقييم أداء هذه الشركات، خلصت إلى تباين نتائج هذه الهيآت على مستوى المردودية والحركية، فبينما أكدت بعض هذه الشركات دورها الريادي في العمل المندمج والفعال، مع تحقيقها نتائج حسنة تتماشى والأهداف التي كانت وراء إحداثها، لا تزال شركات أخرى تفتقد للفعالية وللنجاعة المطلوبتين للنهوض بمهامها على أحسن وجه.
ومن بين الاختلالات التي سجلتها وزارة الداخلية، عدم تفعيل عمل اللجان المتخصصة والمنبثقة عن المجالس الإدارية للشركات، كلجنة الافتحاص ولجنة الاستثمار، وغياب رؤية استراتيجية للتنمية الترابية لدى الأجهزة الإدارية المسيرة، وعدم احترام بعض الجماعات الترابية لالتزاماتها المالية تجاه الشركات، مما ينعكس سلبا على تدبير مشاريعها وعلى قدرتها على الوفاء بالنفقات الملتزمة بها تجاه المقاولات المتعاقدة معها. ولتجاوز هذه المعيقات، أوصت الوزارة بالعديد من الإجراءات، من بينها العمل على توفير الموارد البشرية المؤهلة للتدبير والتسيير، والالتزام بتوفير التمويلات اللازمة لضمان استمرارية الشركة في تنفيذ مخططاتها التنموية، ومراجعة النظام الضريبي المفروض على هذا النوع من الشركات، بالنظر إلى مساهمتها الفعالة في تدبير المرافق والتجهيزات العمومية الحيوية، وابتكار آليات جديدة للتنسيق والقيادة لضمان الالتقائية والنجاعة في الأداء، خاصة في المدن الكبيرة والمتوسطة التي تشهد إحداث عدد مهم من هذه الشركات.
وكشف بوطيب، أمام أعضاء لجنة الداخلية بمجلس النواب، أنه لوحظ، من خلال الممارسة العملية، أن أغلب الجماعات الترابية أو مجموعاتها الراغبة في إحداث الشركات المذكورة أو المساهمة في رأسمالها، تواجهها مجموعة من الصعوبات، تتجلى في عدم التوفر على الموارد المالية اللازمة والمؤهلات البشرية الكافية، وغياب البرامج التدبيرية والمالية لهذه الشركات، مما يؤثر على تدبيرها المستقبلي وعلى ميزانها التجاري، والخلط في كثير من الأحيان بين المرافق ذات الطابع الاقتصادي والمرافق والأنشطة ذات الطابع الاداري، بالإضافة إلى ضعف الدراسات المالية والتقنية القبلية التي من شأنها مساعدة الشركة على تنفيذ مهامها بالجودة المطلوبة، مع الحفاظ على توازنها المالي.
وأشار الوزير إلى أنه لتجاوز الملاحظات التي أفرزتها التجربة العملية، فإن الوزارة تقوم بمواكبة الجماعات الترابية في إعدادها للوثائق المرتبطة بإحداث هذه الشركات، ولا سيما من خلال وضع نظام أساسي نموذجي رهن إشارتها قصد الاستئناس به من جهة وتنظيم دورات وعروض تكوينية لفائدة المنتخبين المحليين وموظفي الجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة على المستوى الترابي، من جهة أخرى. كما تعمل مصالح الوزارة على إعداد دليل يتعلق بكيفيات إحداث هذه الشركات، وذلك في إطار مواكبة الجماعات الترابية الراغبة في إحداثها.
ويعتبر إحداث شركات التنمية المحلية آلية حديثة لتدبير المرافق العمومية التي تدخل في اختصاصات الجماعات الترابية ومجموعاتها، والتي تم التنصيص عليها لأول مرة في الميثاق الجماعي إبان تعديله سنة 2009، والذي اعتمد منهجية تشاركية قامت على الحوار والتشاور الواسع مع جميع الأطراف المعنية، حيث تطلبت آنذاك عملية التحليل والاستشراف سنتين من المشاورات همت أكثر من 2000 منتخب محلي ووطني في إطار لقاءات جهوية موضوعاتية محددة الأهداف، أجمعت فيها الأطراف على ضرورة القطع مع الصيغ القديمة المتعلقة بشركات الاقتصاد المختلط واقتراح شكل جديد أكثر تطورا وأكثر تأطيرا على المستوى القانوني المتمثل في شركات التنمية المحلية.
وحسب المعطيات التي قدمها الوزير، فقد تم، إلى حد الآن، إحداث 18 شركة تنشط في تدبير المرافق والتجهيزات العمومية، خصوصا في مجال النقل العمومي الحضري، وتدبير مرفق الوقوف المؤدى عنه، وتدبير أسواق الجملة والمجازر والنقل المدرسي في المجال القروي، وإنجاز وصيانة المسالك القروية، وتنظيم التظاهرات وتدبير المناطق الصناعية. وكانت مدينة الدار البيضاء سباقة في نهج هذا الأسلوب الجديد في تدبير شؤون المواطنين، حيث تم إنشاء ست شركات خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 إلى 2014. وقال بوطيب، إنه بالنظر إلى أهمية هذه الشركات، تم تكريس هذه الآلية في القوانين التنظيمية الأخيرة المنظمة للجماعات الترابية، لمواكبة ارتفاع الحاجيات الملحة للمواطنات والمواطنين، لا سيما تلك المتعلقة بجودة وسرعة تقديم الخدمات في مجموعة من المجالات الحيوية والضرورية، خصوصا وأنها تتميز بالمرونة والسرعة في تنفيذ العمليات المرتبطة بأهدافها، وكذا بكونها تمكن من جلب الاستثمارات الخاصة بأشكال تفضيلية، ما يتيح إمكانية تخفيف العبء المالي عن ميزانيات الجماعات الترابية.