شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

شبهة تضارب المصالح بجماعة صفرو

رئيس المجلس يملك شركات تستفيد من امتيازات وصفقات

محمد اليوبي

 

 

حصلت «الأخبار» على وثائق تحيل على وجود شبهة تضارب المصالح بجماعة صفرو، التي يترأس مجلسها، أحمد رشيد الشريف، وهو بدون انتماء سياسي، وتم انتخابه بعد تقديم الرئيس السابق، حفيظ وشاك، لاستقالته من رئاسة المجلس، عقب تعرضه لضغوطات من جهات داخل المجلس وخارجه، من أجل تمديد صفقة تدبير قطاع النظافة بالمدينة. ويطالب مستشارون بالمجلس عامل الإقليم بتفعيل دورية وزير الداخلية، الداعية إلى تطبيق مسطرة العزل في حق الرئيس.

 

شركات في ملكية الرئيس

 

أفادت المصادر بأن حفيظ وشاك غادر منصب الرئيس احتجاجا على ما أسماه بالاختلالات المرصودة في عملية تسليم السلط من خلال محضر التسليم والقوائم المرفقة به، وعدم إعطاء عامل الإقليم أي مآل لتبرير التحفظات الموجهة إليه، وكذلك بأن هنالك ملفات تكتسي طابع الخطورة القانونية والمالية ما زالت عالقة، ولم يتم اتخاذ أي إجراء في شأنها من قبل عامل الإقليم، إضافة إلى محاولة فرض تمديد غير قانوني لعقد التدبير المفوض لمرفق النظافة وتدبير النفايات المنزلية، الذي كانت ستنتهي مدته في 21 ماي 2022، مع الضغط عليه لتوقيع ملحق التمديد وتقرير تبريري دون عرضهما على أنظار المجلس.

وعلى إثر ذلك نظمت انتخابات مكتب جديد للمجلس أصبح معها أحمد رشيد الشريف، رئيسا لجماعة صفرو، بدون انتماء سياسي، وذلك بعد صراع حاد مع منافسه زكرياء أونزار من حزب الاستقلال، وأسفر هذا الصراع عن شكايات متبادلة بين الفريقين بتهم شراء الأصوات، ونتج عن ذلك متابعة أعضاء فريق زكرياء أونزار.

وكشفت وثائق تتوفر عليها «الجريدة» أن الرئيس الجديد يمتلك عدة شركات تعمل في مجال الإنعاش العقاري والأشغال العمومية، وتملك عدة أراض غير مبنية داخل المجال الحضري، مما قد يجعل وضعه على رأس الجماعة مفيدا لشركاته، وهو ما انعكس بالفعل على وضعه بشكل ظاهر، سواء من خلال مساهمته في إعداد تصميم التهيئة، أو التعاقد مع باقي المتدخلين من شركة العمران والوكالة المستقلة للماء والكهرباء وغيرهما، أو من حيث باقي الامتيازات التي يمكن أن يحصل عليها بسبب المنصب، لذلك فقد كان من الطبيعي أن يضعه معارضوه تحت المجهر، وأن يراقبوا تحركاته وسكناته، وهو ما فطن له، فدعا إلى دورة استثنائية لمعاينة إقالة خمسة منهم، بدعوى غيابهم عن دورات المجلس لخمس جلسات متقطعة.

وجاء رد فعل المعارضة بسرعة على هذا القرار، إذ سرعان ما أخرجت ورقة تعارض المصالح التي يوجد عليها الرئيس، وتقدمت بشكاية ضده أمام الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس المكلف بجرائم الأموال، تتهم شركتيه «رؤية إيفولوسيون» و«شيماء ديفلومبمون» بامتلاكهما جزءا من عقار يوجد بالمجال الحضري للجماعة، وبكونه منذ اقتنائهما لذلك الجزء من العقار سنة 2018 تغاضى الرئيس الجديد عن مطالبة المالكين بأداء الرسم المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية، مما فوت على الجماعة مبالغ مالية مهمة تخص سنتي 2019 و2020 كرسوم سقطت بالتقادم، وذلك بعد مضي أربع سنوات، لكن الرئيس ورغم الشكاية الخطيرة الموضوعة ضده استمر في خطته، وشجعه على ذلك قرار حفظها من طرف الوكيل العام للملك، قبيل الدورة، حيث استصدر مقررا بإقالة خمسة أعضاء من المعارضة، داعيا إياهم إلى اللجوء إلى القضاء.

وفي هذا الصدد، أصدر القضاء الإداري بفاس حكما على جماعة صفرو يقضي بإيقاف تنفيذ مقررات الإقالة، من أجل تمكين الأعضاء الخمسة المقالين من حضور دورات المجلس، في انتظار البت في موضوع الطعن المقدم من طرفهم إلى المحكمة ذاتها، لكن الرئيس تحدى الحكم القضائي ورفض السماح للمحكوم لفائدتهم بحضور دورة أكتوبر، ملوحا بكونه قد استأنف الحكم القاضي بإيقاف التنفيذ الصادر لفائدتهم، رغم أنه جاء مشمولا بالنفاذ المعجل.

 

المعارضة تلجأ إلى القضاء

 

أمام صمت السلطة الاقليمية، قرر المستشارون المعنيون تقديم شكاية ثانية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، يثيرون من خلالها بأن الرئيس حين رفض السماح لمواطنين منتخبين عبر صناديق الاقتراع من حضور أشغال دورة قانونية لمؤسسة دستورية يكون قد قام بعمل تحكمي ماس بحقوقهم الوطنية، وهو ما يعتبره القانون الجنائي جناية من شأنها أن تؤدي في حال ثبوتها إلى الحكم على مرتكبها بالتجريد من الحقوق الوطنية، ومرة أخرى سيكون للوكيل العام للملك رأي آخر، إذ أحال الشكاية على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بصفرو للاختصاص، والبحث في ما قد يكون قد ارتكبه الرئيس من جنح، فما كان من وكيل الملك بصفرو سوى أن أمر الضابطة القضائية بالانتقال إلى مقر المجلس ومعاينة سجلات الحضور، وتسجيل ما إذا كان المشتكون قد حضروا الدورة، أم لا.

وأوضحت المصادر أن محاضر الدورة تتضمن فعلا توقيعات الأعضاء المشتكين، لأن قرار طردهم من طرف الرئيس جاء بعد دخولهم إلى القاعة وتوقيعهم في سجل الحضور، وخلافا لذلك فإن محضر الدورة يتضمن معطيات موثقة حول واقعة طردهم، لكن وكيل الملك بابتدائية صفرو قرر حفظ الملف، وبرر قراره بانعدام الإثبات، وعلى كون النزاع يكتسي طابعا إداريا، دون أن يفوته توجيه نسخة من المحضر إلى رئاسة النيابة العامة بالرباط.

وأفادت المصادر بأن رد المعارضين للرئيس لم يتأخر مرة أخرى، فقد حكمت المحكمة الإدارية بفاس لصالحهم في موضوع الطعن ضد مقررات معاينة إقالتهم، معتبرة أن ذلك القرار مشوب بالشطط في استعمال السلطة. وفي السياق نفسه اكتشف المعارضون أن الرئيس شارك في صفقة تبليط الأرصفة، وتزويد المدينة بقنوات الماء الصالح للشرب التي أعلنت عنها الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بفاس، بقيمة تفوق 180 مليون سنتيم، رغم أنه كرئيس للجماعة يعتبر عضوا في مجلس إدارة تلك الوكالة الجماعية، ولا يحق له المشاركة في مثل تلك الصفقات، والتي نالها بواسطة شركة ثالثة يملكها تحمل اسم «أرجام ديفلومبمونت»، فتقدموا بطلب إخراج شكايتهم الأولى من الحفظ وإعادة البحث فيها على ضوء الصفقة المكتشفة، والتي تبرز استفادة الرئيس من صفقات عمومية في تراب جماعة صفرو التي يرأسها، ومن خلال وكالة جماعية هو عضو بمجلس إدارتها، كما طالبوا الوكيل العام بحمايتهم كشهود ومبلغين، جراء التعسفات الإدارية والمادية والملاحقات بالشارع العام التي أصبحوا يتعرضون لها من طرف أنصار الرئيس، لكن الوكيل العام أصر على حفظ الشكاية مرة أخرى، دون أن يعير اهتماما لطلبهم الحماية كشهود ومبلغين، والتي كان يفترض فيه إصدار أمر بالقيام بتحريات وأبحاث بشأن تلك الواقعة على الأقل، لحماية المشتكين من الأذى، وتشجيعا للمواطنين على التبليغ عن جرائم الفساد.

وأكدت المصادر أنه رغم حفظ الشكاية من طرف الوكيل العام للملك، فإن الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء كان لها رأي آخر، فقد رأت في تلك المشاركة إخلالا خطيرا بقواعد الحكامة الجيدة، وألغت الصفقة لعدم أحقية شركة رئيس المجلس في المشاركة فيها، والسؤال المطروح هو كيف تجرأ الرئيس على المشاركة في صفقة عمومية يعلم بأنه لا حق له في المشاركة فيها؟ وكيف سمح لنفسه بأن يحرر إقرارا بالشرف بأن شركته لا توجد في وضعية تعارض المصالح، وهو شرط يستلزمه القانون المنظم للصفقات العمومية، وكذا دفتر الشروط الخاصة بالصفقة؟ وكيف أن عمالة صفرو التي كانت سببا في استقالة الرئيس السابق وشاك، واستبداله بـ«الشريف» لم تحرك ساكنا تجاه تحدي هذا الأخير لأحكام القضاء ورفضه الامتثال لإيقاف التنفيذ المحكوم به، ولا تجاه مزاعم تعارض المصالح المنسوبة إليه من طرف معارضيه والثابتة بوثائق رسمية؟

والخطير في الأمر، تضيف المصادر أن الرئيس برمح في دورة فبراير 2024 نقطة تتعلق بالدراسة والتصويت على إلغاء المقرر رقم 201، بتاريخ 20 يونيو 2023، المتعلق بقبول هبة عبارة عن قطعة أرضية من طرف شركة «شيماء استثمار»، ذات الرسم العقاري 41/60408 لفائدة جماعة صفرو، كما برمج نقطة أخرى في جدول أعمال الدورة تتعلق بالموافقة على اقتناء هذه القطعة من طرف الجماعة، لكن تم إسقاط هاتين النقطتين من جدول أعمال الدورة، ويتبين من خلال الوثائق، أن هذه الشركة هي في ملكية الرئيس، حسب السجل التجاري المستخرج من المحكمة الابتدائية بصفرو.

 

 

مؤطر

 

تضارب المصالح يؤدي إلى العزل

 

وجه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، دورية إلى الولاة والعمال بخصوص تضارب المصالح بالجماعات الترابية، وذلك من خلال مطالبتهم بتفعيل مسطرة العزل المنصوص عليها في المادة 65 من القانون التنظيمي 14. 113، المتعلق بالجماعات الترابية، في حق أي رئيس أو عضو ربط مصالح خاصة بالجماعة.

وتنص المادة 65 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية على أنه يمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مع مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقودا للامتياز أو الوكالة أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافق العمومية للجماعة، أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه، وتطبق نفس الأحكام على عقود الشركات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها.

وتطبق مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات على كل عضو أخل بالمقتضيات السابقة، أو ثبتت مسؤوليته في استغلال التسريبات المخلة بالمنافسة النزيهة، أو استغلال مواقع النفوذ  والامتياز، أو ارتكب مخالفة ذات طابع مالي تلحق ضررا بمصالح الجماعة، وتنص هذه المادة على أنه إذا ارتكب رئيس المجلس الجماعي أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة، قام عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه بمراسلته قصد الإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه، داخل أجل لا يتعدى 10 أيام، ابتداء من تاريخ التوصل، وحسب المادة نفسها، يجوز للعامل أو من ينوب عنه، بعد التوصل بالإيضاحات الكتابية، أو عند عدم الإدلاء بها بعد انصرام الأجل المحدد، إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية وذلك لطلب عزل عضو المجلس المعني بالأمر من مجلس الجماعة أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو المجلس، وتبت المحكمة في الطلب داخل أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ توصلها بالإحالة، وفي حالة الاستعجال، يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله بالطلب، ويترتب على إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، لا تحول إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية دون المتابعات القضائية، عند الاقتضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى