شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

شبح البيوت القاتلة

عاد شبح حوادث انهيار المباني السكنية ليهدد مصير مئات الآلاف من السكان، الذين يقطنون بيوتا مهترئة بالمدن العتيقة والحديثة على حد سواء. وكان آخر هذه الحوادث انهيار بيت في مدينة الدار البيضاء في مشهد متكرر لا يمكن توقعه أو إيقافه، بسبب وجود الآلاف من العقارات الآيلة للسقوط، دون أن تتخذ في حقها تدابير استباقية ودون أن تجبر السلطات قاطنيها على مغادرتها والبحث لهم عن بديل يجنبهم الموت تحت الأنقاض.

ورغم أن حادثة سقوط بيت البيضاء، الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يخلف أي ضحايا في الأرواح، لكنه حادث أعاد السؤال المُلّح: كيف يمكن وقف ظاهرة انهيار العقارات المعرضة للسقوط في أي لحظة، خاصة مع وجود أكثر من 100 ألف عقار آيل للسقوط منتشرة في المدن العتيقة المغربية؟

لا أحد ينكر المجهودات العمومية المبذولة في مجال محاصرة البيوت المهددة بالانهيار، والتي انتهت بإصدار قانون خاص بالمباني الآيلة للسقوط، وإحداث وكالة تعالج عمليات التجديد الحضري، كما أنه لا يمكن تجاهل صرف أكثر من 600 مليار سنتيم إلى حدود الساعة لإيقاف البيوت القاتلة، لكن ما زال أمام الحكومة والسلطات العمومية الكثير من العمل من أجل القضاء على شبح سقوط المنازل التي تنشط مع أولى قطرات المطر. وهذا يضعنا أمام مساءلة نجاعة إحداث وكالة وطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، وتخويلها امتيازات السلطة العامة بما فيها نزع الملكية وحق الأولوية وتملك العقارات، لكي يتسنى لها الاضطلاع بالمهام الجسيمة المنوطة بها على أكمل وجه، ومع ذلك فشلت في إجبار عشرات الآلاف من العائلات من مغادرة بيوتهم المهددة بالانهيار.

والحقيقة أن استمرار خطر البيوت الآيلة للانهيار ليس فقط نتيجة نجاعة مؤسسة بعينها أو مرتبط بحسن تطبيق قانون محدد بل هي مشكلة مركبة ومعقدة مرتبطة بما هو مؤسساتي وقانوني ومرتبطة كذلك بمظاهر الرشوة والفساد والمحسوبية والتقصير والحسابات الانتخابية التي يتواطؤ فيها المسؤول المعين بالمنتخب بسماسرة العقار بالمواطن نفسه. لذلك إذا لم يتم استئصال الأسباب من جذورها فإن العقارات الآيلة للسقوط، ستظل صداعا مزمنا في رأس كل الحكومات المتوالية، وسيظل خبَر سقوط عقار على رأس ساكنيه ولربما التسبب في وفاة أحد المواطنين وإصابة البعض الآخر، عاديا وغير مُزعِج ولا يمثل كارثة حقيقية، سوى على أهل العقار المهدوم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى