من المفارقات الغريبة أن سيدي قاسم التي أنجبت رئيس جامعة، أنجبت أيضا العديد من المدربين؟
لا أحد ينكر دور هذه المدينة في إنجاب خيرة المدربين داخل البطولة المغربية وخارجها، أولا لابد من الإشارة إلى أن غالبية اللاعبين القدامى دربوا الفريق القاسمي عند اعتزالهم، بل هناك من كان لاعبا ومدربا في نهاية مشواره. المدرب بادو الزاكي من أبناء سيدي قاسم والعامري عزيز وشقيقه حسن، حتى وليد الركراكي له أصول من سيدي قاسم كما أخبرني بذلك، ودحان اللاعب الذي مثل المدينة في بعثة المنتخب سنة 1970 بالمكسيك، أيضا إدريس اللوماري وحسن الركراكي وقبلهما العربي الشباك، وصلاح الدين احميد وعدد لا يحصى من المدربين، أخشى أن أنسى أحدهم فيغضب عني. باختصار سيدي قاسم مدرسة تخرج منها عدد كبير من المدربين. لا يقتصر توهج المدينة على المجال الرياضي وكرة القدم على الخصوص بل تألق أبناؤها البررة في مجالات أخرى سياسية وديبلوماسية وفكرية وحتى فنية.
كيف تعاملت العائلة مع انخراط ابنها مبكرا في الاتحاد القاسمي؟
والدتي كانت ترفض أن يلعب ابنها الكرة، عكس والدي تماما الذي كان يشجعني وهذا التعارض كان يشكل لي حرجا كبيرا، علما أن والدي كان لاعبا في الاتحاد القاسمي وكان يود أن يكون ابنه بمثابة الخلف وهو ما حصل، بينما الوالدة تذكرني دوما بما ينتظرني في المدرسة من فروض وغالبا ما تتدمر حين أتغيب عن حصة دراسية من أجل حصة تدريبية. وحتى ألبي رغبتهما معا وأكون من السباقين للجمع بين الكرة والدرس والتحصيل، حرصت على الحضور بقوة في الملعب والقسم كنت متألقا هنا وهناك، وهذا ما يطمئنهما معا. وبشهادة جميع زملائي تألقت في دراستي وقررت أن أتابع تكويني العالي في الرياضة لأصبح أستاذا للتربية البدنية بعد دخول المدرسة العليا للأساتذة وتم تعييني في مدينة سيدي قاسم حتى أظل قريبا لفريقي الذي أصبحت واحدا من ركائزه.
وعلاقتك بالمنتخب متى بدأت؟
بدأت مع المدرب القدير حسن أقصبي شفاه الله، والذي تدربت معه ضمن منتخب للفتيان ثم الشبان مكون من خيرة اللاعبين الذين سيحملون لاحقا قميص الفريق الوطني الأول، وهنا أتحدث عن الزاكي والتيمومي وبودربالة وسحاسح ونقيلة ومجيدو لاعب الوداد وبوشخاشخ وأسماء أخرى، تألقنا بشكل ملفت في دورة الصين الدولية وحصلنا على الميدالية الذهبية، وكنا قاب قوسين أو أدنى من المشاركة في كأس العالم باليابان الذي عرف مشاركة ماردونا لكن هفوات بسيطة أمام غينيا حالت دون ذلك.
هؤلاء ستتاح لهم فرصة الانضمام للمنتخب المغربي بعد نكبة الجزائر سنة 1979، لكنك لم تشاركهم شرف بناء فريق وطني جديد؟
هذا سؤال مهم لأنني كنت من الجيل الذي تلا فرس واعسيلة والهزاز واسحيتة وليمان وشباك، وإن كنت قد لعبت معهم وضدهم في كثير من المباريات، ما حصل هو أن المنتخب المغربي مني بخسارة في التاسع من دجنبر 1979 ضد المنتخب الجزائري في عز الخلافات السياسية بين البلدين، هنا تدخل الملك الحسن الثاني وأعطى تعليماته بحل الجامعة وتكوين منتخب جديد، لم أكن ضمن المنتخب الذي أشرف عليه فونتين بمساعدة حيمدوش وجبران، لكني سأعود للمنتخب بقبعة أخرى قبعة المدرب، رغم أنني كنت ألمس في نفسي كل مقومات حضور مونديال 1986 كلاعب إلا أن القدر اختار لي مشوارا آخر وسأصبح يوما مدربا للفريق الوطني.
كانت مباراة الجزائر فرصة لتجديد هياكل فريق سيحضر في المونديال وسيفوز بذهب ألعاب البحر المتوسط وسينال الميدالية النحاسية في كأس إفريقيا 1980 رب ضارة نافعة إذن؟
مهما كانت حدة الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر، فإن علاقة الأخوة والجوار والتاريخ المشترك الذي يربطنا مع الأشقاء الجزائريين هي أقوى من هذه الخلافات. وأنا كمغربي سأكون الأول الذي يصفق للمنتخب الجزائري إذا توج بلقب قاري أو عالمي لأن الكرة تجمع ولا تفرق. العديد من المواجهات، سواء الرسمية أو الودية التي جمعت بين المنتخب الجزائري والمغربي، عرفت فوز هذا الطرف وخسارة الآخر، تارة تبتسم الكرة لنا وتارة لهم هذه هي الكرة ليس فيها فائز أبدي. فاز الجزائر على المغرب سنة 1979 بالدار البيضاء بخمسة أهداف لواحد. وفاز المغرب على الجزائر في صفاقس ضمن دور الربع النهائي لبطولة أمم إفريقيا 2004 بتونس بثلاثة أهداف لواحد. وفزنا في مراكش برباعية، والحياة تستمر. تصور أن المدرب حميدوش الذي جاء بعد نكبة دجنبر 1979، وأشرف على تجديد الفريق الوطني، سأجد نفسي مساعدا له حين أشرف على تدريب منتخب الشبان، وكانت بداياتي في عالم التدريب مع أناس لهم من الخبرة ما يؤهلني لرسم أحلامي دون خوف.
ستشرف على منتخب المغرب للشبان وتحصل على كأس إفريقيا، ما هي وصفة الانتصار؟
وضعت في الجامعة الثقة للإشراف على المنتخب المغربي والحمد لله حققت أول أحلامي كمدرب، علما أن المسؤولين في تلك الفترة لم تكن لهم الثقة الكاملة في المجموعة، بدليل أنه أثناء وضع سلم المنح والتحفيز المالي، وضعوا منحا وكانوا يقولون مهما كانت قيمة المنح فإن اللاعبين لن يفوزوا بالكأس القارية. في المباراة النهائية رددنا القرآن كثيرا قبل الخروج من مستودعات الملابس والالتحاق بأرضية الملعب، كانت أجواء مهيبة، والكل تأثر في تلك اللحظات، وكانت تلك الأجواء الروحية دافعا مهما نحو تحقيق اللقب، بالإضافة للحضور الكبير، لجماهير المنتخب الوطني المغربي، بالملعب الشرفي بمدينة مكناس. واجهنا منتخبا قويا يملك أسماء التحقت بالمنتخب الأول لجنوب إفريقيا فيما بعد، لكننا كنا نمتلك أسماء قوية بالمقابل، ستشكل نواة الفريق الأول.