شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

 سيرة المكان بين الأدباء والمدن

 إعداد وتقديم سعيد الباز

 

استدعى ارتباط الإنسان الوثيق بالأمكنة حضورها القوي في الكتابات الأدبية في شتى أنواعها المختلفة. لم يعد المكان بعدا مستقلا ومحدودا في جغرافيته الضيقة، بل أضحى أحد المكونات الأساسية والفاعلة التي تتأسس عليها الذاكرة الإبداعية وتستند عليها في كتابة سيرة المدن والأمكنة وسبر أغوارها وما تحفل به من دلالات تسعى الأعمال الأدبية إلى استنطاقها وقراءة تحولاتها العميقة عبر الزمن.

 

أورهان باموق.. إسطنبول، الذكريات والمدينة

 

 

ينطلق الكاتب التركي أورهان باموق، في استرجاع ذكريات طفولته، من الصورة الأولى التي التقطت له في سنواته الأولى معتبرا صاحب الصورة أورهان آخر هم بمثابة شبح له وقرينه وتوأمه: «ساورتني، منذ نعومة أظافري، شكوك في أنّ دنياي بها أكثر مما أرى: كان يعيش، في مكان ما في شوارع إسطنبول، في منزل يشبه منزلنا، أورهان آخر يشبهني كثيرا لدرجة يمكن أن يُقال معها إنّه توأمي، أو حتّي قريني. لا أذكر من أين أو كيف راودتني هذه الفكرة، لابدّ أنّها انبثقت من شبكة من الشائعات وسوء الفهم والأوهام والمخاوف. لكن يتضح في إحدى أقدم ذكرياتي ما شعرتُ به تجاه شبحي الآخر». أمّا عن علاقته بمدينة إسطنبول، التي كانت ملهمته الأولى في كتابته ومصدر عوالمه المتخيلة: «… هنا نأتي إلى لبّ القضية: لم أترك إسطنبول أبدا، لم أترك المنازل والشوارع وأحياء طفولتي أبدا. ومع أنني عشتُ في مقاطعات مختلفة من وقت لآخر، إلّا أنني وبعد خمسين عاما وجدتُ أنّني أعود إلى منزل آل باموق، حيث التقطت لي أولى الصور الفوتوغرافية وحيث حملتني أمي بين ذراعيها في البداية لتريني العالم. أعرفُ أنّ هذه المثابرة تُدين بعض الشيء لصديقي الخيالي، أورهان الآخر، والعزاء الذي يقدمه لي الارتباط بيننا، لكننا نعيش في عصر يُعرف بالهجرة الجماعية والمهاجرين الخلاقين، حتّى أنني اضطررتُ أحيانا إلى تقديم تفسير للسبب الذي جعلني أبقى ليس في المكان نفسه فقط، بل في المبنى نفسه. ويعود إليّ صوتُ أمّي في أسى: «لماذا لا تذهب إلى الخارج لبعض الوقت؟ لماذا لا تحاول تغيير المشهد، وتقوم ببعض الرحلات…؟»

عُرف كتّاب مثل «كونراد» و«نابوكوف» و«نايبول» بهجرتهم بين اللغات والثقافات والبلاد والقارات، وحتّى الحضارات. تغذّت أخيلتهم على الاغتراب، غذاء لا يأتي عبر الجذور بل عبر اقتلاع الجذور. إلّا أنّ خيالي يتطلب أن أعيش في المدينة نفسها، وفي الشارع نفسه، وفي المنزل نفسه، محدقا في المنظر نفسه. إنّ قَدَر إسطنبول قدري. وأنا مرتبط بهذه المدينة لأنّها جعلتني ما أنا عليه.

ذُهل «غوستاف فلوبير»، وقد زار إسطنبول قبل ميلادي بمائة سنة واثنتين، بتنوع أنماط الحياة في شوارعها المزدحمة، وتنبأ في إحدى رسائله بأنّها ستصبح في خلال قرن عاصمة العالم. لكن حدث العكس: نسي العالم، بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، وجود إسطنبول. كانت المدينة التي ولدتُ فيها أفقر وأسوأ وأكثر عزلة مما كانت عليه في أيّ لحظة عبر تاريخها الممتد إلى ألفي عام. كانت إسطنبول دائما، بالنسبة لي، مدينة الخراب وسوداوية نهاية الإمبراطورية. وقد قضيتُ حياتي أحارب هذه السوداوية أو أجعلها (مثل أهل إسطنبول جميعا) سوداويتي.

يقودنا تأمّل الذات، ولو مرة واحدة في العمر، إلى فحص ظروف ميلادنا. لماذا ولدنا في هذا الركن من العالم وفي هذا الزمن تحديدا؟ إنّ هذه العائلات التي ولدنا فيها، هذه البلاد والمدن التي جعلها القدر من نصيبنا، تتوقع منّا الحب، فنحبّها في النهاية من أعماق قلوبنا، لكن هل كنّا نستحق الأفضل؟ أحيانا أعتقد، أنني سيئ الحظ لأنّي ولدتُ في مدينة عجوز فقيرة مدفونة تحت رماد إمبراطورية خربة. لكنّ صوتا في أعماقي يصرّ دائما على أنّ هذا كان من حسن الحظ. لو كانت مسألة ثروة، فمن المؤكّد أنني يمكن بالتأكيد أن أعتبر نفسي محظوظا لأنني ولدتُ لعائلة ميسورة حين كانت المدينة في أسوأ حالاتها (مع أنّ البعض رأوا عكس ذلك) لا أميل غالبا إلى الشكوى، قبلتُ المدينة التي ولدتُ فيها كما قبلتُ جسدي (بقدر ما تمنيتُ أن أكون أكثر وسامة وتكون بنيتي أفضل… هذا قدري ولا معنى للجدل بشأنه، وهذا كتاب معنيٌّ بالقدر».

 

نسيمة الراوي.. تياترو ثرفنطيس

 

اتّخذت الشاعرة والروائية المغربية نسيمة الراوي، في روايتها «تياترو ثرفنطيس»، من مدينة طنجة إطارا عاما لأحداثها، ومن مسرح تياترو ثرفنطيس، هذه المعلمة الفنية والتاريخية، رمزا بعيد الدلالة من خلال سيرة مكان محمّل بعدة أوجه تاريخية وأسطورية، أو كما يقول الناقد والكاتب المغربي محمد برادة عن الرواية: «جعلتْ من طنجة فضاءً لها، عرفتْ كيف تُزاوج بين كتابة الذاكرة المجروحة، وتحولات المدينة الأسطورية في سياق التحديث والانفتاح الكوْكبي. وسبق لنسيمة أن شيّدت قصائدها في ديوانها «قبل أن تستيقظ طنجة» من حَطَبِ العواطف الممتزجة بأساطير المدينة «الدولية» وما تنطوي عليه من رموز، لكنها هنا، تستوحي تفاصيل الحياة الحميمة من خلال خيْبةِ أملِ فتاة في مستقبل العمر، كانت تصبو إلى أن تقطفَ النجوم بأنامِلها». من أجواء الرواية هذا المقتطف:

«… مساء، ونحن عائدان إلى البيت، مررنا أمام مبنى يشبه كثيرا بعض المباني القديمة التي تظهر في أفلام السينما التاريخية. توقفنا للحظة، جدّي صامت يتأمّل هذه البناية، شاركته الصمت والتأمّل، بناية ضخمة ذات معمار إسباني، ربّما وضع تصميمها فنان عاش في طنجة أيام الحماية، البناية في حالة رثة شبه مدمرة تخيلتها تبكي حظها العاثر، لكنّها تحتفظ بألق خاص رغم تعاقب السنين وعوامل التعرية والرطوبة، فما زال الهيكل قائما، بناية بطول فارع، شكلها المستطيل جعلها تحتلّ مساحة كبيرة، لها ثلاثة أبواب طليت بلون آجوري باهت، وبين كلّ بابين أسوار تتخذ شباكا حديديا يجعلك تشهد الدمار الذي حلّ في فناء هذه البناية، تتخللها نوافذ زجاجية أغلبها مهشم، عوض الزجاج بكرتون بنيّ يحجب ما بداخل البناية، وفي وسط البناية لوحة رخامية مائلة إلى الأصفر كُتب فوقها بالأصفر Gran teatro Cervantes، وتحتها وضعت سنة 1913، ربّما هي سنة تدشين هذه البناية. كم هي عتيقة هذه البناية، فوق اللوحة الرخامية مباشرة كائنات حجرية تحاول التحليق، جدران البناية مائلة للسواد… حالة من الفوضى تعمّ هذا المكان، يبرق سؤال في ذهني، لماذا تعيش هذه العزلة؟ لماذا اختفت اليد التي يفترض أن تخفف عنها بؤس السنوات؟ أتخيّل هذه البناية عجوزا وحيدة تحتضر، ولا يد هناك تودعها، أتخيّلها امرأة منكوبة تتذكر مجدها بحرقة… لا يسعني سوى أن أتعاطف مع ألمها. أنتبه لرقم 13، وأتذكّر أبي الذي أبحر إلى مجرة أخرى، ربّما نتشابه في ألمنا ونحلم بيد تنتشلنا من بركة الوحل التي نغرق فيها.

ألتفت إلى جدّي الغارق في التأمل، أحاول إثارة انتباهه، دون جدوى، أقبض بيدي اليمنى على يده اليسرى، فيحسّ بوجودي، يبتسم ابتسامة فيها ألم ظاهر، يشير بسبابته اليمنى إلى السماء، كما فعل يوم أخبرني أنّ أبي قد صار هناك… تسلك عينيّ الاتجاه نفسه الذي تشير إليه سبابته. أرى كائنات صغيرة مصنوعة من الحجر تلتصق فوق المبنى وكأنّها تحاول اللحاق بالملائكة، أتخيّل حكايتها… أتذكّر حلمي القديم بالطيران. أربط تلك الكائنات الصغيرة بي، وبحلمي. أتمنّى أن أتحوّل إلى تمثال يثَبّتُ إلى جنب تلك الكائنات على سطح البناية الضخمة التي أغبطها لأنّها أقرب منّي إلى السماء…

 

بول أوستر.. ثلاثية نيويورك

كانت نيويورك فضاء يستحيل اختراقه، متاهة من خطوات لا نهاية لها، وأيّا كان المدى الذي ذهب إليه أو كانت إجادته معرفة الأحياء والشوارع، فإنّها كانت تتركه دائما بشعور بأنّه قد ضلّ الطريق. ضلّ الطريق لا في المدينة وحدها، وإنّما في داخل ذاته كذلك. وفي كلّ مرّة قام فيها بجولة ساوره شعور بأنّه كان يترك نفسه وراءه. وكان بمقدوره، بتكريس نفسه لحركة الشوارع، وبتقليص ذاته إلى عين مبصرة، أن يهرب من الالتزام بأن يفكّر، وقد جلب له هذا، أكثر من أيّ شيء آخر درجة من السلام، وخواء صحّيا في الأعماق. كان العالم يقبع خارجه، حوله، أمامه، وجعلت السرعة التي واصل بها التغيّر من المستحيل عليه أن يركّز على أيّ شيء بمفرده وقتا طويلا للغاية. كانت الحركة شيئا ينتمي إلى الجوهر، عملية وضع قدم أمام الأخرى والسماح لنفسه بأن يتبع انطلاقة جسمه. ومن خلال التجوّل دونما هدف، أصبحت كلّ الأماكن متساوية، ولم يعد موضعه شيئا يكترث به. واستطاع في أفضل جولاته أن يشعر بأنّه في لا مكان. كانت نيويورك هي اللّامكان الذي بناه حول نفسه، وأدرك أنّه لا يعتزم مغادرتها أبدا.

كان لـ«كوين» في الماضي طموح أكبر، وقد أصدر في صدر العمر عدّة دواوين شعرية، وكتب مسرحيات ومقالات في النقد، وعمل في إنجاز عدد من الترجمات، ولكنّه على حين غرّة تخلّى عن هذا كلّه تماما. حدّث أصدقاءه بأنّ جزءا منه قد مات، وبأنّه لا يرغب في أن يعود هذا الجزء فيطارده. وفي ذلك الوقت حمل اسم وليام ولسون. لم يعد «كوين» ذلك الجزء منه الذي كان بمقدوره تأليف الكتب، وعلى الرغم من أنّ «كوين» واصل الوجود في كثير من الجوانب، فإنّه لم يعد موجودا بالنسبة لأحد، إلّا بالنسبة لنفسه. واصل التأليف، لأنّه الشيء الوحيد الذي أحسّ بأنّ بمقدوره القيام به، وبدت الرواية البوليسية حلا معقولا، ولم يعان كثيرا في ابتكار القصص المركبة التي تقتضيها هذه الروايات، وكتب بصورة جيّدة، رغما عنه غالبا، كأنّما أتى ذلك دون الاضطرار إلى بذل جهد يذكر، ولأنّه لم يكن يعتبر نفسه مؤلّف ما يكتبه، لم يساوره الشعور بالمسؤولية عنه، وبالتالي لم يكن في قرارة نفسه مضطرا للدفاع عنه. فقد كان وليام ولسون، في نهاية المطاف، اختراعا، وعلى الرغم من أنّه وُلد في أعماق «كوين» نفسه، فإنّه يحيا الآن حياة مستقلة. وقد عامله «كوين» باهتمام، بل وبإعجاب في بعض الأحيان، ولكنه لم يمض قط إلى حدّ الاعتقاد بأنّه ووليام ولسون شخص واحد، ولهذا السبب فإنّه لم يكشف عن وجهه قناع الاسم المستعار الذي يستخدمه… وفي البداية، عندما علم أصدقاؤه بأنّه قد توقّف عن الكتابة، راحوا يسائلونه عن الكيفية التي يعتزم بها أن يتدبر أمر حياته، فأبلغهم جميعا بالشيء ذاته: أنّه قد ورث رصيدا موقوفا عن زوجته. ولكنّ الحقيقة هي أنّ زوجته لم يكن لديها مال قطّ، والحقيقة أيضا أنّه لم يعد لديه أيّ أصدقاء.

 

محمد زفزاف.. الثعلب الذي يظهر ويختفي

 

تدور أحداث رواية محمد زفزاف «الثعلب الذي يظهر ويختفي» في مدينة الصويرة في مرحلة تاريخية محددة تعود إلى زمن كانت فيه قبلة لحركة الهيبيين، رصد فيها هذه الظاهرة وأخضعها للكثير من التأمل في مظاهرها المختلفة والغريبة، محاولا استبطان مكامن النفس البشرية والكشف عن أسرارها.

«… كانت الشباك هناك على بعد أمتار مبسوطة فوق الرصيف، وكانت المراكب وكان البحر وكانت الجزيرة وكان الأفق، وكان عالم آخر وراء الأفق، أمريكا. ربما كان هناك أناس آخرون على الشاطئ المقابل من الشرق الأمريكي يتناولون أيضا سردينا، ويفكّرون فينا في نفس اللحظة. يفكّرون أن العالم ضيق وأنّ ما يفصلنا عنهم سوى مجرى مائي. كانت الأسماك تلمع تحت أشعة الشمس وهي تُفرغ في الصناديق أمامنا. أمّا فواكه البحر الأخرى المشهية فكانت تُجمع بعناية مثل سرطان البحر والجمبري والمحار، وكان الناس متجمعين حول الرصيف واقفين أو جالسين ينظرون إلى عملية نقل الأسماك من المراكب، أو ربما يتاجرون لا أدري. رائحة السردين المشوي تنبعث من كلّ مكان، والناس يلتهمونه بنهم ولذة. الهيبيون لم يكونوا يفضلون أكله بالخبز. الشواؤون يعرفون ذلك جيدا، ولذلك فحصصهم من الخبز كانت تُحوّل إلى المغاربة.

… منذ ثلاثة أيّام لم أنم بما فيه الكفاية. السهر موجود هنا في كلّ مكان. تلتقي أشخاصا في كلّ الأماكن، يتحدثون إليك بسهولة، بتلقائية كبيرة، وبدون خوف. منهم من يقتسم معك السندويش، ومنهم من يقتسم معك زجاجة الليمونادة أو كأس الشاي. منهم من يعرض عليك السفر إلى الجنوب أو إلى الشمال بدون مقابل. السيارات كثيرة تظهر في هذا اليوم لتختفي في اليوم الآخر. كان يعجبني أن أتمشى بدون هدف، أنتقل من هذا الدرب لذاك، الهيبيون في كلّ مكان. الهيبيون يسكنون فنادق رخيصة أو بيوتا ضيقة ومظلمة في الغالب، هنا أو هناك في درب أهل أكادير، في درب الملاح القديم، في بني عنتر، في الحدادة، في صانديو. إنّهم مثل الفئران، تخرج لتقتات ثم تعود إلى الجحور.

… كانت الساحة توشك أن تخلو من المغاربة. وكانت أفواج من الهيبيين تعبر الساحة، حفاة أو منتعلين. وفي مواجهة المقهى سيارات تحمل أرقاما وعلامات لدول مختلفة، لم تكن سيارات فخمة أو حديثة، ولكنّها من النوع الذي يصمد في وجه الطرقات كيفما كانت. أنهيتُ الكعك وأشعلتُ سيجارة. صوت التليفزيون في الداخل يصلني زاعقا. كنتُ أسمع بعض الكلمات المصرية دون أن ألتقط جملة واحدة. لاشك أنّه مسلسل مصري يتحدث عن الحب أو عن سيرة الرسول أو مشاهير التاريخ في الإسلام، هذه هي المواضيع المفضلة لدى عرب المشرق، أو على الأقل، هذا ما يعرضه تليفزيون الرباط.

… بعد أيام غادرتُ ذلك الفندق واكتريتُ بيتا في القرية بثمن أرخص بكثير. وكلّما رخصت الحياة طالت الأيام هنا. وماذا أفعل في الدار البيضاء؟ ليس عندي فيها لا الحسن ولا الحسين… كلّ ما عندي هناك غرفة قذرة ومرحاض ودوش وقطعة إسفنج أنام عليها وحصير وكتب متراكمة فوق الأرض…

طالما طرحتُ على نفسي هذا السؤال وأنا في القسم أمام التلاميذ. ثمّ ماذا سيصبح عليه هؤلاء الهيبيون والهيبيات؟ إذن فلنترك الجواب للعقدين القادمين. دائما يجب النظر إلى المستقبل. وهذا لا يفعله الناس عادة. وذلك هو سبب مشاكلهم اليومية. انظر إلى ما مضى وتأمّل في ما سيكون. فلنتأمل بالرغم من أننا لا نملك اليقين. بقدر ما نقوم بتلك العملية نكون أقرب إلى وضع أنفسنا في أحجامها الحقيقية. فالذين من حولنا إمّا أن يضخمونا أو يخربونا. وغالبا ما ينفخون في البالون ثم يثقبونه.

 

علاء الأسواني.. الأشجار تمشي في الإسكندرية

 

 

اختار الروائي المصري علاء الأسواني، في روايته الأخيرة «الأشجار تمشي في الإسكندرية»، فضاء هذه المدينة الأسطورية خلال فترة تاريخية محددة عقب الثورة المصرية. تناول فيها الكاتب سيرة هذه المدينة وعوالمها الغريبة بين مختلف الأجناس والأديان أجانب ومصريين من أهل البلاد، لكنّهم يشكلون مع ذلك نسيجا متجانسا فريدا من نوعه. الرواية ترصد هذه اللحظة التاريخية التي ستفقد فيها هذه المدينة سمتها الاستثنائية، حيث ستعصف الثورة بكلّ ما كانت تتميّز به، فقد تعرضت تجارة الأجانب، ومن منهم من أصول غربية، إلى التأميم ما اضطرهم إلى هجرتها، أو تمّ التوجس منهم والنظر إليهم على أنّهم أجانب مشكوك في ولائهم للبلاد، ومصريون من أبناء البلد جُردوا من ألقابهم أو مكانتهم الاجتماعية، بينما البعض منهم ممن ناصروا الثورة وآمنوا بمبادئها الثورية سرعان ما أصيبوا بخيبة أمل شديدة.

في الرواية نجد إحدى شخصياتها الفنان التشكيلي أنس الصيرفي يصف مدينته: الاسكندرية بالغة اللطف والرقة. سوف تحتضنك هذه المدينة بغض النظر عن لغتك ودينك وأصلك. أين في هذا العالم ستجد مدينة أخرى تقصّ فيها شعرك عند حلّاق يوناني وتتناول غداءك في مطعم مملوك لزوجين إيطاليين وتعلّم أولادك في مدرسة فرنسية ثم إذا وقعت في مشكلة قضائية يدافع عنك محام أرمنيّ؟ كم مدينة في العالم تحتفل بنفس الحماسة والبهجة، بأعياد المسلمين والأقباط الأرثوذكس والمسيحيين الكاثوليك والبروتستانت واليهود؟ معظم روّاد الفنّ التشكيلي عاشوا في اسكندرية». وفي حوار الشخصية نفسها يتنبأ أنس الصيرفي بمصير مدينة الاسكندرية:

 

– هل سمعت عن زرقاء اليمامة؟

– لا.

– زرقاء اليمامة امرأة عربيّة عاشت قديمًا. كانت معروفة بقوّة بصر خارقة وكانت قبيلتها تستعملها لاستطلاع تحرّكات الأعداء. بفضل بصرها الخارق كانت تكشف تحرّكات الأعداء مبكرًا ممّا جعل قومها ينتصرون في كلّ حروبهم. وذات يومٍ استطلعت زرقاء اليمامة الطريق وقالت لقومها: «إنّي أرى الأشجار تمشي».

فلم يصدّقها أحد. سخر الناس منها واتّهموها بأنّها كبرت وخرفت ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّ الأعداء غطّوا أنفسهم بغصون الأشجار وهجموا على قومها وهزموهم وكانوا يستحقّون الهزيمة لأنّهم لم يصدّقوا زرقاء اليمامة. الفنّان مثل زرقاء اليمامة، يبصر دائمًا قبل الآخرين.

ابتسمت ليدا وقالت:

– وأنت ماذا ترى الآن أيّها الفنّان؟

قلت:

– الأشجار تمشي في الاسكندريّة…»

حازت الرواية أثناء صدورها مترجمة الكثير من التقدير، فجريدة التايمز اللندنية نوهت بها: «كما سلفه نجيب محفوظ، علاء الأسواني هو كاتب عالمي، يجعل من القضايا المصرية قضايا إنسانية، ويضيء بمنتهى الجمال عالمنا المدهش دائمًا، والحزين والمربك أحيانًا». أما مجلة لوبوان الفرنسية فاعتبرت رواية «الأشجار تمشي في الاسكندرية» من ضمن أفضل 30 كتابا صدرت في فرنسا سنة 2024. مضيفة: «أنّ موهبة الكاتب في السرد تجلّت في أبهى صورها في هذه الرواية، حيث يكشف الأسواني من خلال مجموعة من الصور الشخصية الرائعة كيف قضى نظام دكتاتورية ناصر على المدينة الكوزموبوليتانية التي شهدت طفولته وشبابه، وحيث تعايشت الشعوب والأديان معا بحرية في دفء هذه المدينة الأسطورية».

 

 

 رف الكتب

 التشظي

الشاعر والكاتب الصحفي الراحل عبد الحميد بن داوود كان أحد أكبر المخلصين للكتابة الشذرية التي بثّها في الكثير من كتاباته الصحفية وشكّلت متابعة قوية من القراء المهتمين بهذا النمط من الكتابة العسيرة. من حسن الحظ أنّ بعضا من نماذجها احتواه كتابه اليتيم «التشظي» الذي يبرز بالتأكيد كاتبا منخرطا بالكامل في حياة تعبّر عن ذاتها من الداخل، ومن حرارة وجودها وكينونتها بقدر ما تسخر وتدين دون تحرّج أو استكانة إلى إملاءات مسبقة قد تمليها المواضعات الفكرية أو الإيديولوجية. هذه الإقامة التي توخّاها الكاتب عبد الحميد بن داوود خارج النسق من أجل كتابة حرّة، لأن الشذرة وحدها هي الفكر الحرّ على حدّ قول رولان بارت. هذه الكتابة ألزمته في المقابل أن يحيط ذاته بالعزلة الرمزية والزهد الكامل بأيّ لبوس أو صفة حتى لو كانت الكتابة بنفسها. ومن الحقّ أن يقال إنّها كتابة تخلق سياقها الخاص وغير معنية بتوافقها مع راهنها ومتطلباته التي هي في الحقيقة سياج لها ومتاريس منصوبة من أجل ألّا تحقق سوى ذاتها وحضورها وفق منطقها الخاص. لهذا كان اختيار عبد الحميد بن داوود اختيارا صعبا في أن يكون شذريّا من هذا الزمان، وأن يبوح في ثنايا شذراته بالألم الفظيع الذي يصبح المكافأة الوحيدة لذات لا تقول حصريا سوى ذاتها كما قال: «قل ذاتك وكافئ ألمك العظيم!». من شذرات كتابه «التشظي» نقرأ:

*أنا لا أعتقد أنّ الإنسان كان في بداية من البدايات الموغلة في القدم، قردا.
فلو كان بالفعل للإنسان هذه القدرة على التحوّل، لكان أصبح إنسانا !!

*لا تستطيع أن تجلس على كرسي دون أن تتخذ أنت ذاتك شكله…

إنّه خبث الأشياء !

*كلنا في عيون الليل زنوج.

*أبدا أجهل لمَ لأكره الفقر وأحب الفقراء.

*في مواقف التردد تعلمنا حكمة النعامة درسا كبيرا في الشجاعة على عكس ما يفترى عليها:
– الرأس الذي لا يملك قدرة الاختيار وجرأة الحسم، جدير به أن يدفن نفسه حيا في الرمال!

*النــائم فوق الحصــير أبـدا لا يخشى السقــوط!

*الناي لسان الصحراء بامتياز.

*أيّها الصمت، يا حارس أسرار هذه العصور الثرثارة، بُثّ في رحم أذني بعضا من حملك الثقيل كي أصفع هذا الوقت…

*كتابـة قصيدة: إدخال الــعالم فـي ثقب إبرة.

*هـكذا هو باب الفــكر:
لا ينفتح إلا علـى سـوء الفـهم، ولا ينــغلـق إلا على الكآبــة…

*تعلّمنا حكمة الشجر أنّ الناضج هو أوّل ما (من) يسقط.

*الديمقراطية هذه النبتة الحرون، يمكن زرعها وإنضاجها في رمشة عين، (وبثمن بسيط في عين من تعوّد ذبح المجتمع):
فقط على جميع الناس أن يناموا جميعا!

*لو كنت ما زلت لم أولد بعد، وكان بيدي القرار، لقررت أنّ هذا الوقت ملائم تماما، ومناسب جدّا، لكي لا أولد!

*اغتصاب الحقيقة ليس هو تزييفها، بل ادّعاء امتلاكها.

*تعلمنا السياقة درسا فادحا:
أنظر أمامك، فلا وراء إلا ما ينعكس على المرآة!

*إذا لم يستقم السؤال فلا تعول على المسؤول أن يستقيم!

*لـمـاذا كـلّمـا ركبتني القصيــدة خفّ وزنـي؟

*الدم النائم يحتاج إلى سيلان، كي ينتبه.

*كلّـمـا فـكرت أنّي أفكــر أرانـي مـحدودبـا داخــل صـدفة.

*أيّ مبدع غيرك أيّها الطفل… أيّ مبدع غيرك يرفع صوته عاليا كي يكلم الحــجـر!

*وحدهم المجرمون لا يحلمون بالقتل.

*الثرثرة: إحالة مبكرة على المعاش، من الوجود.

*حيــن تـأخذنـي لـوثة فــكر، أرى عيـونـي القـريـبة تبــحلـق في عيــونـي الــسحيـقة.

*ذيل الأفعى لا يقتل، ومع ذلك، فهو دائما وبحكم التبعية، يقاسم الرأس تهمة القتل!

*تطور البشرية مرّ عبر اكتشاف معبرين كبيرين: النار والكتابة.
لذلك، فنهاية البشرية لابد وأن تبدأ مع الإفراط في استعمال هذين العنصرين!

*ليس الموت هو الحقيقة الأولى ولا الحقيقة الأخيرة… لكنّه الحقيقة الدّائمة.

*أيها الليل كم تظل صاحيا حتى في نومي.

*كـلما هـممت بــغسـل هـذا العالم في المــاء، إلا وألــقيـت نفسـي مـطوقـا بــرعـب هــذا الاحتــمـال.
أن أدنــس المــاء ولا يتــطهر الــعالــم.

*يا لفرحة التجار بالكتب المقدسة… إنها الفرصة الثمينة لهضم حقوق المؤلف .

*كم من سديم يلزمني كي أراك في صفائك الأجلى؟ وكم من حقل ظلام يلزمني أن أعبر؟
كم يلزمك من عدو كي تتيقن من نبلك؟

*يولد الإنسان جمرة ساخنة ثم يشرع في الانطفاء عند ارتطامه ببرد العالم.

*صباحا تستفيق الثرثرة كسعاة البريد كي توزع رسائل لا تدرك كنه أسرارها… أمّا الصمت، فإنّه يظلّ قابعا تحت أغطيته، يرفع رأسه من لحظة لأخرى كي يكنس أخطاءها.

*ما نقيد بالكتابة يحتاج أيضا إطلاق سراح.

*أفلاطون أيّها الأحمق: كيف تشيّد جمهوريتك الفاضلة على سطح غيمة وتطرد منها الشعراء؟!

*اللغة: ولادة.
اللغو: عقم.
أمّا التاريخ، فهو لا يقوم إلا على الفصل العميق بينهما.

*أخطر انفصال للكائن عن الأرض جاء مع انتعال أوّل كائن لأوّل حذاء… لذلك تبدو أصابع القدم بلا وظيفة، وبلا معنى أيضا!

*لحدّ الآن لم يفلح الرصاص يوما في محو شعب… لذلك، فإنّ إطلاق اليأس يبقى أخطر من إطلاق الرصاص على الإطلاق.

*ماذا أهديك أيّها الليل ردا للجميل غير موتي الكبير وهذا الصمت الذي يستدعيني لإتقان التأبين.

 مقتطفات

 تاريخ التعب.. من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه

 

يلاحظ مؤلف كتاب «تاريخ التعب، من العصر الوسيط إلى أيّامنا هذه»، جورج فيغاريلو George Vigarello، أنّ كلّ شيء يتغيّر، كلّ شيء يكشف عن تاريخ أكثر تعقيدا مما يبدو، وأقلّ خضوعا للدراسة أيضا، ومن بين ذلك تاريخ التعب. تاريخ غني بالتحولات التي تشير إلى تحولات أخرى، معبئا توظيف الفاعلين والثقافات والمجتمعات، لأنّ إدراك التعب في الإطار الذي هو إطارنا نحن، إطار تاريخ الغرب، يتنوع من حقبة إلى أخرى، ويتبدل تقويمه، وتتغيّر أعراضه، وتنتظم كلماته، وتتسع تفسيراته. مسار هائل، حيث علينا عبور تواريخ عديدة: تاريخ الجسد، وتاريخ تمثلاته وممارسات الصحة، وتاريخ أشكال الوجود والكينونة، وتاريخ البنيات الاجتماعية، وتاريخ الحرب أو الرياضة، فضلا عن تاريخ بناءاتنا النفسية، ووصولا إلى حميميتنا.

يضيف فيغاريلو أنّ نطاق التعب لا يفتأ يتمدد في عصرنا هذا على نحو لا يقاوم، فيقترح علينا رحلة استكشافية تجوب مسافة خمسة قرون من تمثلات هذه الحالة الجسدية والنفسية، وما يرتبط بها من ذهنيات. لقد اقترن التعب، على سبيل المثال، خلال العصر الوسيط بأجساد المحاربين المنهكين، أو المسافرين، مثل أولئك الحجاج الذين كانوا يتحملون المعاناة، في رحلات طويلة، يبتغون منها خلاصهم. أمّا في الفترة الكلاسيكية، فاقترنت الشكوى من التعب بنخبة «أصحاب العباءة» والمهن الجليلة وقتئذ… ويجب أن ننتظر حلول القرن التاسع عشر لنسمع عن تعب العمال أو الشغالين، كما في روايات إميل زولا على سبيل المثال. أمّا في القرن العشرين، الذي تميّز بالتضخم التكنولوجي والتوسّع العمراني وظهور علم النفس، فقد شهد ازدهار مفهومي الإرهاق والإجهاد.

ويذهب المؤلف إلى أنّ الاحتراق النفسي الذي يسم عصرنا هذا يظهرنا، في الواقع، على «تعب تحقيق الذات» الناجم عن التوتر المستمر بين «الذات المتضخمة» الخاصة بالأفراد الراغبين في اختيار حياتهم، وبين القيود المتعددة، المهنية والاجتماعية، التي لا يمكنهم الإفلات منها. إنّ أشكال التعب «المتميّزة»، تلك التي تحشد القيل والقال، والتي تفرض نفسها بوصفها أولوية في أعين الجميع، هي التي تتطور مع الوقت. لقد تبيّن أنّها «فئوية» وتخلق أوساطا. إنّها تستجيب لنظم اجتماعية، وتشير إلى أنماط وجود جماعية. إنّ تعب المحارب مركزي في العصر الوسيط، منطلق بحثنا، داخل حضارة يجسّد فيها الجيش القيمة الأولى. إنّه مبجل ومضخم، في حين تعب الفلاح محتقر. ويُحتسب التعب حتّى في خوض المبارزات، التي كانت في القرن الخامس عشر تُعلي من شأن المنتصر، حسب عدد الطعنات التي يبديها المحاربون وقت التحدي.

يعتبر الكاتب القرنين العشرين والحادي والعشرين عصرا أضفى الطابع السيكولوجي المكثف على السلوكيات والأحاسيس، فقد أدخل اختلافات غير مسبوقة. أكيد أنّ المشقة البدنية، موضوع صراعات من أجل الاعتراف بها، لم تختف..، لكنّ تركز الانتباه على الآثار المتعددة للغاية: الهمّ، والقلق، واستحالة تحقيق الذات…

ويعتبر جورج فيغاريلو مؤرخا وأنثروبولوجيا متخصصا في القضايا المرتبطة بالصحة والجسد ومدى تأثيرهما على الوضع الثقافي في مختلف المراحل التاريخية. شغل مدير مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية الفرنسية، ونشر مجموعة من الكتب بتعاون مع كتاب آخرين، من أهمها «تاريخ الجسد» 2006، و«تاريخ الرجولة» 2011 و«تاريخ العواطف» 2016.

 

 متوجون

 القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية

تمّ الإعلان عن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025، التي تضمنت الروايات التالية: «دانشمند» للروائي الموريتاني أحمد فال الدين، «أحلام سعيدة» للروائي المصري أحمد الملواني، «وادي الفراشات» للروائي العراقي أزهر جرجيس، «المشعلجي» للروائي المصري أيمن رجب طاهر، «هوّارية» للروائية الجزائرية إنعام بيوض، «أغنيات للعتمة» للروائية اللبنانية إيمان حميدان، «المسيح الأندلسي» للروائي السوري تيسير خلف، «الأسير الفرنسي» للروائي السوري جان دوست، «الرواية المسروقة» للروائي المصري حسن كمال، «ميثاق النساء» للروائية اللبنانية حنين الصايغ، «ما رأت زينة وما لم ترَ» للروائي اللبناني رشيد الضعيف، «وارثة المفاتيح» للروائية السورية سوسن جميل حسن، «الآن بدأت حياتي» للروائي السوري سومر شحادة، «البكّاؤون» للروائي البحريني عقيل الموسوي، «صلاة القلق» للروائي المصري محمد سمير ندا وأخيرا «ملمس الضوء» للروائية الإماراتية نادية النجار.

وتمّ اختيار القائمة الطويلة من قبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفلي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

ووصفت رئيسة لجنة التحكيم الأكاديمية، المصرية منى بيكر، الأعمال الروائية المختارة ضمن القائمة الطويلة: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وتنوع القوالب الأدبيّة التي عولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة. كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدُّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل. أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة، فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، فيما عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالًا أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير ».

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى