لا أحد يستطيع أن ينكر أن السياق الصعب الذي نمر منه اجتمع فيه من التحديات والمخاطر ما لم يجتمع في غيره، لحظة تتقاطع فيها تداعيات الحرب على غزة وامتداداتها على مستوى المزاج الوطني، واستمرار نار التضخم التي أتت على جيوب المغاربة وموائدهم، دون أن ننسى احتجاجات رجال ونساء التعليم التي شلت 12 ألف مدرسة بما يهدد مصير 9 ملايين تلميذ.
نحن، إذن، أمام سياق جد صعب ومعقد، وما بين مطرقة التحكم في أسعار المواد الاستهلاكية وسندان إيقاف نزيف موسم دراسي مهدد بالبياض لابد من وجود رجال دولة وليس رجال سياسة وبوليميك، وفي ظل هذا الوضع لابد من وجود مسؤولين يعلمون قيمة ما يتفوهون به من كلمات تزيد من صب الزيت على النار.
إن ما يصعب من حل هاته الأزمات المتتالية ليس غياب الإمكانيات المادية أو انعدام تصور بل وجود فصيلة من المسؤولين عنيدين يفضلون المواجهة مع المجتمع بدل الانحياز إلى فضيلة الإنصات والتفاعل. وللأسف هناك من يختار الخيار السهل ويختبئ وراء سمفونية هيبة الدولة للنجاة من المساءلة والمراجعة، بينما الأمر لا يعدو أن يكون نزاعا يدخل في باب التدبير القطاعي.
إن ما يمس حقيقة بهيبة الدولة، في هذا السياق الصعب، هذا اللجوء البهلواني لدفع مؤسسات الدولة لتكون في مواجهة الرأي العام بفعل سوء التدبير والتقدير سواء بالسياسات أو الخطابات. فليس من المستساغ أنه كلما واجه جزء من المجتمع، أفرادا وجماعات، قرارات قطاعية، يرتفع منسوب عدم الرضا عن سياسات وزير ويتم رفع هيبة الدولة.
إن اللحظة الحساسة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا التي نمر منها، اليوم، تتطلب الكثير من الحكمة المقرونة بفضيلة الإنصات والتجاوب في حدود الإمكانيات وليس المواجهة وصب الزيت على النار، فكم من أزمات قوية كان سببها تصريح في غير محله.