شوف تشوف

الرأيمجتمع

سياسة النعامة والرمل

 

 

يونس جنوحي

 

ما عاشته مدينة تزنيت، أخيرا، إثر حادث اعتداء على سائحتين، جعل المشتغلين في القطاع السياحي يضعون أيديهم على قلوبهم. إذ إن المنطقة عُرفت بالكرم في التعامل مع السياح، إلى درجة أن بعض السياح من دول الاتحاد الأوربي ومن الولايات المتحدة ربطوا علاقات إنسانية مع أسر محلية وأصبح موعد زيارتهم لهم عُرفا شبه سنوي.

بعض الجهات الحقوقية تكيل فعلا بمكيالين، خصوصا اليمينيين المتطرفين في بلجيكا وهولندا، حيث يحبون مثل هذه الأخبار التي توثق لحوادث عرضية تقع في كل مكان بالعالم، ويحاولون الركوب عليها لتحذير السياح من اتخاذ المغرب وجهة لهم. بل حاولوا، طيلة الأسابيع القليلة الماضية، صياغة هجوم على وكالات الأسفار الأجنبية التي تبيع للسياح وجهات في المناطق النائية للمغرب بدعوى عدم ضمان سلامة السياح والاهتمام فقط بالعائدات المالية، كما لو أن هؤلاء السياح قاصرون ولا يميزون بين الوجهات الخطيرة على سلامتهم البدنية وبين الوجهات السياحية، خصوصا وأن وكالات الأسفار التي تتعامل مع المغرب في أوربا والولايات المتحدة شرعت حاليا في الاستعداد لما بعد فتح الحدود الجوية والبرية للمغرب لدخول السياح من مختلف أنحاء العالم، ويبدو أن الأسعار سوف تكون تنافسية جدا.

ما يحدث مع بعض المتطرفين أنهم يمارسون معنا سياسة رأس النعامة المغمور في الرمل عندما يتعلق الأمر بمواقف من شأنها تقديم دعاية للمغرب، خصوصا قصة المواطن المغربي البسيط في منطقة نائية بالجنوب المغربي، حيث وثقت سائحة بالفيديو كرما محليا بطله هذا المغربي البسيط الذي رفض أخذ المال مقابل تقديم الخبز للسائحتين اللتين وضعتا قصتهما للعموم وطاف التسجيل بالصوت والصورة حول الكرة الأرضية وشاهده الملايين في غضون أيام فقط.

لم يتحرك اليمينيون في أوربا للتعليق على الواقعة رغم أنها تقع في صلب اهتمام ملايين المواطنين في أوربا، الذين سبق لهم زيارة المغرب، أو ينوون زيارته.

هؤلاء يركزون فقط على المشاكل التي تقع في كل مكان في العالم. بل هناك سياح يختارون عمدا التوجه إلى وجهات سياحية غير موصى بها، وتنشر وزارة الخارجية لبلدان أوربية نشرات منتظمة لتحذير مواطنيها من التوجه إلى تلك الدول في شرق آسيا وأحيانا في أمريكا اللاتينية، ورغم ذلك فإن الدول المعنية بالقرار تبقى دائما وجهة مفضلة لعينات من السياح، خصوصا منهم الباحثين عن المغامرة والاتجار في السلاح أو لاقتناء المخدرات القوية التي لا توجد بسهولة في أي مكان آخر من الكرة الأرضية.

وهنا يظهر عدم اهتمام هؤلاء اليمينيين بمواطني بلدانهم، إذ لم نسمع أبدا عن حملة في هولندا لتوعية الهولنديين بعدم التوجه إلى «بوغوتا» مثلا، نظرا لوجود عصابات خطيرة لتهريب الكوكايين إلى أوربا، يختارون السياح بعناية ويجبرونهم على نقل المخدرات لصالحهم عبر المطارات ويهددونهم بتصفية أحبائهم، حيث تعمل معهم شبكات تحصل على معلومات عن عناوين وأسماء أقارب الضحايا، وتهددهم باغتيالهم في حال توجه هؤلاء السياح إلى الشرطة، ولا يجدون أي اختيار آخر سوى نقل المخدرات لصالح تلك العصابات.

أما عندما يتعلق الأمر بحدث مثل بقية الحوادث التي تقع حول العالم، والتي يمكن أن تطول السائح وهو في قلب منزله بأوربا، على يد مجرمين أوربيين وليسوا أجانب، يقيم هؤلاء اليمينيون الدنيا ولا يقعدونها وينصحون مواطني بلدهم بعدم التوجه مرة أخرى إلى المغرب، رغم أن آخر الإحصائيات تؤكد أن المغرب هو الوجهة المفضلة لمواطني بريطانيا خصوصا منهم المتقاعدين، حيث ارتفع عدد مواطني المملكة المتحدة الذين يقتنون عقارات في المغرب ويختارون المدن الصغرى والهادئة مقرا لقضاء تقاعدهم، بعدما ملوا من خطابات سياسيي بلدهم وبرامجهم.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى