سياسة التقشف شي ياكل وشي يشوف 2.1
على غرار السنوات الماضية، دعت الحكومة المغاربة إلى “تزيار السطمة”، خلال السنة المقبلة، حيث سيتضمن قانون المالية إجراءات تقشفية جديدة، لمواجهة العجز البنيوي للميزانية، بسبب تراجع مداخيل الخزينة وارتفاع النفقات، وهو ما يفسر لجوء الحكومة إلى وضع بعض مؤسسات الدولة للبيع في “الدلالة”، لكن يظهر أن الحكومة تريد “تزيار السمطة غير على الشعب”، أما الوزراء والبرلمانيون فيعيشون حياة البذخ والرفاهية، من خلال تعدد التعويضات التي يحصلون عليها، وضمان تقاعد مريح مدى الحياة.
إذن الحكومة تستهدف من خلال سياستها التقشفية جيوب المواطنين، وهو ما أكدته المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها، الذي سجل أن 44,8 في المئة من الأسر صرحت بتدهور مستوى المعيشة، كما أن 84 في المئة من الأسر صرحت بعدم قدرتها على الادخار في ظل استمرار الارتفاع الصاروخي للأسعار.
إذن يظهر أن كل ما جناه المواطن من سياسة الحزب الحاكم طيلة ولايتين حكوميتين هو الزيادات المهولة في أسعار المحروقات ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار النقل الطرقي وجميع المواد الاستهلاكية الأخرى، وهنا نتساءل عن مصير حوالي 40 مليار درهم وفرتها الحكومة سنويا من تقليص ميزانية صندوق المقاصة، التي وصلت سنة 2012 إلى 55 مليار درهم، قبل أن تصل حاليا إلى أقل من 15 مليار درهم.
وفي إطار الإجراءات التقشفية ستنهج الحكومة سياسة “تجميد” الأجور، وتقليص عدد مناصب الشغل بالقطاعات العمومية، وكذلك المرور إلى المرحلة الثانية من إصلاح أنظمة التقاعد، بعدما تمكن رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران من تمرير أخطر مشروع لتخريب التقاعد، من خلال الزيادة في سن التقاعد إلى 63 سنة، والرفع من نسبتي الاقتطاعات والمساهمات برسم المعاش إلى 14 في المائة، في الوقت الذي ضمن لنفسه تقاعدا مريحا بمبلغ 7 ملايين شهريا، دون أن يساهم فيه ولو بسنتيم واحد.
لذلك فالشعب أيضا يريد أن “تزيرو السمطة معنا شوية”، من خلال حذف التعويضات الخيالية ومعاشات الوزراء والبرلمانيين كما فعل رئيس الحكومة الإيطالي قبل أيام.
وقد ارتبطت مناصب الوزراء في المغرب بـ”الرفاهية” و”البريستيج” أكثر من ارتباطها بالوظيفة والمهام التي تلقى على عاتقهم، والأرقام الحقيقية التي يتقاضاها رئيس الحكومة ووزراؤه، تعتبر مرتفعة بالمقارنة مع الخدمات التي يقدمونها، خاصة في بلد يصل فيه الحد الأدنى للأجور إلى ما دون 2500 درهم، تنضاف إلى التعويضات التي يحصل عليها أعضاء الدواوين، فبالنسبة لرئيس الحكومة، فإنه يتقاضى بموجب ظهير 1975، حوالي 90 ألف درهم، بمعنى أنه يتقاضى خلال فترة ولايته التي تمتد خمس سنوات، حوالي 540 مليون سنتيم، وحدد الظهير أجره الجزافي في 32 ألف درهم، و18 ألف درهم كتعويضات عن التمثيلية، و15 ألف درهم كتعويضات عن السكن، و5 آلاف درهم كتعويضات عن التأثيث والأواني الزجاجية.
وبخصوص الوزراء، تبلغ أجورهم 70 ألف درهم شهريا، مما يعني أن الوزير يتقاضى خلال ولايته الممتدة لخمس سنوات في الحكومة 420 مليون سنتيم، بدون احتساب التعويضات والامتيازات التي يحصلون عليها، فيما يتقاضى أعضاء الدواوين مبالغ شهرية تقارب 3 ملايين سنتيم، وحدد الظهير الأجر الجزافي للوزير في 26 ألف درهم، و14 ألف درهم عن التمثيلية، و15 درهم كتعويضات عن السكن، و5 آلاف درهم كتعويضات عن التأثيث والأواني الزجاجية، ويستفيد الوزراء من تقاعد قيمته 39 ألف درهم شهريا يحصلون عليها مدى الحياة، مع حصولهم على منحة سخية تسمى منحة نهاية الخدمة قيمتها 70 مليون سنتيم.
أما البرلمانيون البالغ عددهم 520 برلمانيا بمجلسي النواب والمستشارين، فيحصلون على تعويضات شهرية تقارب 4 ملايين سنتيم، بالإضافة إلى تقاعد مريح مدى الحياة، حيث يتقاضى البرلماني 1000 درهم عن كل سنة تشريعية، وهو مبلغ صافي معفى من الضريبة العامة على الدخل ولا يخضع للتصريح، مقابل أداء الاشتراك في صندوق التقاعد بمبلغ 5800 درهم شهريا، تؤدي مقابلها الدولة 2900 درهم شهريا، وكان القانون قبل تعديله سنة 2005، يحدد المعاش النيابي الشهري للبرلمانيين في 5 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول فترة تشريعية كاملة، و7 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي مارس فترتين تشريعيتين كاملتين، و9 آلاف درهم بالنسبة للنائب أو المستشار الذي زاول ثلاث فترات تشريعية كاملة أو أكثر، وبعد تعديل القانون تم تحديد مبلغ المعاشات العمرية للبرلمانيين في ألف درهم شهريا عن كل سنة تشريعية.