تحولت بناية سوق البركة بالحي المحمدي إلى أطلال، بعد أن وضعته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية رهن إشارة التجار والباعة المتجولين منذ سنة 2018.. السوق الذي أنجز بمليار و700 مليون سنتيم غادره التجار كليا، متهمين شركة دبرته خلال السنوات الماضية باختلاس أموالهم.
حمزة سعود
غادر تجار سوق البركة النموذجي بالحي المحمدي، بشكل كلي، فضاء السوق لبسط سلعهم خارجه، بعدما تحول إلى أطلال بداية الأسبوع الجاري، لينضاف هذا الفضاء التجاري إلى قائمة الأسواق التي أثبتت فشل برنامج إيواء الباعة المتجولين وهيكلتهم في أسواق للقرب ونموذجية، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وخصصت السلطات سوق البركة المهجور حاليا لإيواء الباعة المتجولين ممن كانوا ينشطون في حي «دار الأمان» وشارع الشهداء وعلال الطوريس، وقرب المقاطعة الإدارية التقدم، حيث تم إحصاء 2000 من التجار قبل سنة 2017، استفاد منهم أزيد من 600 بائع، ضمنهم تجار بأسواق أخرى ومسنون ومتقاعدون، دون الحرفيين والصناع الذين يمكنهم تحقيق جاذبية إلى الفضاء الذي يوجد فيه السوق.
واشتكى الباعة طيلة المدة التي ظل خلالها السوق يستقطب المواطنين، من ضعف الأمن في جنباته، خاصة أنه يجاور أراض عارية وغير سكنية يتعرض المواطنون خلال المرور عبرها نحو السوق إلى السرقة واعتداءات من طرف جانحين. كما رصد التجار تحول الفضاء ليلا إلى مأوى يضم المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، واستغلاله كوكر للفساد من طرف بعض المتشردين.
واجتاحت أسراب «البرغوث» فضاء السوق، قبل أزيد من سنتين، راسل على إثرها التجار شركة «أفيرادا» بشكل متكرر من أجل جمع النفايات المنتشرة في جنباته، دون تجاوب من الشركة المذكورة، ليضطروا ابتداء من الأشهر الماضية إلى العودة لبسط سلعهم في واجهات الأسواق، التي تعرف رواجا تجاريا بالحي المحمدي وعين السبع.
ويشير التجار إلى أن تدبير السوق عرف العديد من الاختلالات طيلة السنوات الماضية، بعدما تراكمت فواتير الماء والكهرباء وغرامات التأخير على الشركات التي تعاقبت على تدبيره، بحيث دفع غياب الماء والكهرباء التجار إلى التخلي عن أنشطتهم التجارية، سيما باعة السمك والدواجن، بعد أن اضطروا إلى تغيير أبواب محلاتهم التي كانت تفتح بشكل آلي عبر الكهرباء.
وفرضت إحدى الشركات التي تدبر السوق سابقا منذ سنة 2018 أداء التجار داخل سوق البركة، حوالي 300 درهم شهريا على أزيد من 600 محل تجاري، لقاء خدماتها في تدبير السوق وأداء فواتير الماء والكهرباء، ليكتشفوا بعد 3 سنوات من التدبير تراكم أزيد من 100.000 درهم في شكل فواتير وغرامات التأخير، لم تدفعها الشركة، بالإضافة إلى عدم أدائها رواتب الموظفين العاملين لديها لأزيد من 7 أشهر.
ودعا التجار المغادرين السلطات إلى تنظيم حملة من أجل إعادة هيكلة السوق، والتجاوب مع التعاونيات التي تم تأسيسها للاستفادة من الدعم، مع إلزام المستفيدين بتوقيع التزامات تؤدي بهم في حال التخلي عن أنشطتهم التجارية داخل السوق إلى سحب المحلات منهم من طرف السلطات.
ووعد رئيس مقاطعة عين السبع السابق بأداء نصف مستحقات الماء والكهرباء العالقة في ذمة التجار بالسوق، مع إعادة تهيئة وترميم جنباته، إلا أن وعوده، حسب التجار، لم تنفذ. ما تسبب في العديد من المآسي للعائلات المستفيدة من المحلات، بعد أن سجلت وفيات بالسكتة القلبية لأزيد من 14 تاجرا.
وتحول سوق البركة الذي تم إنجازه بقيمة مالية تفوق المليار و700 مليون سنتيم إلى أطلال تتكدس بجنباتها النفايات، وهو المآل نفسه الذي تسير إليه أسواق نموذجية أخرى، من بينها سوق الأصيل وسوق الفتح وسوق درب مولاي الشريف بالحي المحمدي.