شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

سلطة التوقيع 

من أبرز معيقات التنمية وعرقلة الاستثمار وارتكاب جرائم في حق الصالح العام، استغلال سلطة التوقيع بشكل بشع من قبل برلمانيين ورؤساء جماعات ترابية ومسؤولين في إدارات عمومية، من أجل خدمة أجندات شخصية ضيقة، أو الابتزاز المالي، أو الضغط من أجل الدخول كشركاء في مشاريع واستثمارات، دون أداء المساهمات المالية المطلوبة في رأس المال.

لقد أثبتت التحقيقات التي أجريت في ملفات متعددة، التلاعب في ملفات عقارية، واستغلال سلطة التوقيع في تصاميم تعميرية مزورة سميت بتصاميم «الشينوة»، كما يجري التدقيق في دخول برلمانيين ورؤساء جماعات كشركاء في عقارات ظلت جامدة لسنوات طويلة، ليتم انعقاد اجتماعات مباشرة بعدها وإيجاد الحلول المناسبة بسرعة البرق، والإفراج عن تراخيص البناء، وتسليم السكن، وتجهيز البنيات التحتية الأساسية والعمل بكل ما هو استثنائي، وتسهيل المساطر والملاحظات التعميرية التي كانت تبدو لسنوات في غاية التعقيد القانوني.

علينا الاعتراف بأن استغلال سلطة التوقيع بشكل سلبي، يعرقل الاستثمار ويمنح صورة سيئة عن المؤسسات العمومية المعنية، كما يفتح المجال للسمسرة والعلاقات الملتوية والنفوذ أكثر من الالتزام بالقوانين التي تظهر عادية، لكن عند التنزيل يتم لي عنقها وهدر الزمن الإداري وتقاذف المسؤوليات، ما يدفع الراغب في الاستثمار إلى تغيير رأيه بسرعة، بسبب المؤشرات السلبية، وباعتبار رأس المال جبان يحتاج إلى التشجيع والمواكبة، ووضوح وفعالية الإجراءات الإدارية.

هناك عامل في غاية الأهمية لجلب الاستثمار يسمى الاستقرار الذي ينعم به المغرب، لكن فساد منتخبين وبرلمانيين ورؤساء جماعات ومسؤولين في إدارات عمومية، يضع العصا في العجلة لأجندات ضيقة على حساب الصالح العام، وضياع فرص الشغل، وتفويت فرص ضمان مداخيل مالية مهمة لخزينة الضرائب، وهو الشيء الذي يجب أن يتم بشأنه تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق الصرامة المطلوبة، دون اعتبارات ثانوية.

الكل يتابع كيف تحول برلمانيون ورؤساء جماعات ترابية من مجرد عمال موسميين أو بقطاعات غير مهيكلة أو موظفين بسطاء إلى مليونيرات وملاك ضيعات وعمارات وعقارات، وسط شبهات التورط في نهب الرمال واختلالات الصفقات العمومية وسندات الطلب والتدبير المفوض، وتراخيص البناء الانفرادية وتسليم السكن، وفوضى المقالع ومشاريع التجهيز والهيكلة وغير ذلك.

طبعا هناك متضررون يلجؤون إلى المحاكم الإدارية لإنصافهم، لكن تطول مدة انتظار الأحكام النهائية وإجراءات التنفيذ، والحال أن اللجوء إلى القضاء يجب أن يكون استثناء وليس قاعدة، لذلك يتطلب الأمر بالنسبة إلى سلطة التوقيع البحث في تشريعات جديدة، فيها من الصرامة في العقوبات ما يكفي لردع كل من يستغلها في خدمة أجندات خاصة، لأن الأمر يتعلق بجريمة في حق الصالح العام والتشغيل والتنمية، ومستقبل الوطن بصفة عامة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى