سلبيات القلم
لطيفة أحميش
لم أتوقع يوما أنني قد أعيب القلم الذي يخدمني طوال الوقت ويحيي هواجسي التي أكاد أدفنها أحيانا. لكن بعدما رأيت أنه يجعل حبره متاحا للجميع لم يبق لي سوى أن أعيبه.. بعد ما رأيته يسمح للنجس أن يتحدث عن العفة والطهارة، وللبخيل أن يكتب عن الجود والكرم، وللتعيس أن يكتب عن السعادة.. حينها علمت أن القلم مجرد وسيلة تنفتح على كل شيء وكل شخص، وأنه لا ينحاز لمبادئ معينة. نعم، إنه كذلك، والدليل أنك قد تأخذ قلما وتعبر عن قيم تراها أنت أخلاقية ويأتي آخر ليعبر بنفس القلم عن قيم مغايرة ومضادة تماما لما أنت كتبته.. وهكذا يكون نفس القلم قد أعطانا قيمتين مختلفتين ومتضادتين دون أن يبخل بحبره عن إحداهما… قد يبدو هذا للوهلة الأولى أنه شيء إيجابي، لأنه سيضعنا أمام أفكار مختلفة وقيم متنوعة، لكن لو تعمقنا أكثر في ما أقصده لوجدنا أنه أمر أسوأ من السيئة نفسها.. وإني لا أريدك أن تفكر للحظة أنني أقصد أن الحبر يجب أن يقتصر على أفكار دون أخرى، فالكتابة لجميع الأشخاص وجميع الأفكار وجميع المبادئ، لكن، حبذا لو تجعل كل شخص يخرج ما في وعائه دون التطفل على وعاء الآخر.. والمقصود أنه لو أنتج وعاؤك عسلا لا يحق لك أن تعيب وعاء الآخر الذي أنتج خلا…
ستقول في غالب الأمر ماذا أقصد بالوعاء الذي ينتج عسلا و بالوعاء الذي ينتج خلا؟ وأنا أقول أعد قراءة المقال وستفهم ما المقصود. وفي حالة لم تفهم فخذها مني نصيحة أخوية: لا تكن مثل القلم، لا تتح حبرك للجميع… لا تفعل..