سفراء «قلة النية»
نقلت الإذاعة الجزائرية وقائع الزيارة التي قام بها عبد المجيد بوكرة، العميد السابق للمنتخب الجزائري لكرة القدم، رفقة بطلة الجيدو السابقة سليمة سواكري، إلى مخيمات البوليساريو، حيث شرعا في توزيع «العتاد» المدرسي على التلاميذ، في إطار ما اصطلح عليه بحملة «إعادة الأطفال إلى مدارسهم»، بعدما جرفت السيول المخيمات بمن فيها ورمت بها قرب الجدار الأمني.
وحسب موفد الإذاعة الجزائرية، فإن قيادة البوليساريو وجهت شكرا خاصا لهذين البطلين، على هذه «اللفتة» الإنسانية، كما «قدم التلاميذ المنكوبون وأهاليهم خالص عبارات الشكر للجزائر على دعمها للتمدرس». سجل الحدث غياب كبار القيادة الانفصالية عن المبادرة، لأن المساعدة لا تتعدى بضعة محافظ وأدوات مدرسية وأقمصة رياضية، ولأن قيمتها لا تستحق أن تباع وتشترى في السوق الحرة لبيع المساعدات الإنسانية.
الإذاعة الجزائرية قالت إن الزيارة تندرج في «سياق الجهود الإنسانية لإغاثة اللاجئين، ووجود بوكرة وسواكري، جاء بصفتهما سفيري النوايا الحسنة للمنظمة الأممية اليونيسيف».
ركضت نحو لائحة سفراء هذه المنظمة الإنسانية فلم أعثر على بوكرة ولا على سواكري، وتبين أن لاعبي الكرة المعتمدين كسفيري النوايا الحسنة لليونسيف هما ليونيل ميسي وديفيد بيكهام، ما عدا ذلك فهو تقليد.
للأمانة فإن نجم الكرة الجزائري رابح ماجر يحمل صفة سفير النوايا الحسنة، للتربية والعلم والثقافة، وحين زار مخيمات البوليساريو وحضر ما يسمى بمعسكر المنتخب الصحراوي، وقدم درسا خصوصيا للطاقم التقني وللاعبين حول موضوع «ثقافة الانفصال»، فإنه يعي أن المهمة سياسية بغطاء «تربوي».
ماجر، معشوق الجماهير المغربية، قال لمدرب فريق البوليساريو الراكب أحمد إنه مستعد للتدخل لدى الاتحاد الإفريقي من أجل تمكينه من شهادة تدريب معترف بها، ودعوة عيسى حياتو إلى إرسال مساعدة إنسانية للمدربين، عبارة عن أكياس من الشواهد لمكافحة الهشاشة الكروية، فصفق اللاعبون بحرارة وهتفوا باسم رابح، الذي خسر مكانته بين المغاربة، وهو الذي يصر على الإقامة في فنادق عين الذئاب كلما زار المغرب لصلة الرحم مع الكورنيش لغاية في نفس «محجوب».
انتحل ماجر صفة سفير اليونسيف، لكن اللاعب الذي عرف بمراوغاته على المستطيل الأخضر، وبتحليله وتحريمه في الفضائيات الخليجية، قادر على استعمال مهاراته في ملاعب السياسة، ويبدو أن مواطنه بوكرة، لازال يحتفظ في قلبه بغصة عميقة، حين مني بهزيمة مذلة في مراكش أمام المنتخب المغربي برباعية، لذا لم يفوت فرصة الانتقام من المغاربة ولو بزيارة كيان انفصالي تنسيه نكسة مراكش.
لا أدري كيف سقط اسم سليمة سواكري سهوا على اليونسيف، وهي التي تحولت بعد اعتزالها رياضة العراك، إلى طباخة ضمن برنامج تلفزيوني يدعى «كونك الشاف» حيث تقدم رأيها في وجبات الطباخين، وحين وجد فيها النظام الجزائري مواصفات الطباخة الماهرة، دعاها للمشاركة في طبخة سياسية في تيندوف، على غرار ما حصل لمغني الراي الشاب خالد، الذي برر زيارته الأخيرة للكيان الانفصالي بـ«زيارة عمل» بصفته سفير النوايا الحسنة لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، والحال أنه أحسن الاختيار عندما نال صفة لها ارتباط وثيق بالتغذية والمرق تحديدا. لقد رفضت أم كلثوم في عز توهجها الفني زيارة الجزائر خلال حرب الرمال ضد المغرب، كي لا تأخذ الزيارة منحى آخر، وتتحول كوكب الشرق إلى كوكب الشر. مثل هذه الأخبار تزيد من منسوب الإحباط في نفوس المغاربة، كلما هرول سفير للنوايا السيئة نحو معسكرات الانفصاليين. ليس لدي اعتراض على حاملي هذه الصفة، شريطة أن يتفحصوا الدعوة جيدا ويفهموا ما خلف السطور، مع امتلاك القدرة على الفصل بين المبادرة الحسنة النية والسيئة القصد. فقد يحز في النفس أن ينال لاعب دولي، حاز على الحذاء الذهبي، في نهاية مساره جائزة الحذاء الجلدي على وجهه.
لكن في ظل هذا الجدل، يطوي بطلنا العالمي هشام الكروج المسافات، بين «أصحاب الحال»، ليتوج جهوده باستعادة راتبه الشهري الذي جمده الوزير الحالي للشباب والرياضة، حين صنف بطل ألعاب القوى في خانة «شبح» مع سبق الإصرار والترصد، وعلى نفس المنوال يسير سعيد عويطة، الذي لا يزور الصحراء إلا لعرض الأمتعة الرياضية لشركته، وبيعها للفرق الرياضية بأحسن الأثمان. ألا يستحق إبليس أن يجمع بين صفتي سفير للنوايا الحسنة والسيئة.