شوف تشوف

الرئيسية

سعيد عوال.. مفتش الشرطة الذي تزوج عداءة متوجة بالذهب

قبل أن تلفظ سنة 2014 أنفاسها الأخيرة، غادرت فاطمة عوام، البطلة الأولمبية الحياة الدنيا في صمت بعد مرض عضال واجهته في سرية وتكتم، إذ فوجئ الرياضيون برحيل هذه البطلة كما تقاسم معهم الجمعويون مشاعر الحزن نفسها، بحكم صفة العداءة مناضلة في العمل الجمعوي والخيري على الخصوص.
أثناء دفن جثمان فاطمة عوام بكى زوجها سعيد عوال أمام قبرها بحرقة، وقال عبارته الشهيرة: «محال قلبي ينساك» التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، ما يؤكد حجم الروابط الوجدانية بين رجل أمن وجمعوية، في ترابط نادرا ما يحصل.
ولدت فاطمة في الحي الحسني بالدار البيضاء، من أبوين تمتد جذورهما إلى عمق الشاوية، وتحديدا قبيلة أولاد سي بنداود. كان والدها «الحاج محمد» ووالدتها «حليمة» حريصين على تكريس تربية أصيلة داخل الأسرة المكونة من سبعة أبناء، كلهم شقوا طريقهم بجهد وعزيمة، وأصبح لهم شأن في المجتمع، بل إن شقيقها «محمد» يشغل رتبة عقيد في البحرية الملكية، و«عزيز» إطار في وزارة الصحة العمومية، ويصر على السير وفق نهج تربوي يزاوج بين أصالة «كيسر» ومعاصرة العاصمة الاقتصادية، بل إن فاطمة وشقيقتها «أمينة» اختارتا ألعاب القوى وتحولتا إلى بطلتين بعد الانتماء لنادي الوداد فرع ألعاب القوى، لتمثلا المغرب في المحافل الدولية، علما أن فاطمة كانت مختصة في الركض في ما اختارت شقيقتها رمي القرص.
بعد أن كشفت عن مواهبها في مسابقات البطولة المدرسية، ممثلة لإعدادية «درب الجديد» بالحي الحسني، انتقلت فاطمة إلى نادي الوداد وأصبحت متخصصة في المسافات المتوسطة، وحين حصلت على شهادة الباكلوريا (شعبة العلوم التجريبية) سنة 1979، طورت موهبتها الرياضية التي ظهرت في المرحلة الثانوية حتى أصبحت أستاذة للرياضة البدنية، وحققت ذلك بعد التحاقها بمركز تكوين أساتذة الرياضة بمدينة الدار البيضاء، ثم حصلت على شهادة تختص في الرياضة النسائية من الاتحاد الدولي لألعاب القوى سنة 1995، وبعدها شهادة في الإدارة (التسويق والاتصالات) بالدار البيضاء سنة 1996، قبل أن تخضع سنة 2000 بسويسرا لدورة تدريبية في إدارة الأندية الرياضية. وفي فرنسا حصلت على شهادة تأطير المدربين الرياضيين، وختمت مسارها الدراسي بحصولها على شهادة إدارة الأعمال سنة 2005.
امتدت مسيرة فاطمة عوام الرياضية من 1972 إلى 1991 تنقلت خلالها بين المغرب وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأخيرا سويسرا لتعود في الأخير إلى بلادها المغرب، وحين اعتزلت الركض اختارت العمل السياسي وأصبحت عضوا في حزب الأصالة والمعاصرة، بل إنها كانت من بين قياديات التنظيم بعد أن تم استقطابها على خلفية جهودها في العمل الخيري عبر الرياضة، ناهيك عن دورها في لجنة المرأة والرياضة باللجنة الأولمبية المغربية.
وخلافا لكل البطلات، عملت فاطمة بمبدأ «تقديم الإنجازات وتأجيل الزفاف»، إذ اختارت التركيز على المضمار، بالرغم من عروض الزواج التي طرقت باب والدها الحاج محمد، حيث حققت ميداليتين ذهبيتين في الألعاب الفرنكفونية بالدار البيضاء سنة 1989 في مسافتي 1500 و3000 متر، بالإضافة لميداليتين ذهبيتين في ألعاب البحر الأبيض المتوسط باللاذقية سنة 1987 في مسافتي 1500 و3000 متر، وحين حطمت الرقم القياسي العالمي في مسافة الميل المزدوج دخلت القفص الذهبي وهي متوجة بالذهب، وهي أول امرأة مغربية وعربية وإفريقية تحطم الرقم القياسي العالمي وكان ذلك في إيطاليا سنة 1987.
وفي بداية سنة 1990 اختارت فاطمة عوام ركوب «العمارية» وهي التي اعتادت الصعود فوق «البوديوم»، بعد زواجها من سعيد عوال، في حفل اختلط فيه رجال البدل الرياضية برجال البدل الأمنية، وتبين أن الزواج لم يحل دون استمرار فاطمة في تألقها وركضها.
رزق الزوجان بأربعة أبناء من بينهم ثلاث بنات، كلهم اختاروا مسارا بعيدا عن ميادين ألعاب القوى، والرياضة عموما، بل إن ابنها الوحيد «هشام» لازال يتابع دراسته في جامعة «السوربون» في فرنسا.
مات الوالد حزنا على فاطمة وهو الذي لم يتقبل رحيلها المفاجئ، مات وفي قلبه غصة الفراق، على بطلة وسيدة تربية لثانوية «ابن الهيثم»، غير بعيد عن إعدادية «درب الجديد» التي عرفت تألقها.
يقول البطل السابق محمد المعزاوي، صهر فاطمة عوام، «اكتشفتها وأنا أستاذ للتربية البدنية في إعدادية «درب الجديد» بالحي الحسني، في فضاء يعج بنجوم الرياضة والفن والإعلام. فقد كانت متميزة إلى جانب تلاميذ شقوا إلى جانبها مشوار الألف ميل من إعدادية في حي شعبي أنجبت البطل لشعل وبكاش والإعلاميين الكيراوي وصفر ونسيمة الحر ورمرم، والفنانين بوبكدي ويدين واللائحة طويلة..».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى