الأخبار
بعد سنة من التحقيقات وجلسات المحاكمة، بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، حسمت، زوال أول أمس الاثنين، الهيئة القضائية المكلفة بالغرفة نفسها ملف المتورطين في ما بات يعرف بفضيحة «رخصة الثقة» الخاصة بسيارة الأجرة والتي كانت قد تفجرت بعمالة سلا، منتصف نونبر من السنة الماضية.
وأصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف، أول أمس، أحكاما تراوحت بين ست سنوات سجنا وستة أشهر موقوفة التنفيذ بحق 15 متهما تمت متابعتهم من أجل التزوير في وثائق رسمية واستعمالها والارتشاء.
وضمن التفاصيل، قضت الهيئة التي ترأسها القاضي الخياري بست سنوات سجنا نافذا، بحق المتهم الرئيسي وغرامة 150 ألف درهم. ويتعلق الأمر بمسؤول في عمالة سلا كان يشغل منصب رئيس قسم، كما قضت بخمس سنوات سجنا نافذا بحق ثلاثة متهمين وغرامة 120 ألف درهم لكل واحد منهم، فيما قضت بثلاث سنوات حبسا نافذا بحق أربعة متهمين وغرامة 100 ألف درهم لكل واحد منهم، وبستة أشهر موقوفة التنفيذ بحق سبعة متهمين كانوا يتابعون في حالة سراح مؤقت.
وتابعت المحكمة المتهمين بتهم تتعلق بـالتزوير في وثائق رسمية واستعمالها والارتشاء والمشاركة في ذلك، كل حسب المنسوب إليه، فيما قضت بعدم مؤاخذتهم جميعا من أجل تهمة تكوين عصابة إجرامية.
وكانت «الأخبار» قد نشرت حصريا تفاصيل فضيحة الفساد والتزوير التي تفجرت بعمالة سلا، أواخر السنة الماضية، وجرت مسؤولا بالعمالة وثلاثة أشخاص إلى التحقيق بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، حيث جرى اعتقال لائحة أولى من المتهمين تعززت بأربعة أشخاص جدد ليصل عدد المعتقلين في هذه القضية إلى 8 أشخاص، بينهم رئيس مصلحة بعمالة سلا وخمسة سائقي أجرة وحلاق وسائق سيارة النقل المدرسي الخصوصي، فيما تابعت المحكمة سبعة أشخاص آخرين في حالة سراح، وقد أحيل كل المتهمين على عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، من أجل التحقيق، بأمر من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي أشرف على التفاصيل الدقيقة للبحث، قبل أن يحيلهم على القاضية المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بقسم جرائم الأموال بنفس المحكمة ملتمسا إخضاعهم للتحقيقات التفصيلية، على خلفية التهم الموجهة إليهم والمرتبطة بتكوين عصابة إجرامية وتزوير وثائق واستعمالها في إعداد رخص السياقة، والتدخل لدى مصالح العمالة للراغبين في الحصول على «رخص الثقة» مقابل رشاوى مالية كبيرة.
وحسب معطيات الملف، فقد جرى اعتقال المتورطين في هذا الملف على خلفية أبحاث أمنية تتعلق بشكايات تتعلق بخروقات واختلالات إدارية في تدبير مسطرة تسليم رخص السياقة ورخص الثقة، تعتمد على تزوير الوثائق بدعم من مسؤول في العمالة.
ووفق المعطيات نفسها، فإن تحريك هذا الملف تم بعد سنوات من الانتظار، وتراكم الشكايات من طرف مهنيين ونقابيين، تتضمن اتهامات صريحة وخطيرة، بتفشي الرشوة والمحسوبية والزبونية في استخلاص بعض الوثائق الرسمية الخاصة برخص السياقة والثقة، إضافة إلى تصريحات مدوية، بعضها متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن خرق القانون بمنح رخصة القيادة الثقة «بيرمي كونفيونس» لأصحاب السوابق العدلية.
وتشير المعطيات نفسها أن تدبير ملف رخص الثقة يعتبر من بين أثقل الملفات، وأكثرها تعقيدا بتراب عمالة سلا، من حيث كم الشكايات، وخطورة الاتهامات التي رافقت تدبير هذه المسطرة منذ أكثر من عقد من الزمن، رغم إحداث بعض التعديلات التي خففت من الإجراءات المعقدة، إلا أنها لم تنه هامش التدخلات المشبوهة الذي فتح الباب لعدة تجاوزات.
وقد واجه القسم الاقتصادي، الذي استمع لرئيسه بالعمالة كشاهد في القضية، قبل إعفائه لاحقا من مهامه، انتقادات حادة من طرف السائقين المهنيين، بدعوى إغراق القطاع بأكثر من 4 آلاف رخصة ثقة، وما رافقها من لغط حول المستفيد من هذا الكم الهائل من الرخص، تؤكد مصادر محلية.