سبع صنايع
زينب بنموسى
مناضلون في الندوات الدولية والتظاهرات الحقوقية.
رياضيون في أنشطة وزارة الشباب والرياضة.
كتاب وفنانون في المهرجانات والمناسبات «الثقافية».
فلسطينيون ومناهضون للتطبيع حين يريدون.
متسامحون دينيا وباحثون في تاريخ الكاثوليك والأرثوذوكس إذا زارنا البابا.
يتشاركون معا هوايات التنظير في التنمية البشرية، ومواهب الحديث عن المقاربات التشاركية، ودور الجمعيات والمجتمع المدني في إنجاح مستقبل هذا الوطن والتقدم به خطوة نحو الأمام، طبعا نحو الأمام بما أنه أصلا يقف على حافة الضياع.
المثل المغربي «سبع صنايع والرزق ضايع» جاء خصيصا ليصف للأجيال التي مضت، الحالة المثيرة للشفقة التي يعيشها هذا الجيل، وسيعيش تبعاتها من يأتي بعده.
كلهم فنانون وكتاب ومثقفون وتلقوا دعوة من أجل الحضور لهذا المهرجان، أو تلك الندوة (شكون سيفطها ليهم الله أعلم، رغم أن الجميع رآهم وهم يبحثون عن أي سبيل للحضور)، يجتمعون تحت لواء «النشطاء»، لدرجة أصبح معها الإنسان العاقل يشك في وجود وظيفة جديدة يشتغل صاحبها كناشط في أوقات الفراغ، حسب هواه وحسب الظروف. لا أحد من المغاربة يعلم متى تفتح أبواب التسجيل في هذه الوظيفة، أو متى تجرى مباراتها، من الوزارة الوصية عليها، وما العمل الذي سيقوم به من تم انتقاؤه؟
المهارة الوحيدة المطلوبة التي نعلمها لحد الآن هي قدرة هائلة على «التبلحيس» و«لحيس الكابة» و«سنطيحة» كبيرة لا يستحي صاحبها.
يملكون صورا في مكة والقدس وأمام كاتدرائية القديس باسيل، وحائط المبكى، وربما مع بوذا نفسه إذا اقتضى الأمر.
وطبعا، كأي «ناشط» هدفه البحث عن النشاط أينما وجد، لا مبدأ له ولا ولاء، سيبتسمون معك في وجه البابا، وينددون بزيارته في الخفاء إرضاء لجميع الأذواق، أو سيصافحونك بيمينهم في حين اليد اليسرى تدس في جيب الضيف رسالة تضرع لرمزيته المقدسة من أجل التدخل لدى هذه الدولة الشريرة وإقناعها بإطلاق سراح معتقلي الريف وجرادة.
مجموعة جديدة من الأنونيموس يلتحفون عباءة «النشاط» ويواصلون السخرية من هذا الوطن شعبا ودولة دون رادع.
لا يمكن أن يقبل أي مغربي غيور على وطنه وسيادة دولته، ويعلم أن كرامته من كرامتها، أن ترسل رسالة باسمه إلى شخص أجنبي لا حق له ولا صفة مهما بلغ وزنه وقدسيته من أجل حل شأن داخلي أيا كان موقفه منه؟
لو أن أحدكم، أيها «النشطاء»، سأل المعتقلين المعنيين بالأمر هل يقبلون بتدخل ماكرون أو البابا في قضيتهم، لا اظن أن أحدهم سيوافق على هذه المهزلة.
طلب التدخل من المجتمع الدولي في شخص الأمم المتحدة، مثلا، أو «هيومن رايتس» أو غيرها من المؤسسات التي تعنى بقضية حقوق الإنسان، يبقى، على مضاضته، مقبولا، أما هذه الذلة و«قلة النفس» التي لا يخجل صاحبها من توسل شفقة البلدان الأوروبية، فقط كي يحصل على فرصة لممارسة «نشاطه» عالميا لأنه سجل في مرماه، فهي لا تتجاوز الوقاحة التي تدفع صاحبها إلى الجنون وتجعله يظن أنه ذكي جدا أكثر من القاضي ومثقف أكثر من أسطول المحامين الذين يساندون المعتقلين ماديا ومعنويا، ماشي غير فـ«الفيسبوك هي لي ضسراتكم على هاد الشعب»، وتقنعه بأن رسالته البئيسة ستحرر العالم من كل الشرور.