شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ساعة سويسرية

 

حسن البصري

 

ضبط فريق سيون السويسري ساعته على قيم الاعتراف والوفاء والتكريم. منذ أن دخل معسكرا تدريبيا في ضواحي مدينة بنسليمان، حرص مسؤولو البعثة الرياضية السويسرية على جعل فترة الإعداد الشتوي فرصة لتكريس القيم الفضلى للرياضة، ومناسبة للاحتفال بزواج الكرة والسياحة.

هرب الفريق السويسري من قسوة مناخ مدينة تتأفف من شدة البرد، فاختار بنسليمان فضاء لتحضيراته الشتوية، واستلقى في حضنها جاعلا من مقامه فرصة لتعبئة رصيده من اللياقة البدنية استعدادا للشطر الثاني من البطولة.

سيكتشف السويسريون أن بطولتنا لا تتوقف وكأنها دراجة هوائية بلا فرامل، سيقفون على كساد سوق الانتقالات الشتوية، وسيعلمون أن أنديتنا تعاني من مديونية حد الغرق، وأن رؤساء الفرق المغربية يسهرون على رفع المنع من التعاقدات، لكن أين يسهرون؟

استغل الفريق السويسري زيارته للمغرب، فأقام حفلا بالمعسكر على شرف اللاعب الدولي المغربي عزيز بودربالة، تم تقديم عزيز اللاعب السابق لنادي سيون السويسري كأسطورة من أساطير زمانه. وضعوا صوره في مكان الحفل قدموا شهادات في حقه واستعادوا صولاته وجولاته في الملاعب السويسرية.

لم يقطع بودربالة حبل الود مع سيون الفريق ومع الأنصار، فقد تزوج خلال مقامه في هذه المدينة بابنة أحد أكبر مشجعي النادي، ومن أول نظرة أصبح كبير المناصرين صهر نجم الفريق، بل إن الزوجة السويسرية اختارت مرافقة زوجها في مساره الاحترافي معلنة التضحية بمسارها الطبي.

في فقرات تكريم بودربالة من طرف لاعبي ومؤطري ومسيري نادي سيون في بنسليمان، درس لمسيري الفرق المغربية التي تعيش حالة خصام مزمن مع تاريخها، سيضرب رئيس بعثة سيون كفا بكف حين سيعلم أن أسطورتهم عزيز لا يحظى بنفس المكانة الاعتبارية في فريقه الأم الوداد، وأن تجربته الاحترافية الطويلة في الملاعب الأوربية أحيلت على ثلاجة الذكريات.

ولأنه لا رياضة بدون ترويح عن النفس، ولا معسكر يرجى من تجمع تدريبي مغلق، ينام فيه اللاعبون ويستيقظون على الركض والتسديد وقراءة الخطط، فقد قام أفراد البعثة الرياضية السويسرية بزيارة للمكان الذي سيبنى فيه أكبر ملعب في إفريقيا والمرشح لاحتضان مباراة افتتاح أو اختتام مونديال 2030.

هكذا تحول لاعبو سيون إلى شهود على العصر، فحين سيرتفع البنيان وينبعث الملعب من بين الروابي، سيروي أفراد البعثة لأبنائهم حكاية زيارتهم لهذه المعلمة حين كانت نبتة في طور النشأة.

قد يسوق القدر لاعبا من لاعبي سيون للعب في الملعب الكبير لبنسليمان، رفقة منتخب سويسرا أو منتخب آخر، فيحكي عن معسكر مضى قبل خمس سنوات، ويصبح جزءا من ذاكرة المونديال.

في سويسرا فقط، لا تنتهي العلاقة التعاقدية بين اللاعب وناديه بانتهاء صلاحية العقد، أو بالاعتزال أو بالمغادرة الطوعية، بل تمتد إلى خارج الملاعب إلى ما وراء خطوط التماس إلى الدم والوجدان، اسألوا لاعبنا شيشا كيف آمنته سويسرا من خوف، بعد أن هاجر إليها هربا من ألسنة السوء فقط لأنه أهدر ضربة جزاء.

كثير من اللاعبين المغاربة تزوجوا من سويسريات، فضبطوا ساعاتهم على قيم الوفاء، وقلة منهم رددوا “الساعتو لله” حين عجزوا عن مجاراة إيقاع سويسري صارم.

مصطفى يغشى هو فاتح ملاعب بلاد سويسرا في وجه اللاعبين المغاربة، ثم تدفقت المواهب وانتشرت بين فرق تؤمن بأن الاحتراف سلوك وأن اللاعب ليس مجرد “ماكينة” تسجيل للأهداف.

غير بعيد عن معسكر نادي سيون، يوجد سوق قروي يعرف بـ “حد سويسرا” وبالضبط في تراب جماعة سيدي موسى بن علي “المجدبة”، لا أحد يعرف سر التسمية ولا أثر فيه للساعات أو الشوكولاته.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى