حين تداولت وسائل الإعلام المغربية والأجنبية خبر وجود اسم شقيقة عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، ضمن لائحة العمال والولاة المعينين حديثا، والتي تم التداول في شأنها خلال المجلس الوزاري برئاسة الملك، وكشفت عن تعيينها في منصب عامل ملحق بوزارة الداخلية، اعتقد الكثيرون أن التعيين مدعوم برعاية عائلية وأن شقيقة الحموشي استفادت من منصب شقيقها لتصعد في سلم السلطة. لكن كثيرا من قصاصات الأخبار التي أوردت النبأ، أصرت على إضافة عبارة تبرئة الذمة، وقالت إن شقيقة الحموشي شغلت منصب رئيسة للمركز الجهوي للاستثمار بجهة الغرب الشراردة بالقنيطرة، و«عرفت بكفاءتها ونزاهتها».
ليست عائلة الحموشي هي التي جمعت السلطة من كل أطرافها، فالتاريخ السياسي للمغرب يشهد على وجود أسماء عديدة تقاسمت مناصفة كعكة السلطة، منها عائلات عاشت في كنف المسؤولية الوزارية وماتت في كفن السلطة. بل إن عائلات ضاربة جذورها في عمق السلطة قد حولت المناصب الوزارية إلى إرث غير قابل للتفويت لشخص لا تربطه بها آصرة الدم.
حين نعيد قراءة التاريخ السياسي للمملكة الشريفة، سنقف على مفعول القرابة العائلية وقدرة مجموعة من الأسر على إنتاج وإعادة إنتاج العبور إلى ضفة الجاه والسلطة على صهوة القرابة العائلية. لكن للأمانة هناك وزراء صنعوا مجدهم بعرق الجبين، وشكلت آصرة الدم دفعة من الخلف ساهمت في الاصطفاف إلى جانب أصحاب القرار.
لكن أم المفارقات في هذا الملف، هي القرابة العابرة للحدود، إذ يمكن أن نجد وزيرا في المغرب يتقاسم الوزارة مع شقيقه في موريتانيا، أو في مخيمات الانفصاليين بتندوف.
بنهيمة.. شقيقان في حكومة متقلبة
وقع اختيار الملك الراحل محمد الخامس على الشاب العبدي محمد بنهيمة، وقرر دعمه ماليا بمنحة لاستكمال دراسته في الطب بجامعة نانسي، وأصدر قراره بتحمل القصر نفقات الرحلة الدراسية التي ضمت متفوقين آخرين في مجالات متعددة. كان الهدف من المبادرة، التي شملت عددا كبيرا من الطلبة المنحدرين من عائلات ميسورة، هو تكوين طاقات مغربية لتعويض الكفاءات الفرنسية والإسبانية التي كانت تستعد لمغادرة المغرب بعد الحصول على الاستقلال، علما أن حزب الاستقلال هو الذي تبنى هذه المبادرة وركب صهوتها، وكان حريصا على انتقاء ذوي الأصول الاستقلالية ومنحهم الأسبقية في رحلة المعرفة.
لكن حين أنهى محمد بنهيمة دراسته الجامعية وعاد من نانسي وهو يفكر في مشروع فتح عيادة خصوصية لعلاج المسفيويين، تلقى خبر تعيينه وزيرا للأشغال العمومية، وذلك في صيف يونيو 1962، ضمن التشكيلة الحكومية التي ترأسها الملك الحسن الثاني. ولم يمض وقت طويل على توليه تلك المهمة حتى أنيطت به مسؤولية التجارة والصناعة والملاحة التجارية، ثم عاد إلى قطاع الأشغال العمومية للمرة الثانية في حكومة الوزير الأول أحمد باحنيني، ليحال على وزارة التربية الوطنية، بل إن الصدف شاءت أن تجمعه حكومة واحدة إلى جانب شقيقه أحمد الطيب بنهيمة، حين عين هذا الأخير وزيرا للخارجية، وهي الحكومة التي ترأسها الملك الحسن الثاني في يونيو 1965، بعد إعلان حالة الاستثناء بأقل من شهرين، عقب اندلاع ثورة الطلبة في الدار البيضاء.
في سنة 1967 عين محمد بنهيمة وزيرا أول، وسط أزمة اجتماعية وسياسية خانقة، قرر معالجتها بأقراص مهدئة بدل القيام بعملية جراحية لاستئصال الورم. واستمرت ولايته على رأس الحكومة ثلاث سنوات، لتسند لطبيب جراح هو الدكتور أحمد العراقي، ويحال بنهيمة على وزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي بصفة وزير دولة، وفي سنة 1972 سيتقلد منصب وزير للداخلية في عز الأزمة، لكنه سيغادرها بعد سنة واحدة، ويصبح وزيرا مكلفا بالتعاون وتكوين الأطر.
غادر بنهيمة الحكومة مكرها بعدما اشتد عليه المرض، ويحكى أن الملك الحسن الثاني سأله عن وضعه الصحي والمادي، «وكانت المفاجأة أنه سمع كلاما حول القدر الضئيل الذي كان يتلقاه من صندوق التقاعد، وكانت تلك أول مناسبة يقرر فيها الملك الراحل احتفاظ الوزراء برواتب لائقة بعد إحالتهم على التقاعد، أو مغادرتهم مناصب المسؤولية»، كما يروي نعمان الهاشمي.
تسلم شقيقه الطيبي المشعل وقاد المفاوضات العسيرة مع الإسبان وواكب جميع تفاصيل المسيرة الخضراء. وخلافا لمحمد فقد كان الطيبي عاشقا للأضواء، حريصا على تنظيم اللقاءات الصحفية، بالرغم من أنه لم يرتبط بعلاقات سابقة مع قطاع الإعلام، «أدرك عبر مساره المهني في الأمم المتحدة بصفته مندوبا دائما للمغرب، أن الصورة قد تكون أبلغ من الكلام، غير أنه كان يسترسل في الكلام»، يقول المصدر نفسه. وكان آل بنهيمة أقرب إلى حزب الاستقلال، وكان الطيبي دبلوماسيا أرستقراطيا بامتياز، بينما كان شقيقه محمد رجل ميدان، التقيا معا وافترقا في مشوار الطريق من آسفي إلى الرباط.
عبد الكريم وعبد الرحمن الخطيب في السياسة سواء
قبل المحامي عبد الرحمن الخطيب، شقيق عبد الكريم، على مضض، الانتقال من وزير للداخلية في حكومة أحمد باحنيني، وهي الحكومة التاسعة للمملكة بعد استقلالها والتي تشكلت يوم 13 نونبر 1963، إلى وزير للشبيبة والرياضة بعد تعديل حكومي يوم 20 غشت 1964، وهي الحكومة التي تم حلها في يونيو 1965 بسبب الاحتقان الذي تجسد في إضراب التلاميذ.
أقنع عبد الكريم الخطيب، الإسلامي المقرب من الملك ومؤسس حزب العدالة والتنمية، شقيقه عبد الرحمن بقبول المنصب، وهدأ من غضبه بعدما اعتبر هذا الأخير تعيينه وزيرا للرياضة انتصارا للمعارضة التي دخل معها في معارك مفتوحة حين كان وزيرا للداخلية، والتي خلفه فيها الجنرال محمد أوفقير.
صراع عبد الرحمن مع المعارضة تحول إلى صراع يومي، بل إن الوزير حين كان يجلس على كرسي وزارة الداخلية، تعرض هو ورفاقه لملتمس الرقابة الذي سعت المعارضة من خلاله إلى الإطاحة به، بعد أن اعتبرته جزءا لا يتجزأ من الاحتقان. لحسن حظ عبد الرحمن أن شقيقه عبد الكريم الخطيب، كان رئيسا لمجلس النواب في نظام الغرفتين، وهو ما جنبه الكثير من العواصف. ويرى الكاتب الصحفي محمد الأشهب، أن تعيين الوزير عبد الرحمن الخطيب «كان محط استغراب الجميع بعد تعيينه على رأس الشبيبة والرياضة سنة 1964، ذلك أنه سبق أن كان وزيرا للداخلية ضمن الحكومة التاسعة، قبل أن يعفى من منصبه بعد 9 أشهر و7 أيام فقط وتسند إليه، في إطار تعديل حكومي، حقيبة الشباب والرياضة التي استمر فيها لنفس المدة تقريبا قبل إعلان حالة الاستثناء».
لم يكن عبد الرحمن متطفلا على الرياضة، بل كان لاعبا سابقا في نادي اليسام المراكشي، ورئيسا للوداد البيضاوي، وعداء للمسافات القصيرة، لذا كان مقامه في وزارتي الداخلية والشبيبة والرياضة قصيرا لا يتعدى بضعة أشهر. ويرى الباحث منصف اليازغي في كتابه «مخزنة الرياضة»، أن عبد الرحمن أبعد من منصبه بسبب برنامج إعادة هيكلة الرياضة المغربية، فقرر الاغتراب طويلا في فرنسا، ليعود إلى المغرب بعد أن نسي الجميع حكاية التقهقر.
لعب عبد الكريم دور المستشار في مسار شقيقه عبد الرحمن، كما أن قرب والدته مفتاحة من القصر ساهم في تجنيبه الكثير من الغضبات الملكية، ناهيك عن جذور العائلة التي تمتد إلى الفقيه سيدي محمد الكباص جده.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التحق عبد الكريم بجامعة الطب بالسوربون في باريس، وعمل في مستشفى (فرانكو موندولمان) لمدة 6 سنوات، واتصل برجال المقاومة المغاربيين هناك، وعاد إلى المغرب سنة 1951 وفتح عيادة بالدار البيضاء، في درب السلطان وبذلك أصبح أول جراح مغربي. «تخلى عن عيادته في وقت عز فيه الطب والأطباء في المغرب» كما قال المهدي بنعبود، لكنه انشغل بالسياسة، حيث أسس النواة الأولى لحزب العدالة والتنمية بعدما أسس نواة حزب الحركة الشعبية، كما تأبط العديد من الحقائب الحكومية.
الفهري..الوزارة بالوراثة
لم يكن الفاسي الفهري الأب بعيدا عن هوس السلطة، فقد عين محمد الحبيب الفاسي الفهري قاضيا فوق العادة، كما سطع نجمه حين عينه الأمين العام الأممي السابق، كوفي عنان، قاضيا دائما لدى المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة، والخاصة بالنظر في خروقات حقوق الإنسان بيوغوسلافيا السابقة، لكن نجمه سينطفئ فجأة حين أقيل في 3 مارس 1982، عندما كان المغاربة جميعهم يحتفلون بعيد العرش، وبعد يومين فقط عن وفاته أصدر القصر الملكي قرارا يقضي بتعيين نجله، علي الفاسي الفهري، على رأس المكتب الوطني للكهرباء، وقبل خروج قرار التعيين توصل أبناء القاضي محمد الحبيب الفاسي الفهري وهم: الطيب، علي وعثمان ونسيبة وإسماعيل، ببرقية تعزية من الملك محمد السادس.
لكن الطيب الفاسي الفهري، الشقيق البكر، لعلي، هو الأكثر حضورا على المستوى الإعلامي، فقد كان يعد الرجل الأول في الدبلوماسية المغربية، قبل أن ينتهي به المطاف سفيرا. ولم تتوقف شهية المناصب عند الطيب وعلي، بل امتدت إلى شقيقهما عثمان الذي أشرف على تسيير دواليب إحدى أكبر الشركات العمومية في المغرب، ويتعلق الأمر بشركة الطرق السيارة.
ظل علي الفاسي الفهري يشغل مهام الرجل الثاني في معظم المناصب التي تم تعيينه بها، حيث نصب في فبراير 1990 مديرا عاما لمركز تطوير الطاقات المتجددة، وشغل بعد أربع سنوات منصب مدير عام مساعد للمكتب الوطني للكهرباء مكلفا بالتنمية والبرامج، حيث كان إدريس بنهيمة في واجهة الأحداث وكان حينها علي الفاسي الفهري اسما غير معروف بالنسبة لعامة الناس.
كان إدريس بنهيمة أول من «جر» علي إلى المجال الرياضي، حيث انتخب عضوا للمكتب المسير لفريق الوداد الرياضي البيضاوي، وتزامن ذلك مع تعيينه من طرف الملك على رأس المكتب الوطني للكهرباء سنة 2001، لينتخب لولاية ثانية كعضو في المكتب المسير للفريق الأحمر، وهي المرحلة «التدريبية» قبل أن يلتحق بـ«الكوموندو» الذي كان محمد منير الماجيدي، في مرحلة تجميع أهم العناصر المكونة له قصد إعادة هيكلة الحقل الكروي في المغرب وتطويره.
تنحدر هذه العائلة السلطوية من فرع واحد، وكان لعلال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، دور كبير في إشعاع هذه العائلة، قبل أن يتابع عباس الفاسي المهمة.
الإخوة باحنيني ماتا وهما يحملان الصفة الوزارية
عرفت عائلة باحنيني بولائها المطلق للعرش، وكان الملك الحسن الثاني يعتمد على محمد باحنيني ويثق به، خاصة وأنه أستاذ للملك، تولى الوزارة منذ بداية عهد الحسن الثاني إلى أن وافاه الأجل المحتوم، تولى الأمانة العامة للحكومة لمدة طويلة، كما تولى وزارة العدل ووزارة الثقافة، ثم وزارة الدولة، وهو الوزير الذي كان يشرف على المصالح الملكية من الناحية الإدارية والمالية، وظل اسمه مرتبطا بمهمة الإشراف على تربية ولي العهد، بل إن الملك الراحل الحسن الثاني أصر على تكليفه بصياغة الخطب الملكية والرسائل وخطاب العرش، وكان يكلفه بالمهمات الخاصة السرية على مستوى مجلس الحكومة وهو المؤتمن على أسرار القصر والحكومة والوزراء.
أما أحمد باحنيني فظل اسمه مخلدا في أبرز القاعات التابعة لوزارة الثقافة بالرباط، إذ ارتبط هذا الاسم بالحادث المأساوي لمحاولة الانقلاب على الملك الحسن الثاني في قصر الصخيرات، التي قادها الكولونيل أحمد اعبابو، يوم 10 يوليوز 1971، وأودت بحياة أحد أبرز السياسيين المغاربة، أحمد باحنيني، الذي كان يشغل حينها منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى، فيما نجا شقيقه محمد بأعجوبة، بعدما انتهت المداهمة الدرامية بمقتل العشرات من الضيوف، منهم أفراد من الحرس الملكي وشخصيات سياسية، بينهم أحمد باحنيني الذي كان عمره حينها 62 سنة، إذ فارق الحياة برصاص الانقلابيين العشوائي دون نية تصفيته.
وقد كان ابن مدينة فاس يسمى الفقيه، وكان مناضلا، حيث اعتقل من طرف المستعمر الفرنسي سنة 1944 لتوقيعه وثيقة المطالبة بالاستقلال الشهيرة، قبل أن تتحول الأحداث ويحصل المغرب على استقلاله، ليتحول باحنيني إلى موظف بالمحكمة الابتدائية بفاس، ثم كاتبا عاما لوزارة الداخلية، فوزيرا للعدل، ثم وزيرا أول، على رأس الحكومة التاسعة في تاريخ المملكة، ما بين 1963 و1965. أما شقيقه الأصغر محمد فقد توفي سنة 1989 بمستشفى بيتي سالبيتريير بباريس عن عمر يناهز 75 سنة، وذلك إثر مرض عضال. وهو الذي بدأ مساره ككاتب مخزني وانتهى وزيرا للدفاع الوطني وأمينا عاما للحكومة، ثم وزيرا للدولة، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى أن وافته المنية.
وعلى غرار شقيقه الأكبر فقد دفن جثمان محمد في زاوية صوفية بالمدينة العتيقة بالرباط، وحين عقد مجلس الحكومة اجتماعه الأسبوعي برئاسة الوزير الأول، عز الدين العراقي، أبن أعضاء الحكومة الفقيد الحاج امحمد باحنيني في كلمة مؤثرة، بكى لسماعها الحاضرون.
الضريس.. ثالوث السلطة غير المحرم
تجمع عائلة الضريس السلطة من كل أطرافها، فالشرقي تحول إلى المركز الثاني في المنظومة الأمنية، لكنها ظلت تمثل الحضور «العروبي» بين صقور المخزن. ارتفعت أسهم ابن الفقيه بن صالح حين عين وزيرا منتدبا في الداخلية، ليصبح ثاني ابن البادية يشغل المنصب بعد إدريس البصري، ومنذ أن تقلد المنصب، في 13 شتنبر 2007، عمل الضريس على التخلص من التركة العسكرية الثقيلة لحميدو لعنيكري، بالتمرد على قانون رجال الأمن الذي عمر طويلا، منذ المدير الأول محمد الغزاوي.
بدأ الرجل العميري مشواره التعليمي في الفقيه بن صالح، لكن الهجرة إلى إيطاليا لم تجذبه على غرار شباب المنطقة، حيث كانت هجرته صوب كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، ليتخرج منها ويدخل الإدارة كمجند في إطار الخدمة المدنية سنة 1977، ومنها دخل مجال السلطة كقائد وكاتب عام ملحق بالإدارة المركزية في عهد إدريس البصري، الذي رشحه ليصبح عاملا على عمالة إقليم الحوز سنة 1998، وبعد سنة واحدة التحق بمديرية الشؤون العامة بوزارة الداخلية، التي عين عاملا عليها، ثم مديرا للولاة. وفي سنة 2005، شغل منصب والي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء.
للشرقي شقيق أصغر يشق طريق الإدارة الترابية في صمت، وهو المصطفى الضريس الذي عين قبل ثلاث سنوات عاملا على إقليم سيدي بنور، بعد أن شغل منصب كاتب عام لنفس العمالة، إلى أن أصدرت وزارة الداخلية بأمر من الملك محمد السادس، قرارا يقضي بإقالة عامل إقليم سيدي بنور، جلال الدين مريمي، بعدما صدرت عن هذا الأخير عبارات «سب وقذف ضد عبد الله باها، الذي كان حينها وزير دولة في حكومة عبد الإله بنكيران»، حيث شبهه بـ«الكلب الملتحي». وكان المصطفى قد شغل منصب قائد في آزمور، ثم باشا للمدينة ذاتها، قبل أن يصبح كاتبا عاما، ثم عاملا.
لا يقتصر حضور عائلة الضريس على السلطة الترابية، بل امتد إلى السلطة الرابعة، حيث يواصل عميد الإذاعيين، عبد الرحمان الضريس، هوسه الكروي من خلال برامج رياضية عبر إذاعة مراكش الجهوية.
وزير مغربي يستقبل رسميا شقيقه الوزير الموريتاني
بررت الباحثة الموريتانية، سكينة اصليب، وجود أشقاء على رأس مناصب المسؤولية في بلدين مختلفين، بالامتدادات القبلية، وقالت في رصدها للظاهرة إن العائلات الموريتانية في المغرب والسينغال كانت لها أوضاع اعتبارية طريفة، «حيث كان بعض الأشقاء يحتلون مناصب سامية، كل منهم في دولة، في حين استفاد آخرون من جنسيتهم المزدوجة وتقلدوا مناصب هامة في بلدين مختلفين»، مشيرة إلى أن السياسة والحدود فرقتا بين هذه العائلات، «إلا أن صلات الدم والعلاقات الإنسانية بقيت صامدة، فاستفاد أبناء هذه العائلات من تلك الميزة، في حين استفاد هؤلاء من التعامل السياسي والاجتماعي مع أبناء الحدود تارة، إلا أن الصراع السياسي والإيديولوجي ضد عائلات الضفتين ضايقهم مرات أخرى».
وتعد حالة رجل السياسة، الداي ولد سيدي بابا، خير مثال على هذه الازدواجية، فالرجل كان يشغل منصب رئيس للبرلمان المغربي، في حين كان شقيقه أحمد ولد سيدي بابا وزيرا في حكومة الاستقلال الموريتانية، ومن المفارقات الغريبة أن الداي استقبل شقيقه أحمد في لقاءات رسمية بالرباط ونواكشوط، كل واحد منهما يمثل دولة، وحين انتهى بروتوكول الاستقبال قضى الشقيقان ليلتهما في كنف بيت العائلة.
كان الداي ولد سيدي بابا ابن عم الرئيس الموريتاني الأسبق، معاوية ولد الطايع، وهو ما مكنه من تسلق أرقى المناصب في المغرب بعدما منحه الملك الحسن الثاني الجنسية المغربية، وترقى من مدير الديوان الملكي إلى سفير بالأمم المتحدة، ثم وزير للتعليم ورئيس لمجلس النواب المغربي لعدة سنوات. أما شقيقه أحمد ولد سيدي بابا فقد شغل عدة مناصب سامية في موريتانيا، من وزير في الحكومة إلى رئاسة حزب معارض. ومن الشخصيات التي لعبت دورين في بلدين مختلفين، نجد وزير الصحة الموريتاني، الشيخ ولد حرمة ولد بابانا، الذي كان عميدا للأطباء في المغرب وطبيبا مقربا من القصر، والدكتور محمد المختار ولد أباه الذي كان وزيرا موريتانيا، ثم انتقل ليصبح مديرا للإذاعة والتلفزيون المغربي وسفيرا للمغرب، في ما يشبه التمرد على الحدود.
وقدمت الباحثة الموريتانية أمثلة أخرى لهذه المفارقة «الدموية»، من خلال السياسي، با مامادو سامباولي، الذي كان وزيرا للمالية في حكومة الرئيس الأسبق، المختار ولد داداه، بموريتانيا، فيما كان شقيقه وزيرا في حكومة السينغال في عهد رئيسها، ليوبولد سيدار سنغور.
وزيران صحراويان بين الرباط وتندوف
حين اندلعت فورة الغضب في خيمة قيادة البوليساريو، وأعلن أربعة من مسؤولي المناطق العسكرية للتنظيم تمردهم وعدم امتثالهم لأوامر محمد الأمين البوهالي، وزير دفاع جبهة البوليساريو، بل وكشفهم لخيوط الفساد داخل الكيان الانفصالي، متهمين الطغمة الحاكمة بالاغتناء على حساب معاناة ومآسي المحتجزين بمخيمات تندوف، تبين أن متزعم التمرد يدعى بيد الله إبراهيم المعروف باسم كريكاو، المنتمي إلى قبيلة الركيبات، وهو شقيق وزير الصحة المغربي السابق ورئيس مجلس المستشارين والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة سابقا، بيد الله محمد الشيخ. كان شقيق القيادي المغربي قائدا لما يسمى بالناحية العسكرية الثانية، وامتلك الجرأة الكافية ليطالب البوهالي بالرحيل، حيث صرح بأن ما يسمى بوزير الدفاع ليس صحراويا، بل جزائري الجنسية، وبالتالي «لا يهمه مصير آلاف المحتجزين بالمخيمات، الذين يعانون من الحصار ومن مختلف ضروب القمع والتهميش». وهو ما أعاد إلى الأذهان انتفاضة 1988، مع فارق بسيط هو حجم التغطية الإعلامية لثورة كريكاو ومن معه.
لم يتوقف الصراع بين شقيق الوزير المغربي والوزير الجزائري، حيث فوجئ سكان مخيمات تندوف، صبيحة يوم فاتح أبريل 2014، بانتشار كبير للأعلام المغربية مرفوعة على الإدارات ومنصبة على جنبات الطرقات، وكذا مناشير تدعو الصحراويين إلى القبول بالمشروع المغربي للحكم الذاتي كحل أمثل لنزاع الصحراء. وعلى الفور وجهت أصابع الاتهام إلى إبراهيم بيد الله، كاتب الدولة المكلف بالأمن، بعد أن تبينت صعوبة تنفيذ مثل هذا العمل من طرف مواطنين عاديين، بالنظر إلى الحراسة الأمنية المشددة وكذا حظر التجوال المفروض على المواطنين داخل المخيمات ليلا.
المنصوري.. من الوزارة إلى الجماعة
ظل مصطفى المنصوري، الوزير السابق ورئيس مجلس النواب والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي تربع لأزيد من عقدين على بلدية العروي، يستمد سلطته من رفيق دربه وصديقه وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، الذي كان يعول على عائلة المنصوري المعروفة لبسط هيمنته على المنطقة. لكن السلطة الحقيقية للرجل ظلت تخرج من ثكنة الحرس الملكي عبر نفوذ أخيه الأكبر الجنرال ميمون المنصوري، قائد الحرس الملكي، وأخيه بنعلي المكلف بمهمة بالقصر الملكي ووزير النقل السابق.
حاول المنصوري بنعلي أن يتموقع داخل المحيط الملكي، حين اشتد الغضب على النظام بعد مقتل المهدي بن بركة، فبعد أن تعالت أصوات المعارضة مطالبة بالكشف عن رفات الزعيم الاتحادي ونقله إلى المغرب، عمل الملك الحسن الثاني على وتر آخر وعبر عن استعداده لنقل رفات الأمير الخطابي من مصر إلى المغرب على متن طائرة خاصة. وقالت نجلة الفقيد في أحد التصريحات، حول محاولات إعادة دفن الزعيم الريفي، إن النوايا لم تكن واضحة، فقد «جاءت لجنة من المغرب وحلت بالقاهرة وكانت تضم عبد الكريم الخطيب، مؤسس الحركة الشعبية، إلى جانب المحجوبي أحرضان وأحمد بركاش، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، من أجل نقل جثمان والدها، لكن العائلة رفضت ذلك، قبل أن تتجدد هذه المحاولات ومهمة الوساطة بين العائلة والحسن الثاني أو القصر خلال سنوات الثمانينات، وهي الوساطة التي لعبها المنصوري بنعلي»، مما زاد من مكانة العائلة التي سطع نجمها في عهد الحسن الثاني أواخر السبعينات وسنوات الثمانينات، قبل أن يخفت وتعيش الأفول.
لكن اسم المنصوري بنعلي عاد إلى الواجهة، حين راسل ديوان الملك محمد السادس في موضوع تحفيظ أراض في مساحات شاسعة بمناطق معينة بالريف، وطالب بالتدخل الفوري لدى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، قصد إجبار أرباب المساحات العقارية الشاسعة باللجوء إلى الوكالة الوطنية ذاتها، بغية طلب التحفيظ للممتلكات والتصريح بأسماء أربابها، واختفى عن الأنظار من جديد، على غرار ما حصل لمصطفى المنصوري، الذي عاش عزلة سياسية رغم الحظوة التي كان يتمتع بها، سيما حين جثم على مناصب سياسية كرئاسته لمجلس النواب، ورئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار ورئاسة المجلس الإقليمي للناظور ومجلس جماعة العروي ورئيس الجهة الشرقية ورئيس فريق سياسي في البرلمان وحقائب وزارية متعددة، كالنقل والتجارة والصناعة والطاقة والمعادن والتشغيل والشؤون الاجتماعية والتضامن، وغيرها من المسؤوليات.