حل الرئيس الأمريكي جو بايدن بصورة مفاجئة خطفت أنفاس العالم بأوكرانيا، في تحد لموسكو ولنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتأكيد على دعم الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
فالرئيس الأمريكي أراد القيام بتلك الزيارة المفاجئة، على الرغم من أن كييف تعيش على إيقاع الغارات الروسية وصفارات الإنذار، والتأكيد أن واشنطن تقف إلى جانب الشعب الأوكراني وديمقراطيته التي هي امتداد للديمقراطية الغربية في مواجهة الغطرسة العسكرية الروسية، فالزيارة حملت مضامين سياسية عابرة للحدود مفادها أن الولايات المتحدة هنا على أبواب روسيا تساند حليفتها، وعلى موسكو أن تعيد النظر في حربها غير المبررة وفق المنظور الغربي كونها اعتداء على إحدى دول الناتو، وخط الدفاع الأول عن أوروبا.
واللافت في الزيارة التي أحيطت بسرية إعلامية إلى حين وطأت قدما الرئيس جو بايدن أرض كييف، قادما من وارسو التي أُسس فيها حلف وارسو بقيادة موسكو، من أجل خلق توازن مع حلف شمال الأطلسي «الناتو» بقيادة واشنطن التي أنهت ذاك الحلف، حيث أصر الرئيس بايدن على التجوال بشوارع العاصمة الأوكرانية وزيارة كاتدرائية سانت مايكل، في تحد صارخ لموسكو وحربها. وفي هذا السياق اعتبر دانيال فرايد، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس لأوروبا وأوراسيا سابقا: «إن رحلة بايدن الدرامية إلى كييف تتماشى مع لحظات رئاسية عظيمة أخرى للقيادة في الدفاع عن الحرية».
وعلى الرغم من زيارة بعض زعماء العالم إلى أوكرانيا خلال العام المنصرم، إلا أن زيارة الرئيس الأمريكي، وسط حرب لا يقاتل فيها جنود أمريكيون، تمثل رسالة شديدة اللهجة والقوة للتضامن مع أوكرانيا، ورد صريح على ادعاءات موسكو بأن الدعم الغربي والأمريكي لكييف في تراجع.
فقد أكد الرئيس الأمريكي أن واشنطن سوف تدعم أوكرانيا في معركتها ضد روسيا «بقدر ما يتطلب الأمر»، وقال بايدن: «لدينا ثقة كاملة بأنكم ستواصلون الانتصار».. وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان «مخطئا تماما» عندما اعتقد أن روسيا يمكن أن تصمد أمام أوكرانيا وحلفائها من دول الغرب.
والجدير ذكره أن الزيارة، التي أتت عشية الذكرى الأولى للغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، تهدف للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بديمقراطية أوكرانيا وعلى سيادتها وسلامة أراضيها، فالرحلة استغرقت 10 ساعات من وارسو إلى كييف، وكشف جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي أن واشنطن أبلغت روسيا بالرحلة قبل ساعات قليلة من مغادرة الرئيس الأمريكي «لأغراض منع الاشتباك».
إذا فزيارة أوكرانيا هي مفاجئة إعلامياً فقط، ولكنها أتت قبل زيارة تستغرق ثلاثة أيام لبولندا، سيلتقي خلالها الرئيس البولندي أندريه دودا، وأعضاء بحلف الناتو، وقبيل الإعلان عن حزمة جديدة من العقوبات على روسيا ستكون أشد قسوة عما سبقها.
وعليه فإن نتائج زيارة الرئيس بايدن ستظهر بالتأكيد وستنعكس بدون شك على ساحة المعركة في تحرير الأراضي الأوكرانية وفق توصيف الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الذي دعا على الدوام حلفاءه الغربيين إلى تزويد بلاده بطائرات مقاتلة من طراز F16، وهي الخطوة التي لم توافق عليها واشنطن وحلفاؤها، على الرغم من أن الولايات المتحدة تعد أكبر الدول الحليفة لأوكرانيا، فقد سبق أن أعلنت عن حزمة مساعدات عسكرية تصل قيمتها لـ24.9 مليار دولار، كما أرسلت 31 دبابة مقاتلة وصواريخ بعيدة المدى إلى كييف.
فهل سنكون أمام تصعيد كبير أم حل سياسي؟ هذا ما سنكتشفه في القادم من الأيام.
ماريا معلوف