شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

زوجة الشاه تتذكر..

يونس جنوحي

 

فرح ديبا، زوجة آخر شاه في إيران قبل الثورة التي جاءت بالخميني سنة 1979، خرجت أخيرا إلى الضوء ومنحت حوارا حول حياتها لقناة «العربية». صحيح أنها أصدرت مذكراتها قبل عقد ونصف العقد تقريبا، وكانت تظهر بـ«احتشام» في مهرجان الصويرة بين الفينة والأخرى، وتلاحقها عدسات مصوري الوكالات الدولية، ويبيعون صورها بآلاف الدولارات إلى المنابر الأجنبية التي لا يزال موضوع سقوط إمبراطورية الشاه مغريا لها.

فرح ديبا تملك منزلا في مدينة تارودانت، ورغم أنها لا تزوره كثيرا، إلا أنها تعتبره التفاتة كريمة من الملك الراحل الحسن الثاني، الذي بقي صديقا وفيا لعائلة الشاه عندما أغلقت أمامه السبل وعاش آخر أيامه ضيفا ثقيلا على الدول، التي لا طالما رحبت به فوق أراضيها أيام كان يحكم بلاد الفرس، وتلقبه الصحافة الدولية بالإمبراطور.

عودة فرح ديبا إلى أضواء الصحافة شكلت إيقاظا لذاكرة دبلوماسيين من مختلف الجنسيات، ممن أحيلوا قبل سنوات طويلة على التقاعد. وإلى جانب استرجاعهم لذكريات ذهبية، أيام إيران المتحررة، فإنهم يشعرون أيضا بالحسرة على ما آلت إليه الأوضاع بعد وصول الخميني إلى السلطة، وكيف أن الإيرانيين أزالوا صور فرح ديبا من الشوارع، وصار الشاه غير قادر على الحصول على العلاج في سنوات حياته الأخيرة، بعدما تنكر له الأصدقاء وبينهم رؤساء عرب.

فرح ديبا كتبت في مذكراتها أن الزعيم العربي الوحيد الذي أبان عن موقف شهم واستقبل عائلة الشاه المطرود من بلاده، هو الملك الراحل الحسن الثاني. إذ رغم توصيات الأمريكيين له، إلا أنه رفض التخلي عن الصداقة القديمة التي جمعته بأسرة الشاه، ووضع رهن إشارته إقامة لإيوائه هو وأسرته، إلى أن اختار مغادرة المغرب لمتابعة العلاج في الخارج. حدث هذا في وقت كانت فيه دول طالما أغدق عليها الشاه بالمساعدات، قد أعلنت قطع علاقاتها مع النظام الإيراني الذي صار سابقا، فيما عبر الملك الراحل الحسن الثاني عن رأيه صراحة، وهو رأي مكلف وقتها بحكم أن الثورة في إيران قلبت موازين الشرق الأوسط.

ورغم أن فرنسا كانت من الدول الصديقة لإيران أيام الشاه، إلا أنها لم تتردد في توفير طائرة من «الخطوط الفرنسية» للخميني، لكي تعيده منتصرا إلى طهران، ويعلن منها قيام دولة جديدة على أنقاض إمبراطورية الشاه.

وفي الوقت الذي كان العالم كله يتابع صور الخميني وهو يتجول مزهوا في الشوارع التي صارت سوداء اللون وفرض فيها نظام حياة جديد على الإيرانيين، كان الشاه يحاول أن يرتاح في الإقامة الوحيدة التي أتيحت له، وكانت في مدينة مراكش، حيث عمل الملك الراحل الحسن الثاني على توفير طائرة لنقل أسرة الشاه وأبنائه من مدارسهم في أوروبا وأمريكا، لكي يجتمعوا في مراكش، ويسمعوا فيها بخبر عدم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بنظامه بعد ذلك اليوم، لكي يصبح رجلا منبوذا عبر العالم.

فرح ديبا لم تنس التفاتة الملك الراحل الحسن الثاني، وينتظر أن تتناولها بالتفصيل في خرجتها الإعلامية الأخيرة، بعد سنوات طويلة جدا من الصمت. وربما قد تفرج عن أسرار جديدة، بخصوص الساعات الأخيرة لزوجها فوق عرش بلاد فارس، تجنبت إثارتها في مذكراتها التي تُرجمت إلى لغات كثيرة. إذ إن رقابة الكتابة وقتها قد تُسقط بعض التفاصيل، ليس سهوا، وإنما تجنبا للإحراج. ولعل الوقت قد حان الآن، للإفراج عنها.

إمبراطورة إيران السابقة التي كانت تتسابق كبريات المجلات العالمية على الفوز بصورة لها على الغلاف خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، جربت مرارة السقوط من القمة، ووحدها مدينة تارودانت وفرت لها السكينة اللازمة لكي تستجمع قواها من جديد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى