زمن الأفعال لا الأقوال
ردت الديبلوماسية المغربية التحية الألمانية الأخيرة بأحسن منها، معلنة استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بعد التصريحات الإيجابية الأخيرة للحكومة الفيدرالية لألمانيا التي أكدت على دعم مقترح المغرب للحكم الذاتي وجهود الأمم المتحدة للبحث عن حل سياسي دائم ومتوافق بشأنه.
بدون شك فإن عودة مياه الديبلوماسية إلى مجاريها الطبيعية لن تكون دون مراجعات في مواقف برلين خصوصا تجاه وحدتنا الترابية وسيادتنا الوطنية، حيث أصبح مطلوبا منها ترجمة الأقوال والمواقف الداعمة للسيادة المغربية، إلى أفعال وآليات عمل ملزمة. فلا معنى لاستئناف التعاون الثنائي، وعودة عمل التمثيليات الديبلوماسية بين المملكة المغربية والجمهورية الاتحادية الألمانية، إلى وضعها الطبيعي، دون تحويل الأقوال إلى أفعال على أساس الوضوح في المواقف والاحترام المتبادل لسيادة الدولتين والثقة بين الطرفين.
إن نقطة بداية الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الرباط وبرلين، أن تدرك هاته الأخيرة أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم، وأن هناك تحولات جوهرية وجيو-استراتيجية تعيشها بلادنا مما أهلها لتصبح قوة إقليمية بشمال إفريقيا يحسب لها ألف حساب، ولاعبا رئيسا في عدة ملفات إقليمية معقدة، في مقدمتها الملف الليبي والمالي، وعموما الاستقرار والاستثمار بالقارة السمراء.
من هنا، لا يفتأ الملك محمد السادس يردد مقولة إن المغرب لن يقبل الوصاية ورمادية المواقف، للتأكيد على النقلة النوعية التي حققتها الرباط في السنوات الأخيرة، مما أهلها لتكون صاحبة موقع استراتيجي بين الدول الرائدة في العالم بواسطة مصداقيتها السياسية والاقتصادية والأمنية. وللأسف بعض الشركاء كإسبانيا، لا يريدون قبول هذه الحقيقة، ويحاولون القفز والالتفاف حولها في كل مرة وهو ما يصعب المأمورية.
ولأن الرباط وبرلين لا تملكان خيار الطلاق البائن والتخلي عن الشراكة الحتمية بين بعضهما البعض، فهما مضطرتان للتركيز على المساحات المشتركة ومجالات التعاون وطرق حل المشاكل العالقة دون استخفاف طرف بآخر ودون تطاول على سيادة ووحدة الدولتين.