شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

زارني مبعوث السلطان فسلمتُه إلى القبائل وذبحوه أمامي انتقاما

يونس جنوحي

قال لي الريسوني: «عندما كان بيرديكاريس يصطاد طير «الزقزاق» الأخضر، ويأكل الكسكس فوق الأراضي التابعة لي، أرسلت الحكومة الأمريكية سبعة عسكريين إلى طنجة، ورست أيضا سفينة حربية قادمة من بريطانيا. كان السلطان يخشى على عرشه، لكنه لم يرسل جيشه لمحاربتي، فقد كانت حياة الأمريكي بين يدي.

أحد الذين أرسلهم إليّ المولى عبد العزيز كان أحد كبار مساعديه المشهورين بالقسوة والتجبر. عندما كان ينصب خيمته على مقربة من قرية، فإنه كان معتادا على إجبار القرويين على دفع إتاوات له بنصف ما يملكونه، وأحيانا يدفعون له كل ما لديهم. وإذا تأخر وصول الأموال إليه، فإنه يأخذ معه النساء حيث يُسحبن على طول الطريق ويُضربن أمام كل أهل القرية.

إذا جاء رجل لمقابلته على ظهر حصان جيد، يقول له:

-كم تريد مقابل هذا الحصان؟ لقد أعجبني وأريد أن أمتلكه.

من شدة الخوف، يجيب مالك الحصان:

-ليأخذه مولاي هدية مني إليه.

فيجيبه الآخر محتجّا:

-لا، لا. يجب أن أدفع لك. اترك الحصان هنا، وسأرسل لك المال إلى منزلك.

وهكذا ينصرف الرجل المسكين بدون حصان، وبدون أي فرصة لكي يتوصل بماله لاحقا».

يبدو أن سرقة حصان وتعنيف امرأة كانا جريمتين بالدرجة نفسها بالنسبة للريسوني. يقول:

«عندما أرسل السلطان هذا الرجل مبعوثا إليّ، قلتُ له:

-سأصبح غنيا جدا إذا طلبت المال مقابلك.

أجابني:

-حفظك الله أيها الشريف. هل تعتقد أن قيمتي كبيرة لدى مولاي حتى يدفع لك لكي يستعيدني؟

-لا، لا. ليس السلطان مع من يجدر بي مقايضتك، لكن مع القرويين الذين يكرهون اسمك ويلعنونك. ألا تصدق أن القرويين هنا وهناك سيكونون سعداء وهم يعلقون رأسك فوق أسوارهم، ويفرجون نساءهم على يديك ورجليك؟

أجاب:

-إنها مشيئة الله.

لكني رأيتُ فكيه يرتعدان تحت وجنتيه.

لإنهاء الموضوع، أرسلت إلى بعض رجال القبائل لأخبرهم أنني أتوفر على بضاعة لكي أبيعها لهم، وعندما جاؤوا ورأوها، دفعوا لي قدرا من «الدورو» وسملتهم الرجل. تفرجت عليهم وهم يقطعون رقبته بإتقان.

بعد ذلك أتصور أن السلطان وجد صعوبة في إيجاد رُسل آخرين، لكن رجاله كانوا فقراء، وكانوا مستعدين للقيام بأي شيء من أجل المال.

لم تكن لدي أي رغبة في أن أخسر «بيرديكاريس»، فقد كان رجلا ذا قلب طيب وكان متفهما جدا..، لكن عندما وافق مولاي عبد العزيز على الشروط، مستسلما للضغوط، أرسلته إليهم من الجبال ومعه حماية وهدايا كثيرة. في الحقيقة دفعوا مبلغا كبيرا لإطلاق سراحه. وأخيرا حصلتُ على انتقامي من حاكم طنجة، لأنني، بالإضافة إلى الفدية الكبيرة (سبعون ألف دولار)، تم إطلاق سراح أصدقائي من السجن، لكي يتركوا مكانهم فيه لأعدائي، وأصبحت حاكما لكل مناطق جهة طنجة خلفا لسيدي عبد الرحمن الذي سبق له أن خانني.

في هذه النقطة الأخيرة، كانت لدي مبررات قوية ومضاعفة، لأن البلاد كلها كانت تعاني من قسوة وظلم حاكم طنجة، وقررت أن أزيحه من منصبه وأجلس مكانه. أخيرا وصلتُ، إذن، إلى السلطة التي طالما رغبت في امتلاكها. ظن بعض الرجال أنني أريد المال، لكنني أخبرك الآن أن المال هو الشيء الوحيد النافع في السياسة. الرجل الذي يتوفر على مال وفير يكون لديه عدد كبير من الأصدقاء، ويُحكم على الرجل بناء على كمية المال بين يديه.

عندما أصبحت حاكما لطنجة كانت هناك مشاكل كبيرة في الجوار بسبب تمرد بوحمارة، وهو رجل متنطع ادعى أنه الابن الأكبر للسلطان، عندما توفي مولاي محمد، الابن الأكبر للمولى الحسن. كان كاتبا في أحد منازل القصر في مكناس، وهناك رأى رسائل من السلطان والخاتم السلطاني الشريف الذي يُطبع في الوثائق. وبطريقة ما، حصل على وثيقة مختومة بإمكانه استعمالها للحصول على المال.

كان مسلما متدينا، ولديه موهبة في الكتابة، وهناك دائما أناس حمقى سيصدقون أول شيء يقال لهم بدون أي أدلة. وبالتالي فإنه أعلن نفسه سلطانا من بلاد الغرب بين فاس وتازة، وانضمت إليه القبائل لأن حكومة المولى عبد العزيز كانت سيئة. أرسل السلطان قوة لمواجهته، لكنها هُزمت. لذلك اعتقدتُ أنه من الحكمة عقد هدنة معه، وتبادلنا رسائل كثيرة».  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى