الأخبار
قرر قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء متابعة ثلاثة من أبناء رجال الأعمال في حالة اعتقال احتياطي وأمر بإيداعهم سجن «عكاشة»، وذلك استجابة لملتمس الوكيل العام للملك، حيث يواجهون تهما تتعلق بتكوين عصابة إجرامية، واختطاف واحتجاز واغتصاب محامية فرنسية شابة تقدمت بشكاية لدى السلطات الفرنسية. وقرر قاضي التحقيق، أيضا، متابعة خطيب هذه الشابة في حالة سراح، وسيتم إخضاع الجميع للتحقيق التفصيلي.
حفل خاص بأبناء الفشوش
تعود القضية إلى يوم 2 نونبر الجاري، عندما حضرت الشابة الفرنسية رفقة خطيبها المغربي حفلة خاصة داخل منزل أحد المتهمين، حيث تعرضت للتخدير والاحتجاز والاغتصاب، حسب تصريحاتها بمحاضر الشرطة الفرنسية، وعلى إثر ذلك تقدم خطيبها بشكاية لدى النيابة العامة التي كلفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل تعميق البحث في هذه القضية التي أثارت ضجة في أوساط الرأي العام. وتوجه الشابة الفرنسية اتهامات إلى أبناء رجال الأعمال باحتجازها واغتصابها داخل المنزل الذي احتضن حفلا خاصا حضره أبناء كبار أثرياء العاصمة الاقتصادية.
وبناء على الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تقدم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بملتمس إجراء تحقيق مع المتهم الرئيسي «كميل.ب»، وهو ابن رجل أعمال متخصص في الصناعة الدوائية، و«محمد.ل» وهو ابن مسؤول بارز بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكذلك «سعد.س» وهو ابن رجل أعمال معروف بالدار البيضاء. وحسب معطيات خاصة غير مؤكدة رسميا، تم العثور على مخدرات في المنزل الذي احتضن الحفل، وعلى أسلحة بيضاء بأحجام مختلفة. وتقدمت الشابة الفرنسية بشكاية أخرى لدى الشرطة الفرنسية، تتهم فيها المسمى «كميل.ب» بتخديرها والاعتداء عليها بالضرب هي وخطيبها، ثم اغتصابها في منزله خلال حفل خاص أقامه بعين المكان. وجاء في محاضر الشرطة الفرنسية أن المتهم يبلغ من العمر حوالي 38 سنة ويقطن بمنطقة «عين الذياب» وسط الدار البيضاء، وهو مطلق مرتين ولديه طفل من كل زوجة سابقة له.
تخدير واحتجاز واغتصاب
تحكي الضحية فيليكس سكستين، ذات 27 سنة، في محضر الاستماع إليها من طرف الشرطة الفرنسية، أنها ذهبت إلى منزل «كميل.ب» رفقة خطيبها المغربي بعد أن اتصل به وأخبره بتنظيم حفل بمنزله بمناسبة عيد ميلاده، وصرحت أنها وصلت بعد خطيبها على الساعة العاشرة والنصف ليلا، وقالت إنها لم تتعرف على أحد هناك وكان يتواجد عدد كبير من الحاضرين لم تقابلهم من قبل، باستثناء شاب يسمى «مامون.ب» وفتاة تسمى «سارة.ب»، اللذان غادرا الحفلة على الساعة الثالثة صباحا، وكان المدعوون كلهم مسجلين على لائحة وتم التأكد من أسمائهم قبل الدخول للحفل. وتضيف المشتكية أنها لم تكن مرتاحة في الحفل وأن المدعوين كانوا من طبقة مجتمعية أقل من التي تختلط بها في العادة، وأنها كانت تتعامل فقط مع الطبقة الراقية من أبناء رجال الأعمال والأعيان في المغرب.
أما بالنسبة لحالتها الصحية، فتقول إنها كانت في كامل وعيها وأنها لم تتعاط للكحول بكميات كبيرة، وكانت تراقب كأسها ولم تفارقه إلا عندما كانت تذهب للحصول على بعض الأكل. وتحكي المشتكية أن الحفلة كانت طبيعية إلى حدود الساعة الثانية عشرة والنصف صباحا تقريبا، حيث تشاجرت مع صديقة خطيبها السابقة ومع خطيبها كذلك، متسائلة عن تواجدها بالحفلة، وكانت تراودها شكوك بأنها جاءت لتضع شيئا في الكأس التي تشرب منها، لكنها تراجعت عن الفكرة نظرا لتواجد نادلين مسؤولين عن تقديم المشروبات والمقبلات.
وأضافت فيليكس أنها خلال الحفل لم تلتق بالمتهم «كميل» إلا مرات قليلة، وبحسب ما وصلنا فإنه كان في جزء آخر من المنزل الذي تبلغ مساحته 600 متر، لكنها لم تكن مرتاحة بما يكفي، حسب تصريحاتها، خصوصا وأنها كانت تسمع إشاعات تقول إن «كميل.ب» قتل شخصا عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، لكن والدي الضحية لم يقدما أي شكوى مقابل حصولهما على مبلغ مالي مهم ثمنا للسكوت.
وبعد الثانية صباحا لم تتذكر الضحية شيئا، تقول المحامية، لكن خطيبها أخبرها أنها كانت تتحدث إلى عدد من الرجال خلال الحفل، وكانت تتصرف بطريقة غير طبيعية لدرجة أنها كانت تقعد على أرجلهم بمن فيهم «كميل.ب»، وبحسب خطيبها، فإن تصرفاتها أصبحت غريبة بين الخامسة والسادسة صباحا، فقد أصبحت تتحدث بطريقة عنيفة وهذا ليس من طباعها نهائيا، وتقول إنه أخذها إلى غرفة لكي ترتاح ودفع لعاملة البيت 300 أورو لكي توفر لها الرعاية وتظل بجانبها، لأنه لم يكن يشعر بالأمان، لكنه أصر على أنها كانت في كامل وعيها إلى حدود الساعة.
وأضافت المشتكية أنه عندما أراد خطيبها أن يدخل الغرفة ليغادرا المنزل سويا، اعترضه الحارس الشخصي الذي كان واقفا أمام باب الغرفة ومنعه من الدخول وأخبره بأن «كميل.ب» بالداخل، حيث دخل معه في شجار، وتم طرده من المنزل بالعنف، وتسبب ذلك في كسر على مستوى يده وأضلعه ومُنع من أخذ سيارته، وكان ذلك على الساعة الثامنة صباحا، وهذا ما يفسر أن حادثة الاغتصاب تمت ما بين الساعة السادسة والثامنة صباحا، حسب ما ورد في محضر الشرطة الفرنسية.
وعندما استيقظت ما بين الواحدة والثانية بعد الزوال، تقول فيليكس إنها كانت تشعر بدوار وكل الأعراض المصاحبة للتخدير، وبعدما قامت بالتحاليل في مختبر برفقة والد خطيبها، كانت النتيجة أنها تعاطت لمادة الكوكايين، وهي تؤكد أنها لم تتعاط هذه المادة بشكل مباشر طوال الحفلة وكانت آخر مرة تعاطت فيها هذا المخدر في شتنبر من السنة الجارية، وفي الوقت نفسه تحكي أنها كانت تشعر بألم شديد في المناطق الحساسة من جسمها لكنها لم تكن أي علامات تدل على أنها تعرضت للاغتصاب، لأنها كانت ترتدي ملابسها بشكل طبيعي، كما أن جسمها مليء بالكدمات بشكل متفرق.
وقالت فيليكس إن «كميل.ب» كان يظهر إعجابه بها في كل مرة يلتقيان برفقة خطيبها، لكنها لم تتوقع أي تلميحات جنسية منه. وتضيف الضحية أنها تعيش أزمة نفسية شديدة وفكرت في الانتحار مما دفع صديقاتها للاتصال بالمستعجلات لتبدأ العلاج النفسي للضرورة القصوى.
تفاعل الأمن المغربي بجدية مع القضية
تفاعلت السلطة القضائية والمصالح الأمنية بسرعة وجدية مع الشكاية التي قدمها خطيب الضحية، حيث كلفت النيابة العامة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي تضم خيرة الأطر والكفاءات، وتمكنت من تفكيك خيوط عدد كبير من الجرائم، حيث قامت بالأبحاث والتحريات القضائية اللازمة في ظرف وجيز، وأحالت الملف على الوكيل العام للملك، الذي أمر بوضع المشتبه فيهم تحت تدابير الحراسة النظرية، وأحالهم على قاضي التحقيق، الذي تعامل بدوره بصرامة في هذا الملف، بمتابعته لهم في حالة اعتقال.
وتزامنا مع هذه التطورات، تم تسريب محضر الشرطة الفرنسية، ما يثير أسئلة حول دواعي وخلفيات هذا التسريب، ولماذا لجأت الضحية إلى الشرطة الفرنسية، علما أن خطيبها وضع شكاية مماثلة لدى الأمن المغربي، وهي تعرف ذلك، وهل يتعلق الأمر بمحاولة للضغط على القضاء بترويج رواية الضحية المفترضة، خاصة أنها منحت لنفسها الحق في التنازل عن الشكاية، حسب ما ورد في تصريحها أمام الشرطة الفرنسية؟