رقعة نقص الماء تتسع
لا تنحصر أزمات المغاربة هذه الأيام في غلاء بعض المواد الأساسية والمحروقات، وعدم قدرة نسبة كبيرة من المواطنين على توفير احتياجاتهم من المواد الغذائية، بل تمتد إلى شبح فقر مخيف في الموارد المائية، والذي يشكل تهديدا رئيسيا يطاول غالبية المناطق المغربية التي يجد سكانها صعوبة بالغة في الحصول على مياه الشرب، وضاعف الجفاف الحاد الذي تعيشه بلدنا منذ ثلاث سنوات، من المعضلة المزمنة للأمن المائي، ليحولها إلى إحدى أهم الأزمات الصعبة التي تهدد عيش المغاربة.
فيوما بعد يوم تزداد رقعة المناطق المهددة بالعطش، ومعها تزداد مؤشرات عدم الاستقرار الاجتماعي، وللأسف فإن العقلية التي أدار بها المسؤولون لحدود اليوم أزمة نقص مياه الشرب، بل وندرتها في كثير من الأحيان، تحتاج إلى مراجعة جذرية، لأن المشكلات تزداد والحلول البسيطة أو الجزئية لن تحل تلك المعضلات. فمشكل المياه على خلاف مشاكل أخرى، يستدعي قطاعا قادرا على التعامل بجدية مع احتياجات المواطنين، ويتابع عن كثب الحالة العامة لعملية التوزيع، ومتابعة شكاوى المواطنين بكل حرص، وتبني استراتيجية جدية ومستعجلة لامتصاص الطلب المتزايد على المياه، قبل فوات الأوان.
والحقيقة التي نستنتجها من أزمة المياه، أن هناك مشروعات انتهت صلاحيتها، وأخرى يُعَطِّلُهَا مسؤولون خارج دائرة المحاسبة السياسية والقضائية، وأخرى سقطت ضحية بين أيدي البيروقراطية والمساطر القانونية المعقدة التي لا تأخذ بعين الاعتبار آنية الطلب، إلى جانب مشروعات متأخرة التنفيذ تنتظر أن تنتهي دون أجندة محددة، كما هو الحال بالنسبة إلى محطة تحلية السعيدية، التي كان من المفروض أن ترى النور قبل ثلاث سنوات.
والخلاصة أننا نوشك على استنزاف المخزون الباقي لنا من المياه الجوفية والمخزنة في السدود، بسبب الجفاف وعبث المسؤولين، فقد خسرنا أكثر من 70 في المائة من احتياطاتنا، والسبب كما قلنا ونكرر إنه لم تعد هناك استراتيجية للدولة واضحة الأهداف والأجندة الزمنية في ما يخص تدبير المياه في المملكة، وإنما هناك أفكار ومبادرات ظرفية تطلق، ثم ينفذ بعضها حسب الرغبة، بينما لا يرى بعضها النور إلى حدود اليوم، لذلك ما زال الفشل حليف السياسات الحكومية المتتالية في إنشاء محطات لتحلية المياه، وفي تدوير المياه العادمة لاستعمالها في الري، وغيرها من السياسات المائية التي أنتجنا بصددها أطنانا من الأفكار والتقارير واللجان، دون أن يكون لذلك أثر على الواقع.