شوف تشوف

شوف تشوف

رقصة الديك المذبوح (2/2)

سخرية رئيس الحكومة من سواسة وطريقة تدبيرهم لمعيشتهم لن تمر مرور الكرام، فقد دس بنكيران أصبعه في جرح ينزف منذ سنوات، جرح ناتج عن شعور بالحكرة والتمييز والسخرية من شخصية السوسي وتقديمه في وسائل الإعلام العمومية كمقابل للشح و«التصقريم» والعيش داخل «تاحانوت».
وبعدما أفصح رئيس الحكومة عن التصور الذي يحمله عن أهل سوس، لنا أن نتساءل هل هي مصادفة أن العثماني، السوسي الوحيد في الحكومة، تم إخراجه منها بموافقة بنكيران، فيما تعرض السوسي الآخر، وزير الدولة باها، للموت بشكل درامي ومريع في حادثة القطار الشهيرة؟
بنكيران أظهر أنه عنصري معتز بأصوله الفاسية الموريسكية، وقد أفصح عن ذلك باعتزاز شوفيني أمام وزير إسباني بحضور الصحافة، مدعيا أن دماء أجداده الموريسكيين تجري في عروقه.
وبنكيران ليس عنصريا فقط بل هو حربائي أيضا، فقد قال إنه قلب الدنيا واتصل بوزير الداخلية لكي يعرف ما الذي وقع للأساتذة المتدربين، وها هو حصاد، وزير الداخلية، يقول إن التدخل ضد الأساتذة المتدربين كان بتنسيق مع بنكيران، أي أن رئيس الحكومة «فراسو الفيلم من الأول وداير تيبهلة».
وقد اعتقد رئيس الحكومة أنه سينجح في التهرب من المسؤولية وسيلصقها في رأس وزير الداخلية، لكن هذا الأخير «تسيف عليه وحطو بوجهو».
وحتى في هذه لن يعدم رئيس الحكومة حيلة، إذ رد على وزير داخليته بالقول «والله أسيدي ما فراسي ولن يفرضوا علي شروطهم»، وهكذا أصبحنا أمام وزيرين من نفس الحكومة يرويان روايتين مختلفتين حول حدث واحد، مما يعني أن «واحد فيهم كذاب».
وقد ابتلانا الله برئيس حكومة «داير بحال بعبولة، تشدو من جهة يتملمص ليك من جهة خرى»، فقد قال إنه مستعد لتقديم استقالته في حالة ثبوت مسؤوليته في تعنيف الأساتذة، وها قد «فرشه» وزيره في الداخلية وقال إنه كان على علم بكل شيء وإن التدخل تم بعلمه، أي أن «الأخ ماشي غي فراسو» بل إنه هو من أشرف على عملية السلخ، فهل يكون في مستوى وعده ويقدم استقالته؟
وحتى إذا صدقنا روايته وكذبنا رواية حصاد، فهل المشكل الآن هو «واش كانت فراسو ولا مكانتش فراسو»، يا سيدي ها هي ذي في رأسك الآن فماذا أنت فاعل لمعاقبة من تسبب في هذه الجريمة؟
إن هؤلاء الأساتذة الذين تم سلخهم بتلك الطريقة، عليهم أن يتابعوا وزير العدل الذي قال بمجرد سؤاله عن رأيه حول ما حصل إنه ما فراسوش، قبل أن يقول إنه سيفتح تحقيقا، وسبب المتابعة هو أن وزير العزل هو من غرر بهؤلاء الأساتذة للنزول إلى الشارع، أليس هو من أرسل السنة الماضية دورية لوكلاء الملك والوكلاء العامين للملك بكل المملكة يأمرهم بعدم منع المسيرات والوقفات الاحتجاجية السلمية التي لا تمس بالنظام العام، وأن الوقفات الاحتجاجية السلمية لا تتطلب ترخيصا مسبقا، ومسيرة الأساتذة كانت سلمية تم رفع صور الملك فيها.
«ماشي هادي هيا طلع تاكل الكرموص نزل شكون كالها ليك»؟
إنهم يحرضون الناس على محاربة الفساد والتنديد بالظلم، لكن عندما يسخن الطرح يتنكرون حتى لإخوانهم ويغيرون البندقية من كتف إلى كتف.
لقد رأينا وزراء حزب العدالة والتنمية وقيادييه يعطون الدروس حول تساوي الفرص في الشغل أمام أبناء الشعب، قبل أن ينفضح أمر الوزير الخلفي وهو يتدخل لتوظيف ابن الحمداوي في بنك، مثلما تدخلت قبله ماء العينين، النائبة التي اكتشفت هذه الأيام نغمة «الركوب» على القضايا، لنقل زوجها من فائض عن الحاجة بنيابة تزنيت إلى إطار كبير في الوزارة المكلفة بالبرلمان.
ورأينا كيف تخلوا عن فرض الضريبة على الثروة كما وعدوا المواطنين وفرضوها على البسطاء.
ورأينا كيف شرع وزير «العزل» في توقيف القضاة وعزلهم لمجرد إبداء آرائهم، وأخلف وعده بمراقبة حسابات القضاة البنكية بحثا عن الثراء غير المشروع وتفرغ لمراقبة حسابات بعضهم في الفيسبوك.
وسمعنا رئيس الحكومة يقول إنه لا يتخلى عن مناضليه وحلفائه، فرأيناه يوقف البرلماني أفتاتي لمجرد زيارته لدائرته الانتخابية.
وسمعنا بنكيران يحاضر في نظافة اليد قبل أن نكشف أمر إخفائه لمطبعة باسمه واستفادته من المال العام من وزارة الحقاوي ووزارة الثقافة.
وسمعناهم يتحدثون عن العفة، إلى أن رأينا كيف ذبح الشوباني صديقه وخطف زوجته، وحدد يوم 13 مارس الذي هو عيد ميلاد سمية بنخلدون عيدا للمغاربة يحيون فيه ذكرى المجتمع المدني.
وسمعنا رئيس الحكومة يقطع وعدا على نفسه أمام مدير القناة الثانية حينما خاطبه قائلا «إما أن تستقيل أنت أو يستقيل الخلفي»، فلم يستقل أي واحد منهما إلى اليوم.
وكم سمعناه يخطب خلال الحملة الانتخابية ويعد بالرفع من الأجور، وعندما وصل إلى الحكومة رفع من تقاعد الوزراء إلى 4 ملايين سنتيم، ورفع من تعويضات السكن الخيالية للولاة وباقي رجال السلطة، وفي المقابل جمد أجور جميع موظفي الدولة، بما فيها الرتب والترقيات.
وكم سمعناه في المعارضة يخطب حول العلم والدراسات العليا، وعندما وصل إلى الحكومة منع الموظفين من متابعة الدراسة، ومنع الترقية بالشواهد.
وكم طالب الحكومات بمحاورة النقابات، وعندما أصبح هو من يجلس فوق كرسي الحكومة فشل الحوار الاجتماعي في عهده.
وكم خطب حول سياسة القرب والإنصات لمعاناة الشعب ومواساته، وعندما نكبت الفيضانات الجنوب وسقطت الدور ببوركون واحترق وغرق الأطفال في طانطان وواد الشراط اختفوا جميعهم كأن الأرض انشقت وابتلعتهم فجأة.
وكم أطنبوا في الحديث عن ضرورة التبليغ عن المفسدين، وعندما صدقهم الناس اكتشفوا أن الحكومة تعتقل وتتابع المبلغين عن الرشاوى، وخاصة من فضحوا تعويضات مزوار وقضاة الرشيدية والمخطط الاستعجالي.
وكم انتقدوا حكومة عباس الفاسي بسبب الاستدانة، وعندما حلوا مكانه أغرقوا البلاد في ديون تجاوزت 28 مليار دولار.
وكم شرعوا أفواههم في المعارضة بشأن التقسيم والقوانين الانتخابية، بسبب أمية الرؤساء وحالات التنافي على سبيل المثال، وعندما صعدوا إلى الحكومة تخلوا عن هذه المطالب.
وكم كان حزب رئيس الحكومة متحمسا أيام المعارضة لتشكيل لجان التقصي، وعندما صاروا في الحكومة وتعثر استكمال تدشين طريق آسفي الجديدة بسبب غش الشركة التركية المفضلة للرباح، اعترض الفريق على إرسال لجنة للتقصي وعرقل تشكيلها.
وكم تباكى رئيس الحكومة حول عطالة ابنته، إلى أن كشفنا استفادة ابنه من منحتين دراسيتين استثنائيا دون غيره.
ولهذا كله نقول للأساتذة المتدربين لا تنخدعوا بإقسام رئيس الحكومة بأغلظ أيمانه أن لا يتراجع عن المرسومين، فكل ما فعله طيلة الأربع سنوات الأخيرة هو حنثه بكل الوعود والأيمان التي أعطى للشعب.
ولذلك فلمناضلي هذا الحزب والمتعاطفين معه من الذين مازالوا يعتقدون أنهم أمام حزب ملائكي، نقول ما قاله زعيم شامي ذات إشراقة «إذا خير أحدكم بين ضميره وحزبه فليختر ضميره، لأنه يستطيع أن يعيش بدون حزب، لكنه لا يستطيع أن يعيش بدون ضمير».
إلا إذا كنتم قد اخترتم أن تعيشوا بلا ضمير فهذا موضوع آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى