أفادت مصادر موثوق بها، بأن محكمة النقض بالرباط حسمت، الأربعاء الماضي، ملف مدير الوكالة الحضرية السابق بشكل نهائي، من خلال رفض طلب النقض الذي تقدم به دفاع المتهم الرئيسي وكذا دفاع زوجته والمهندس العقاري المتابعين معه في نفس الملف.
معطيات مؤكدة تفيد بأن محكمة النقض رفضت الطلب، معلنة تأييد الحكم الاستئنافي الصادر في حق المدير السابق للوكالة الحضرية بمراكش من طرف غرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف، وهو عشر سنوات سجنا، ومثلها موزعة بالتساوي بين زوجته ومنعش عقاري شهير بالعاصمة الرباط، مع تأييد مبلغ الغرامة المالية التي ناهزت 9.360.00.00 درهم في حق كل واحد من المتهمين الثلاثة.
وكانت غرفة جرائم الأموال الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش قد صعقت، في يونيو من سنة 2021، المدير السابق للوكالة الحضرية بالمدينة المتابع بجناية الارتشاء، بعد تأييد حكم عشر سنوات سجنا الصادر في حقه ابتدائيا، وتوزيع عشر سنوات أخرى بالتساوي على زوجته ومهندس معماري نافذ بالرباط، جرى اعتقاله على الفور من داخل القاعة مباشرة بعد النطق بالحكم.
وضمن تفاصيل الأحكام الاستئنافية التي كانت موضوع طلب النقض، كانت غرفة جرائم الأموال الاستئنافية قد أيدت حكم عشر سنوات سجنا الذي سبق أن صدر ابتدائيا في حق المدير السابق للوكالة الحضرية، كما أيدت الحكم الابتدائي الصادر في حق زوجته والمهندس وهو خمس سنوات سجنا لكل واحد منهما، مع اعتقال هذا الأخير فور تأييد الحكم من داخل القاعة، تطبيقا لمقتضيات المادة 431 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تم إيداعه السجن بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بعدما كان المتهم متابعا في حالة سراح من أجل جناية المشاركة في الارتشاء.
وشملت الأحكام شق الغرامات المالية، حيث تم رفع الغرامة المحكوم بها ابتدائيا إلى مبلغ 9.360.000 درهم في حق كل واحد من المتهمين، وضمنهم زوجة المتهم الرئيسي مدير الوكالة الحضرية السابق، المتابعة بدورها في حالة سراح من أجل المشاركة في الارتشاء والتي تمت إدانتها بخمس سنوات سجنا. وبخصوص الدعوى المدنية تضيف نفس المصادر أن غرفة الجنايات الاستئنافية قضت برفع التعويض المحكوم به لفائدة المطالبة بالحق المدني إلى مبلغ 400000 درهم .
وتعود وقائع هذه الفضيحة إلى يوليوز 2019، حيث ضبطت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، مدير الوكالة الحضرية وهو متلبس بتسلم رشوة بلغت 12 مليون سنتيم، من شخص نافذ بالمدينة تم تعريضه للابتزاز من أجل تيسير عملية متعلقة بتوسيع مشروعه السياحي الموجود بأهم منطقة سياحية بمراكش.
وجاء توقيف المسؤول الأول بالوكالة الحضرية بمراكش على إثر تنسيق محكم بين السلطات القضائية والأمنية والمشتكي الذي استنجد بالرقم الأخضر، حيث سلم هذا الأخير المبلغ المطلوب منه لمدير الوكالة الحضرية في سيارة بالقرب من منزله، قبل أن تتدخل عناصر الأمن لتلقي عليه القبض في وضعية تلبس بتسلم المبلغ، الذي كان قد سلم سلفا للسلطات القضائية والأمنية نسخا مطابقة للأوراق المالية المسلمة لمدير الوكالة الحضرية.
وحسب مسارات البحث والمحاكمات المثيرة التي تابعت «الأخبار» تفاصيلها الدقيقة، فإن معالجة الفرقة الوطنية والسلطات القضائية بقسم جرائم الأموال باستئنافية مراكش لفضيحة الرشوة التي تورط فيها مدير الوكالة الحضرية (خ و)، لم تتوقف عند جانب الارتشاء والابتزاز، بل تحولت إلى مطاردة ثروة الرجل الخيالية الظاهرة والخفية، خاصة بعد العثور على مبلغ مالي ضخم في بيته مباشرة بعد اعتقاله، والبحث في ممتلكات غالية الثمن من المجوهرات والحلي جرى حجزها لاحقا، وضعته إلى جانب زوجته موضع شبهة الاغتناء الفاحش وغير المشروع، كما امتدت التحقيقات إلى إسهامات المتهم في اختلالات خطيرة متعلقة بتجاوزات التعمير والتراخيص المشبوهة بمراكش، قبل أن تطيح هذه التحريات بزوجته التي كانت تملك مكتب دراسات تم توظيفه بطريقة غير قانونية في بعض العمليات التعميرية المشبوهة وعلى رأسها ملف المشتكي.
كما أسفرت التحريات الدقيقة والمكثفة التي أنجزتها عناصر الفرقة الوطنية تحت إشراف النيابة العامة عن تورط مهندس دولة من الدرجة الممتازة كان مقربا من مدير الوكالة، وكشفت التحقيقات المنجزة عن كل خيوط علاقته بمدير الوكالة الحضرية، خاصة في ما يتعلق ببعض العمليات التعميرية والتراخيص التي أشرفا عليها، عندما كان مدير الوكالة الحضرية مسؤولا بجهة الرباط، حيث قضى بها أكثر من ست سنوات، قبل انتقاله إلى مراكش.