وسط ترقب بتجديد المواجهات الحارقة بين مسؤولين كبار وموظفين في جهاز الدرك المتابعين في قضية الاتجار الدولي للمخدرات، واصلت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بقسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط مناقشة ملف المتهمين، بالاستماع إلى أربعة متهمين، بينهم قائد سرية ومسؤول بالفصيلة القضائية بالقيادة الجهوية للدرك بأكادير، وعناصر دركية بالمركز البحري بالعرائش.
رشوة بمليار سنتيم لتهريب شحنة كبيرة من المخدرات بالعرائش
وواجهت الهيئة القضائية مسؤولا بسرية العوامرة متابعا في حالة اعتقال بمجموعة من المكالمات الهاتفية الصادرة عنه حسب ما أثبتته الخبرة التقنية المنجزة على هاتفه وصوته، في اتجاه زملائه وبارون مخدرات، وهي المكالمات التي تبرأ منها المتهم جملة وتفصيلا مؤكدا أنه لا علاقة له بها.
وحاصر رئيس الجلسة المتهم بمكالمات في غاية الخطورة معظمها يتعلق بترتيبات تقنية لتيسير تمرير ونقل شحنات كبيرة من المخدرات بالمنطقة البحرية بالعرائش الواقعة تحت نفوذه، كما تضمنت هذه المكالمات التي عرضها القاضي بكل تفاصيلها على المتهم، إشارات في غاية الخطورة تتعلق بالتفاوض حول صفقات مالية خاصة بمساعدة البارونات لتهريب المخدرات وصلت إحداها لمليار سنتيم، وهو المبلغ الذي يعبر عنه بـ”القرد كامل” حسب قاموس “البزناسة” والدركيين الذين نسبت غليهم المكالمة الهاتفية.
من جهته، استأثر مسؤول بالقيادة الجهوية للدرك بأكادير بحصة الأسد ضمن مناقشة الملف، أول أمس، المسؤول السابق بتارودانت والصويرة وأكادير، والذي كان مقربا بشكل كبير من أحد الكولونيلات المتابعين في الملف نفسه في حالة اعتقال، كان مختلفا في تصريحاته عن كل المتهمين الذين جرى الاستماع إليهم حيث تشبثوا بلازمة إنكار كل التهم المرتبطة بالتسجيلات الهاتفية. ولم ينف المتهم الذي تقلد مناصب مهمة بالقيادة الجهوية للصويرة وأكادير، وتحديدا بالفصيلة القضائية، علاقته ببارونات متابعين في القضية، مؤكدا تفاصيل اللقاءات والمكالمات التي أجراها معهم في أوقات متفرقة من سنة 2016، مشددا على أن تواصله مع هذه النوعية من المتهمين يدخل في إطار “تكتيك” مشروع ضمن أبجديات الدركي المحقق في قضايا المخدرات، مضيفا أن تعامله مع بارون كبير بدا له عاديا بعد أن برأته المحكمة من تهمة المخدرات ولم يكن موضوع مذكرة بحث، قبل أن يقاطعه رئيس الجلسة الذي أكد له أن واقعة البراءة تخص قضية معينة ولا تلازمه بشكل دائم، قبل أن يذكره أن مهمته وصفته الضبطية تفرضان عليه بالضرورة مزيدا من الحذر وتفادي الشبهات.
تسلم هاتف جاهز برقم نداء وحيد يشعل الخلاف
وشكلت قضية تسلم المسؤول الدركي لهاتف جاهز بشريحته ورقم نداء وحيد خاص بالبارون نقطة خلاف رافقها نقاش حاد بين الرئيس والمتهم، بعد أن اعتبر هذا الأخير الأمر عاديا تجاه جار بالعمارة أو مشتبه به قد يشكل بالنسبة له أرنب سباق للإطاحة ببارونات المخدرات بالمنطقة، في الوقت الذي اعتبرها رئيس الهيئة سلوكا غير منطقي ويشوبه الكثير من الغموض. واسترسل المتهم في اعترافات حاول من خلالها نفي كل التهم المنسوبة إليه بما في ذلك تهمة الارتشاء والتوسط بتسليم مبلغ مالي يناهز 15 مليون سنتيم لرئيسه بالقيادة العليا للدرك، مؤكدا أن سجل التدخلات الأمنية تسجل له وللكولونيل القائد الجهوي بأكادير تدخلات غير مسبوقة بالمنطقة أطاحت ببارونات كبار وأسفرت عن حجز شحنات ضخمة تتراوح بين 6 أطنان و13 طنا مع توريط بارون في حالة ارتشاء بتنسيق مع النيابة العامة وصلت قيمتها إلى 100 مليون سنتيم تم تحصيلها وتقديمها للنيابة العامة. وختم المتهم مداخلته بتفجير فضيحة من العيار الثقيل، بعد أن أكد أن تواجده في السجن جاء نتيجة تضارب مصالح بارونات كبار في عالم المخدرات، بسبب الحرب التي خاضها ضدهم بالمنطقة، مضيفا أن تواجدهم بالسجن لم يمنعهم من تلفيق التهم إليه حيث تتواصل عربدتهم وتعاطيهم للتهريب والاتجار في المخدرات، قبل أن يستوقفه الرئيس ويذكره بخطورة تصريحه الذي سيتم توثيقه.
باقي أطوار الجلسة وزعها رئيس الهيئة القضائية بين عنصرين من الدرك الملكي بمنطقة العرائش، حيث واجههم الرئيس بأكثر من 40 مكالمة هاتفية تم إجراؤها مع مسؤوليهم. متهم آخر بتهمة الاتجار في المخدرات متابع في الملف نفسه ويقضي عقوبة سجنية مدتها ست سنوات، وفي الوقت الذي حرص الرئيس كعادته على تقاسم مضمون كل التسجيلات مع الإشارة لخطورتها، تشبث المتهمون بالإنكار التام لكل ما ورد فيها من اتهامات تخص التواطؤ مع بارونات لتهريب شحنات وأطنان مهمة من المخدرات عبر البحر، والصفقات المالية المتفاوض حولها وأماكن تسليم الرشاوى إلى غير ذلك من التهم الخطيرة التي تهز الحضور بالقاعة.