إنها لرسالة إيجابية أن يجتمع وزير الداخلية، ووزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير الصناعة والتجارة، والمدراء العامون لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والولاة والعمال، للتحضير لمتطلبات شهر رمضان، الذي يشهد زيادة هائلة في حجم الإنفاق والطلب، وهذا الأمر أصبح جزءا من ثقافة التسوق في رمضان، رغم أن معظم هذه المشتريات لا تستهلك وتتكدس، وأعتقد أننا نخطئ معاني الشهر الفضيل عبر هذا السلوك.
لكن رسائل الطمأنة الروتينية التي تقوم بها الحكومات مطلع كل رمضان لم تعد تكفي، خصوصا في ظل شهر رمضان من هذه السنة، الذي يصادف مناخا دوليا متوترا بلا شك له عواقب وخيمة على جيوب المواطنين والتوازنات المالية للدولة، بالإضافة إلى تداعيات موسم الجفاف، والتركة الاجتماعية الثقيلة لجائحة «كوفيد- 19»، فلا يكفي المواطن أن تخبره بيانات الحكومة أن هناك اكتفاء في المخزونات والكميات من المواد الغذائية وباقي المواد الأساسية، لتلبية الطلب خلال شهر رمضان المبارك بالنسبة لجميع المواد والمنتجات الأساسية، بل عليها أن تيسر وفق الممكن الإمكانات اللازمة للحفاظ على استقرار الأسعار.
والحقيقة التي لا يمكن أن يخفيها أحد، أن هناك بونا شاسعا بين الخطاب الرسمي في ما يتعلق بالأسعار، والواقع الذي يعيشه المواطن في الأسواق وأمام محلات المواد الغذائية والأساسية، هناك ضعف رهيب في المراقبة العمومية للأسعار، التي هي من مسؤولية اللجان الإقليمية بمختلف العمالات والأقاليم. هاته اللجان لا تتحرك إلا أمام عدسات الكاميرات، أو أثناء حملات عابرة، بينما المطلوب هو زيارات تفتيشية منتظمة ودائمة، وهذا مسعى لا يمكن تحقيقه في ظل ندرة الموارد البشرية، فكيف للجنة من خمسة إلى ستة موظفين مراقبة الأسعار والمضاربة والاحتكار، في إقليم بعشرات الآلاف من نقاط البيع؟
وبدون مواربة المسؤولية الكاملة اليوم توجد على عاتق الولاة والعمال، باعتبارهم ممثلي السلطة الحكومية والإدارة المركزية والمكلفين بالتنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية، ورجال السلطة بالإمكانات اللوجيستيكية والقانونية التي يتوفرون عليها، هم وحدهم القادرون على السهر على حسن تدبير الأسواق والأسعار، وخلق التناسب المطلوب داخل نفوذهم الترابي بين العرض والطلب، وكذلك بين إمكانات المواطن وجشع المضاربين والمتاجرين بالقدرة الشرائية دون موجب قانون.