شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

رسالة إلى ماكرون

على الرغم من أن المفاجأة جزء من العمليات الانتخابية، لكن ليس هناك مؤشرات جدية تجعل أحدا من المرشحين 11 يلحق هزيمة انتخابية بالرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، خلال الانتخابات الرئاسية التي تجري في العاشر من أبريل. فكل الرياح الداخلية والخارجية تهب في اتجاه سفينة «عازف البيانو» لإعادة تسلم مفاتيح قصر الإليزيه، ويكفي الرجوع لاستطلاعات الرأي طيلة الستة شهور الأخيرة للتأكد من تحقق فرضية ولاية ثانية لماكرون الذي صعد نجمه السياسي بشكل لافت مقارنة بمنافسيه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

في الحقيقة لا يهمنا كثيرا من ستختاره جمهورية الأنوار لحكمها خلال الخمس سنوات المقبلة، فذلك شأن سيادي داخلي سيحسمه الناخبون الفرنسيون عبر صناديق الاقتراع، ما يهمنا هو علاقة الرباط بباريس خلال الولاية المقبلة مع من سيتولى مقاليد السلطة في الجمهورية والحكومة. لقد ظلت فرنسا منذ عقود الصديق المفضل للمغرب تدافع بحدود وحذر عن المغرب، خصوصا في فترات حكم رؤساء ربطتهم علاقات  كبيرة وشبه عائلية بالمغرب كالرئيس جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، لكنها مع ذلك ظلت صداقة محكومة بثقل الاستعمار ورجحان الكفة لصالح مصالح باريس على حساب مصالح الرباط.

وفي جميع الأحوال فهاته العلاقة التاريخية أصابها الكثير من الصدأ أو لنقل إنها أصبحت علاقة جامدة ومتجاوزة، بفعل التحولات الجيوستراتجية التي وقعت في علاقة المغرب مع دول أخرى كإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. لا أحد ينكر أنه بعد انتخابه في 2017، قام ماكرون بسلسلة مبادرات من أجل تجويد العلاقات المغربية الفرنسية، لكنه لم يذهب إلى حد الدعم الشامل واللامشروط لوحدتنا الترابية، واليوم نراهن على ولايته الثانية التي عادة ما تكون متخلصة من الضغوطات الانتخابية لإحداث الانعطافة المطلوبة في الديبلوماسية الفرنسية كما حدث وأكثر في الموقف الإسباني والألماني والأمريكي.

فمنذ شهور يأخذ صناع القرار الديبلوماسي ببلادنا بعين الاعتبار أن النخبة الحاكمة في فرنسا تعيش تحت ضغط الزمن الانتخابي الذي يفرض على ماكرون بعض الحذر في اتخاذ المواقف حفاظا على زبنائه الانتخابيين، بل إن المغرب تحمل إساءات إعلامية وسياسية صادرة من الإعلام الفرنسي الممول رسميا من الدولة دون أن يقوم بالرد المناسب والمتناسب، لكن فرنسا مطالبة بعد الانتخابات بإعادة ترتيب أوراقها الديبلوماسية مع المغرب والتلاؤم مع المواقف الدولية الجديدة اتجاه وحدتنا الترابية.

فلا يعقل أن يظل الشريك الأول للمغرب في وضع متأخر على مستوى المواقف الديبلوماسية، فمنطق التناسب يفرض أن الشريك الأول يجب أن يكون هو الحليف الأول والداعم الأول والمدافع الأول عن مصالح شريكه لا سيما تلك التي تتعلق بوحدتنا الترابية وسيادتنا الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى