شوف تشوف

أخبار TVالرأي

رسائل إلى من يهمهم الأمر

 

 

حسن البصري

 

من تابع حفلات استقبال منتخبات الأرجنتين وفرنسا وكرواتيا بعد عودتهم إلى بلدانهم، سيكتشف أن الاستقبال كان احتفاء بالأقدام التي صنعت الانتصارات، بـ«لكوايرية» الذين هزوا شباك الخصوم.

لا فرق لديهم بين حفل استقبال فريق فائز بكأس قارية ومنتخب صعد «بوديوم» التتويج عالميا، إلا بألوان القمصان.

من تابع تفاصيل الاستقبال الملكي على شرف المنتخب المغربي سيقف على رمزية الاحتفال بالأقدام التي هزت الشباك والأفئدة، وأيضا بالأرحام التي أنجبت لاعبي الفريق الوطني.

في نفس قاعة العرش بالقصر الملكي العامر، خاطب الملك محمد السادس مشاعر شعبه في الخطاب الملكي لعيد العرش في يوليوز الماضي، حين شدد على مكانة المرأة في النسيج المجتمعي وعلى خيار المملكة الراسخ في تمتيعها بحقوقها الكاملة.

في خطاب موجه إلى الأمة، دعا ملك البلاد إلى تحسين ظروف المرأة وجعل النهوض بحقوقها حجر الزاوية في بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي. مرت قرابة خمسة أشهر على الخطاب، وفي نفس قاعة العرش سيستقبل العاهل المغربي أمهات لاعبي الفريق الوطني ليجسد صدق مضامين خطاب آمن بدور المرأة المغربية في كتابة التاريخ.

كان للقاء الملك بأمهات اللاعبين مغزى أعمق من مجرد تهنئة بحدث كروي، وفي حضرة العاهل المغربي كشف الاستقبال للعالم أن المنتخب يجسد فعلا روح العائلة، وأن الاحتفال بالأمهات دليل على تمسك المغرب بقيمه، في وقت كانت منتخبات أخرى تحاول ضرب القيم الأسرية في الصميم خلال مونديال قطر.

كانت للاستقبال الملكي دلالات عميقة، وتبين أن رضا الوالدين يغني عن وصفة «الكوتش مونطال» وعن تعليمات المدرب أحيانا، وكان رد الجميل للأرحام التي أنجبت نجوم المنتخب وتعهدتهم بالرعاية والتربية إلى أن اشتد عودهم فأسعدوا شعبا بالكامل.

لم يكن استقبال الملك للمنتخب الوطني الرابع عالميا استقبالا بروتوكوليا، بقدر ما كان اللقاء يفيض بمشاعر الحب. كانت الأمهات يصادرن دموع الفرح في حضرة ملك أصر على الاحتفاء بنساء عشن لسنوات بعيدا عن صخب الملاعب.

لقد حمل الاستقبال الشعبي والملكي للمنتخب المغربي وأمهات اللاعبين رسائل تفيض بالقيم المثلى، لقد جعلنا نؤمن بأن تعبئة رضا الوالدين تصنع النجاح، وكان التفاف اللاعبين وأمهاتهم حول الملك رسالة يتقاطع فيها الرياضي والإنساني، وإشارة واضحة للعالم بأن البر بالوالدين مفتاح الانتصار.

إن الصورة الجماعية التي جمعت الملك محمد السادس بأسود الأطلس وأمهاتهم، في القصر الملكي بالرباط، درس في القيم الاجتماعية ورسالة حضارية للشعوب التي تلعب الكرة وتعتبر أن ما وصلت إليه من مستوى كروي كان من صنع مدرب داهية.

اليوم تبين أن وراء كل لاعب عظيم أم تدعو له في صلواتها بالتوفيق والسداد، لذا سيلتقط اللاعبون المحليون هذه الإشارات وسيؤمنون بأن النصر كالجنة تحت أقدام الأمهات، وسيصبح للأمهات مكان في منصات الملاعب.

انتهى المونديال وما زالت صور لاعبي المنتخب المغربي وهم يقبلون رؤوس أمهاتهم تتراقص أمام أنظار العالم، وما زالت الكلمات المأثورة للناخب الوطني وهو يعزف في ندواته الصحفية على وتر رضا الوالدين حاضرة في الأذهان، قبل أن يتبين أن المغرب يبدع رياضيا وإنسانيا وأن دعوات الخير سر نجاح منتخب آمن مدربه بأن الرضا جزء من الخطة التي أربكت كبريات المنتخبات العالمية.

اليوم لا مكان لـ«المساخيط» بيننا، خاصة وأن أمهات اللاعبين اجتمعن في مجموعة «وات ساب» تبادلن فيها مشاعر الاعتزاز وأعلن أنفسهن أمهات لكل اللاعبين لا فرق بين زياش وبوفال والنصيري إلا بالأهداف، فحولن المجموعة «الهاتفية» إلى فضاء يفيض بالدعوات.

أنهى المنتخب الوطني المونديال في الصف الرابع، وارتقى درجات في تصنيف الكرة العالمي، لكنه حل الأول ونال جائزة المنتخب البار بالأمهات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى