شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

ردود فعل العواصم الأوربية على قرارات ترامب الجديدة

تحديات قانونية قد تواجه خطوات الرئيس الأمريكي

فور دخوله البيت الأبيض، دشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية بتوقيع عدد من الأوامر التنفيذية وإلغاء أخرى عمل بها الرئيس السابق جو بايدن. غير أن هذه القرارات أثارت موجة من ردود الأفعال في صفوف عدد من الدول وعلى رأسها الأوروبية. كما توجد بعض التحديات القانونية التي قد تواجه قرارات ترامب قبل التنفيذ.

 

 

 

إعداد: سهيلة التاور

 

تشمل أبرز الأوامر التنفيذية والتوجيهات، التي أطلقها دونالد ترامب بعد تنصيبه، الهجرة والعفو الجنائي ومجتمع “الميم” والانسحاب من اتفاقيات دولية والتراجع عن قرارات سابقة لسلفه جو بايدن.

وقد أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، تعليقاً على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن فرض رسوم جمركية محتملة، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لـ”الدفاع عن مصالحه” إذا اقتضت الضرورة.

وكان الرئيس الأمريكي قال في خطاب تنصيبه في واشنطن، الاثنين الماضي، إنه سيفرض “رسوماً جمركية وضرائب على الدول الأجنبية” من دون أن يفصل هذه التدابير.

وتعهد ترامب سابقاً بفرض رسوم جمركية على منتجات دول منطقة اليورو، وخصوصاً ألمانيا التي تتمتع بأعلى فائض تجاري مع الولايات المتحدة، وكذلك على السلع المستوردة من كل من كندا والمكسيك والصين.

وأشار دومبروفسكيس في تصريحات عقب خطاب ترامب، الإثنين الماضي، إلى أن الاتحاد الأوروبي رد “بطريقة متناسبة” على الرسوم الجمركية، التي فرضت على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية إلى الولايات المتحدة، خلال الولاية الأولى لترامب ما بين عامي 2017 -2021 ، بفرض رسوم على الواردات الأمريكية.

وإزاء التهديد الذي يلوح في الأفق، تبنى الاتحاد الأوروبي على مدى الأشهر الماضية الدعوة إلى التعاون بين التكتل والولايات المتحدة، بدلاً من المواجهة.

وأكد دومبروفسكيس أن “الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حليفان استراتيجيان، ونحتاج إلى العمل معاً، خصوصاً في هذا السياق الجيوسياسي المضطرب”، محذراً من أن أي نزاع تجاري ستكون “كلفته الاقتصادية كبيرة على الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة”.

كما أشار إلى وجوب العمل على تعزيز اقتصاد الاتحاد الأوروبي، لا سيما من خلال السعي لتنويع الشراكات التجارية للتكتل.

وأعلن الاتحاد الأوروبي عن اتفاق تجاري معزز مع المكسيك قبيل تنصيب ترامب، كما أعلن الاثنين الماضي أنه سيستأنف المحادثات الرامية للتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع ماليزيا.

 

سياسات ترامب ضد أوروبا

حذر رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، من أن فرنسا والاتحاد الأوروبي قد “تُسحقان” بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترامب، إذا لم يتحركا لمواجهتها.

وقال بايرو إن “الولايات المتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات”.

وأضاف أنه “إذا لم نفعل شيئاً، فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش، والأمر مناط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور”.

وقال بايرو أمام موظفي بلدية “بو” التي يترأسها، في جنوب شرق فرنسا، إن “تنصيب دونالد ترامب يضعنا أمام مسؤولياتنا”.

وكانت إيزابيل شنابل، المسؤولة الكبيرة في البنك المركزي الأوروبي، قد قالت يوم الأحد إن اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة أمر “محتمل جداً” في ظل رئاسة دونالد ترامب، محذرة من أن هذا الأمر ستكون له عواقب سلبية على الحركة التجارية والأسعار.

وقالت شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوربي، إن الرسوم الجمركية “كانت محورية في تصريحات دونالد ترامب… وبالتالي من المرجح جداً أن تندلع حرب تجارية”.

 

قناة بنما “غير قابلة للتفاوض”

رداً على ما جاء في خطاب ترامب، رفضت بنما الاثنين الماضي تصريحاته التي تعهد فيها بـ”استعادة” قناة بنما، مشددة على أن الممر المائي سيبقى تحت سيطرتها.

وجاء في بيان لرئيس بنما، خوسيه راول مولينو: “أرفض بالكامل كلام الرئيس دونالد ترامب”.

وشدد على أن “القناة بنمية وستبقى كذلك”، رافضاً إشارة ترامب إلى أن القناة تشغلها الصين، وقال مولينو إنه “لا حضور لأي من بلدان العالم ولا تدخل في قناة بنما”.

وتظاهر عشرات الأشخاص أمام مقر إقامة السفير الأمريكي في “بنما سيتي”، حيث أحرقوا الأعلام الأمريكية ورفعوا لافتات كتب عليها “قناة بنما ليست للبيع”.

ويذكر أن الولايات المتحدة بنت القناة وافتتحت في عام 1914، وسلمت إلى بنما في 31 من دجنبر عام 1999، بموجب معاهدات وقعت في سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، والزعيم القومي البنمي عمر توريخوس.

وفي دجنبر الماضي، قال ترامب إن بنما تفرض رسوماً “سخيفة وغير عادلة” مقابل المرور عبر القناة، وأضاف أنه إذا لم تتوقف هذه “السرقات”، فسوف يطالب بإعادتها إلى سيطرة الولايات المتحدة.

كما قال إنه يشعر بالقلق إزاء الصين، التي تستخدم القناة بشكل متكرر والتي لديها أيضاً استثمارات اقتصادية كبيرة في بنما.

 

غضب من ترحيل المهاجرين

قال البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، إن خطط دونالد ترامب لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة ستكون “عاراً” إذا تحققت.

وفي حديثه لبرنامج تلفزيوني إيطالي من مقر إقامته في الفاتيكان، قال فرانسيس إنه إذا تم تنفيذ الخطط، فإن ترامب سيجعل “الفقراء الذين لا يملكون أي شيء يدفعون الفاتورة”.

وأضاف: “هذا ليس صحيحاً، هذه ليست الطريقة التي تحل بها المشاكل”.

وتعهد ترامب ببدء أكبر عملية طرد للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة، بعد توليه منصبه، ووقع بالفعل أمراً تنفيذياً بإعلان حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية لبلاده، ووعد مناصريه بـ”طرد أكثر من 88 ألف مهاجر” دخلوا عبر الحدود.

وأكد أن جميع عمليات الدخول غير القانونية سيتم “إيقافها فوراً”، مضيفاً أن الحكومة ستبدأ عملية إعادة “الملايين من الأجانب المجرمين” إلى أوطانهم.

وفي رسالة إلى ترامب تمت مشاركتها الاثنين الماضي، قدم البابا فرانسيس له “تحيات ودية”، وحثه على قيادة مجتمع “لا مجال فيه للكراهية أو التمييز أو الإقصاء”، كما حثه على تعزيز “السلام والمصالحة بين الشعوب”.

 

اتفاق باريس للمناخ

من بين القرارات التي وقعها ترامب، فور استلامه منصبه، قرار انسحاب واشنطن من اتفاق باريس للمناخ، ورسالة موجهة للأمم المتحدة لإبلاغها بقرار الانسحاب الأمريكي.

ورداً على ذلك، قال رئيس شؤون المناخ في الأمم المتحدة إن “الباب لا يزال مفتوحاً”، أمام اتفاق باريس التاريخي لمكافحة تغير المناخ.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، سيمون ستيل، في بيان يوم الاثنين الماضي: “الباب لا يزال مفتوحاً أمام اتفاق باريس، ونحن نرحب بالمشاركة البناءة من أي دولة وكل الدول”، مؤكداً أن التحول إلى الطاقة النظيفة يمثل فرصة للنمو الاقتصادي.

وأكد ستيل: “إن طفرة الطاقة النظيفة العالمية – التي بلغت قيمتها 2 تريليون دولار في العام الماضي وحده وترتفع بسرعة – هي صفقة النمو الاقتصادي لهذا العقد (من الزمان)”، مضيفاً أن “تعزيزها يعني أرباحاً هائلة، وملايين الوظائف في التصنيع وهواءً نظيفاً”.

وتابع: “تجاهلها لن يؤدي إلا إلى إرسال كل هذه الثروة الهائلة إلى اقتصادات المنافسين، بينما تستمر الكوارث المناخية مثل الجفاف وحرائق الغابات والعواصف العاتية في التفاقم، وتدمير الممتلكات والشركات، ما يؤثر على إنتاج الغذاء على مستوى البلاد، ويدفع التضخم في الأسعار على مستوى الاقتصاد”.

ويسعى اتفاق باريس الموقع عام 2015 لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ، في ظل تواتر الأحداث الجوية الكارثية في جميع أنحاء العالم.

 

الأوامر التنفيذية

تُعد الأوامر التنفيذية أداة رئيسية يستخدمها الرؤساء الأمريكيون في بداية ولاياتهم، لترسيخ توجهات إداراتهم الجديدة. وتمثل أعلى مستويات الإجراءات التنفيذية من حيث الرسمية، مستمدة شرعيتها القانونية من المادة الثانية في الدستور الأمريكي.

وبمجرد أن يوقع الرئيس أمرا تنفيذيا، يمكن أن يدخل حيز التنفيذ فورا أو بعد أشهر، اعتمادا على ما إذا كان يتطلب إجراء رسميا من وكالة فيدرالية، أو يواجه تدقيقا قانونيا.

وتأتي هذه الأوامر في شكل توجيهات رسمية يصدرها الرئيس لتنظيم عمل المؤسسات والوكالات الفيدرالية وتحديد كيفية استخدام مواردها، مع الالتزام بالضوابط والحدود التي رسمها الدستور والتشريعات الصادرة عن الكونغرس.

غير أن الأوامر التنفيذية تخضع لمجموعة من القيود والضوابط التي تحد من نطاق تأثيرها وديمومتها. فهي ليست تشريعات دائمة، إذ يمكن للرؤساء اللاحقين إلغاؤها أو تعديلها بسهولة، وهذا ما نشهده في التغييرات المتتالية بين الإدارات الأمريكية.

وعلى سبيل المثال، ألغى ترامب مؤخرا العديد من الأوامر التنفيذية التي أصدرها بايدن، تماما كما فعل بايدن الشيء ذاته عندما تولى الرئاسة عام 2021، بإلغائه أوامر سابقة لترامب.

كما أن هذه الأوامر قد تواجه عقبات تعيق تنفيذها أو تؤخرها، سواء من خلال الطعون والتحديات القانونية أمام المحاكم، أو من خلال العراقيل التي قد يضعها الكونغرس في طريق تطبيقها.

 

آلية إلغاء الأوامر التنفيذية

يمتلك الرؤساء الجدد في الولايات المتحدة سلطة واسعة في إلغاء الأوامر التنفيذية التي أصدرها أسلافهم، وهذا ما نراه بشكل متكرر عند تغير الإدارات.

على سبيل المثال، في عام 2020، بنى بايدن حملته الانتخابية على وعود بتغيير مسار سياسات ترامب، وبالفعل قام بإلغاء العديد من أوامره التنفيذية في الأسابيع الأولى من رئاسته.

وفي المقابل، عندما عاد ترامب للرئاسة، قام بإحياء بعض سياساته السابقة التي كان بايدن قد ألغاها، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.

وبقراراته الأخيرة، سجل ترامب رقما قياسياً في أول يوم من عودته للرئاسة، بتوقيعه 26 أمراً تنفيذياً خلال ساعات من تنصيبه، متجاوزا بذلك جميع الرؤساء السابقين خلال العقود التسعة الماضية، منذ بدأ مكتب السجل الفدرالي في تتبع هذه الأوامر.

وفي ما يتعلق بدور الكونغرس، فإن الأوامر التنفيذية لا تتطلب موافقته المسبقة، كما أنه لا يملك سلطة إلغائها بشكل مباشر، وفقا لنقابة المحامين الأمريكية.

ومع ذلك، يمتلك الكونغرس أدوات مهمة للتأثير على تنفيذ هذه الأوامر، إذ يمكنه حجب التمويل اللازم لتنفيذها، أو سن تشريعات تجعل تطبيقها صعباً.

كما أن العديد من الأوامر التنفيذية، خاصة المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والمالية، لا يمكن تنفيذها بشكل كامل إلا بعد موافقة الكونغرس، نظراً لسلطته الدستورية الحصرية على الميزانية.

وقد أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأمريكية مؤقتا لمدة 90 يوما، وذلك لحين إجراء مراجعات لتحديد مدى اتساقها مع أهداف سياساته.

لكن في الوضع الحالي، قد يتمكن ترامب من تجاوز معظم العقبات السياسية بالنظر لسيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ.

أما من الناحية القضائية، فتخضع الأوامر التنفيذية لرقابة المحاكم، وهناك سوابق تاريخية مهمة في هذا المجال.

ففي عام 1952 على سبيل المثال، أصدر الرئيس، هاري ترومان، أمرا تنفيذياً للسيطرة على مصانع الصلب لمنع إضراب العمال خلال الحرب الكورية، لكن المحكمة العليا رفضت هذا الأمر وأكدت أنه لا يملك سلطة الاستيلاء على الممتلكات الخاصة دون قانون من الكونغرس.

وفي الوقت الراهن، هناك تحديات قانونية مماثلة قد تواجه قرارات ترامب، مثل أمره بوقف حظر تطبيق تيك توك، لمدة 75 يوماً، حيث يرى خبراء قانونيون أن الشركات قد تظل مسؤولة قانونيا عن انتهاك الحظر الذي أقره الكونغرس وأيدته المحكمة العليا.

كما يُتوقع أن يواجه أمره بإنهاء حق المواطنة بالولادة تدقيقا قانونيا مماثلاً، بعد أن قام الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) برفع دعوى قضائية ضد الأمر.

والمحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة، حيث يختار رئيس الدولة قضاتها عند شغور مقاعدهم. ستة من قضاتها التسعة محافظون حالياً، ثلاثة منهم رشحهم ترامب خلال ولايته الأولى، لكن هذا لا يضمن أن تكون جميع أحكام المحكمة داعمة لخطط إدارته.

وقد ألغت المحكمة العليا الحماية الفيدرالية لحقوق الإجهاض في عام 2022 – بدعم من المعينين من قبل ترامب – التي وعد بها خلال حملته الانتخابية في عام 2016.

ومع ذلك، على عكس آمال الجمهوريين، فقد أيدت المحكمة أيضاً بعض الحماية من قانون الرعاية الميسرة – المعروف شعبياً باسم “أوباما كير” – بالإضافة إلى بعض الحماية من التمييز في أماكن العمل للأفراد المثليين جنسياً، ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية.

ورفضت المحكمة العليا أيضاً محاولة ترامب إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وإنهاء برنامج داكا، الذي يحمي بعض المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كأطفال.

وبخلاف المحكمة العليا، وفقا لمركز “بيو” للأبحاث، تم ترشيح 60 في المئة من قضاة المحاكم المحلية العاملين من قبل رؤساء ديمقراطيين، بينما تم ترشيح 40 في المئة فقط من قبل الجمهوريين.

ويشير البروفيسور بيترسون إلى أن القضاة يسترشدون بالقانون، والسوابق التي وضعتها المحكمة العليا، ويقول إن القضاء “يظل فرعاً ثالثاً مهماً للحكومة يتمتع بدرجة عالية من الاستقلال”.

وتنظر المحاكم إلى الأوامر التنفيذية على أنها صالحة قانونياً، ما لم تنتهك الدستور أو القوانين القائمة.

وقد سبق للمحاكم أن أيدت بعض الأوامر المثيرة للجدل، مثل قرار حظر السفر الذي فرضه ترامب عام 2017 على 7 دول، والذي أيدته المحكمة العليا في النهاية عام 2018.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى