رحم الله امرأ عرف قدر نفسه
زينب بنموسى
في خضم «الحرب» الدبلوماسية- إن جازت التسمية- بين المغرب وألمانيا من ناحية وقرار المغرب استدعاء سفيرته من برلين للتشاور، لأن الحكومة الألمانية راكمت مواقف عدائية تنتهك المصالح العليا للمملكة، كما جاء في بلاغ وزارة الخارجية، والخطاب شديد اللهجة الذي وجهه المغرب للجارة الشمالية إسبانيا بسبب استقبال إبراهيم غالي بهوية مزورة، وعدم إخباره بتواجده فوق التراب الإسباني من ناحية أخرى، لا زال البعض لا يستحي من اعتبار نفسه طرفا مهما في العلاقات الخارجية للمغرب، والتصرف بـ «حياد» وأحيانا بمحاباة تجاه الدول التي يواجهها المغرب في مباراة الحفاظ على سيادته واستقلال أراضيه، في إطار قليان السم للدولة زعما!
فئة تتحدث عن معركة «حقوقية» سببها تراجع المغرب في مجال حقوق الإنسان وهذا ما دفع الدول المتقدمة الى إدارة ظهرها لها، وفئة أخرى تزايد بالقضية الفلسطينية وما يحدث في غزة، وتتهم المغرب بالتضحية بفلسطين لأجل مصالحه، في حين تذهب فئة أخرى إلى حد بعيد من الفكاهة وتتحدث عن فشل دبلوماسي مغربي.
هذا الانبطاح أمام المقاربات الخارجية أيا كان توجهها، والتذلل لأي بلد أجنبي حتى لو كان ثمن ذلك كرامة الوطن والمواطنين لا يمكن أن يصدر نهائيا عن معارضة حقيقية، معارضة تشبه في مبادئها تلك التي تشبث بها إبراهيم السرفاتي دون أن يفلت الوطنية من قبضته، لا يمكن في الحقيقة أن تصدر إلا عن فاشل متضخم الأنا يظن أن ألمانيا أو إسبانيا قد تضحي بعلاقتها مع المغرب لأجله.
حتى أفضل خبراء الدبلوماسية والعلاقات الدولية يستحون من التنظير بهذه الطريقة المتعالية واستعمال القلم الأحمر لتصحيح أخطاء الدولة المغربية في علاقتها مع نظيراتها، كما يفعل الآن هؤلاء المعارضون الصناديد المختبئون في الجحور يتصيدون أنصاف الفرص كي يخرجوا وينفثوا سمهم؛ قبل أن يعودوا إلى مخابئهم في انتظار فرصة أخرى، ولكن اش غاتقوليهم وأنت تعلم أن مصارعة الخنزير في الوحل لن تزيده إلا استمتاعا! لقد حل زمن الرويبضة وقضي الأمر وما علينا إلا الصبر.
ففي وقت تصف فيه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شخصا مثل شفيق العمراني، يحترف الشتم والسب والقذف ويعيش في أحضان خونة الخارج، معتقدا أن جنسيته الأمريكية ستحميه من قصاص القانون بالمعتقل السياسي، ولا يدافع الحقوقيون إلا عن من يشاركهم أفكارهم السوداء حول هذه الرقعة الجغرافية التي تجمعنا، ويكتب أشخاص معروف توجههم ومستواهم الدراسي حول السيادة المغربية، ويتمنى مغاربة يشتركون معنا في هذا الوطن أن تلغي إدارة بايدن قرار أمريكا حول الصحراء، بحال إلى شفرناها ليهم، من العادي أن يصبح الجميع خبيرا دوليا يقدم الدروس للوزارة، وأن يظن شوية ديال القيوشة أنهم أرقام صعبة في المعادلة، بدل أن يعترفوا ببساطة أن وقوف المغرب موقف الند للند أمام دول بحجم ألمانيا وإسبانيا يغيظهم، ويشتت أوراقهم، لأنهم يدركون أنهم في الحقيقة مجرد أداة في أيدي الأذرع الحقوقية لبعض الدول، وأن انتصار المغرب في هذه المواجهة الدبلوماسية يعني بالمقابل انقطاع مصادر رزقهم لأن دورهم في اللعبة سينتهي، مثلهم مثل أي ميليشيات مستأجرة..
الحاصول، رحم الله امرأ عرف قدر نفسه!