شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

رحلة البحث عن العدالة

 

 

يونس السيد

ربما كانت التباينات في المواقف حول قرارات محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة الواردة في شكوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، مؤشرا على أن رحلة البحث عن العدالة لن تكون سهلة، بل طويلة ومتعبة، ولكنها تظل خطوة على طرق الألف ميل.

وربما يكون الذين راهنوا على صدور قرار بوقف أو تعليق العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة قد أصيبوا بخيبة أمل، غير أن مجمل قرارات المحكمة تعتبر مهمة للغاية في نظر الكثير من الخبراء والقانونيين. ومع أن هؤلاء الخبراء والقانونيين يعتقدون أن صدور قرار بوقف إطلاق النار يتعلق بنزاع بين «دولتين» موقعتين على اتفاقية «منع الإبادة»، فإنه لو صدر مثل هذا القرار لن تقوم إسرائيل بتنفيذه، كما صرحت بذلك علنا. لكن ذلك لم يُخفِ حقيقة الانزعاج الإسرائيلي، باعتبار أن تل أبيب التي ظلت منذ إنشائها بمنأى عن المساءلة بفضل الحماية الغربية، تجد نفسها الآن تحاكم أمام أعلى هيئة قضائية دولية، بعد فشلها في إسقاط دعوى جنوب إفريقيا، كما أن حلفاءها الغربيين باتوا يخشون من الانجرار إلى موقع الشريك في كل الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، بسبب الدعم الأعمى الذي يقدمونه لها.

صحيح أن إسرائيل تدرك أنها ما زالت محمية، وأن آلية تنفيذ هذه القرارات عبر مجلس الأمن، ستواجه على الأرجح بالفيتو الأمريكي، لكن هذا الفيتو، إن حدث، سيكون مكلفا جدا من الناحية السياسية والأخلاقية. ومع ذلك فهي لن تقف مكتوفة الأيدي، وستسعى بكل قوة إلى دحض الاتهامات الموجهة إليها، وتبرير عملياتها التدميرية وقصفها الأعمى للمدنيين والمنشآت والبنى التحتية في القطاع. وربما تلجأ إلى اتخاذ قرارات من شأنها تغيير بعض سلوكها، أو شكل عملياتها العسكرية. ولكن الأهم والأخطر أنها في سعيها لذلك، بدأت في توجيه سهامها إلى المنظمات الأممية، مثل «الأونروا» ومنظمة الصحة العالمية التي اعتمدت محكمة العدل الدولية على الكثير من تقاريرها وشهاداتها، بهدف ضرب مصداقية المحكمة نفسها، والتشكيك في المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي لطالما سعت إلى التخلص منها.

وفي كل الأحوال، ستبقى الكثير من الأمور معلقة على ما سيقرره مجلس الأمن، والتقرير الذي يفترض أن تقدمه إسرائيل إلى المحكمة بشأن طلباتها الواردة في الإجراءات الاحترازية المؤقتة، ضمن مهلة الشهر الممنوحة لها، وما إذا كانت قادرة على إقناع المحكمة، أم أن رحلة البحث عن العدالة ستذهب إلى مستويات أخرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى