شوف تشوف

الرأيالرئيسية

رجل يملك كل شيء.. إلا الوقت

يونس جنوحي

إيلون ماسك. سوف تكونون مضطرين لسماع هذا الاسم كثيرا من الآن، وطيلة السنوات القادمة. هذا الرجل الذي اقتحم عالم الصواريخ ورحلات الفضاء قادما من عالم السيارات الكهربائية، يمتلك اليوم أغلب أسهم واحدة من أضخم الشركات في العالم.

الأمريكيون، ومن عادتهم اختراع النكت عن الكنديين، يمزحون هذه الأيام ويقولون إن إيلون ماسك قد يشتري في المستقبل دولة ما ويقنع رئيسها وشعبها بمغادرتها لكي يعيش فيها لوحده. لكن الحقيقة أن إيلون ماسك ليس أبدا من النوع الذي يستثمر في العقارات ولا يؤمن بامتلاك المنازل. ورغم أنه أثرى رجل فوق الأرض، بثروة لا يمكن تحديد حجمها حرفيا لأنها تتغير كل ثانية، إلا أنه لا ينام إلا في منازل شركائه الذين يعملون معه على تطوير برامج شركاته متعددة التخصصات أو في غرف الفنادق لكي يربح الوقت ويعقد الاجتماعات.

لكن الناس لا يعرفون أن إيلون ماسك فشل كثيرا خلال بداية حياته وعانى لكي يصل إلى ما هو عليه اليوم بصافي ثروة تتجاوز بكثير 300 مليار دولار، ومرشحة لكي تزداد بهامش ربح كبير جدا خلال السنوات الخمس المقبلة.

سنة 2003، أسس ماسك تجربة السيارات الكهربائية، ولم يكن أحد يؤمن بأن حلمه سوف يصبح مصدر ثروة تنقله إلى قمة لائحة أغنى أثرياء الكرة الأرضية، إلا أنه عمل على تطوير ماركة «تيسلا» لتصبح اليوم أقوى منافس لشركات سيارات كانت تسيطر على السوق العالمية منذ أكثر من قرن.

واليوم دخل إيلون ماسك مجال السيطرة على السياسة العالمية بشرائه لمنصة «تويتر».

والذين يعرفون قوة الاتصال وضرورتها في صناعة النخب والسياسات العالمية، يدركون أن إيلون ماسك لم يصل إلى القمة، بل هو الآن في بداية صعوده نحوها. وكما عنونت الصحف الأمريكية قبل أسبوع، فإن ماسك لن يهزم أحدا سوى نفسه. فالرجل قادر على أن يتفوق على نفسه كل مرة بتحقيق صفقات جديدة تضيف إلى ثروته ملايين الدولارات.

امتلاك الفكرة رأسمال حقيقي. وإيلون ماسك اليوم يجمع ثلاث جنسيات في جيبه. فهو ينحدر من أصول جنوب إفريقية لأنه وُلد هناك لأسرة جاءت إلى جنوب إفريقيا في إطار السياسة الاستعمارية للأسر البيضاء في القارة الإفريقية، ويحمل الجنسية الكندية، كما أنه حاصل على الجنسية الأمريكية حيث تستقر كبريات فروع شركاته في عالم السيارات والاتصال.

تعرض إيلون ماسك لهجوم بسبب أصوله الإفريقية، إذ إن الأسر من أصول أوربية، بلون بشرتهم البيضاء وشعرهم الأشقر، مسؤولون عن المجازر والإبادات التي ارتُكبت في القارة الإفريقية وتهاجمهم جمعيات في جنوب إفريقيا مناهضة للاستعمار وتتهم أنظمة أوربية ببناء اقتصاد بلدانها على جثث الأفارقة. لكن قوة إيلون ماسك أنه لم يعتمد على ثروة العائلة لكي يصل إلى القمة. السيارات الكهربائية الذكية استطاعت بفضل تطوير التكنولوجيا أن تتفوق على السيارات العادية، خصوصا منها ذاتية القيادة، حيث حققت مبيعات فاقت كل التوقعات في الولايات المتحدة الأمريكية.

الآن، بعد شراء إيلون ماسك لمنصة «تويتر» الشهيرة، بات بمقدوره أن يؤثر على السياسة العالمية. من وقف في وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؟ لم يفلح الحزب الديموقراطي في التصدي له، ولم تفلح القنوات التلفزية الأمريكية التي يتابع أخبارها مجتمعة قرابة ملياري شخص حول العالم في إضعاف ترامب. لكن «تويتر» بكبسة زر، حذفت حساباته وحرمته من نشر آرائه وتسديد الضربات لخصومه، لكي يتضح أن المستقبل سوف يكون لهذه المنصة، وليس لمقر رئاسة أقوى دولة في العالم.

إيلون ماسك غيّر مفاهيم كثيرة في الاستثمار، وقد نجد لاحقا أن من بين مجلس إدارة إحدى أنجح شركاته شباب مغربي حالم، لن يفهمه أحد سوى رجل يعرف كيف يبيع أي شيء يقع بين يديه، ويملك كل شيء تقريبا، إلا الوقت..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى