رجل السنة
في البلدان التي تعرف بحق أجهزة أمنها وجيشها، يقوم الرؤساء بقضاء ليلة رأس السنة معهم في مقرات عملهم وثكناتهم. وفِي المغرب لا يكاد يخلو خطاب ملكي من التنويه بجهود الأمن بمختلف مؤسساته والجيش بمختلف درجاته نظير التضحيات والجهود التي يقومون بها لحماية الوطن وصون أرواح وممتلكات المواطنين.
ومن جانبنا، لا يمكن أن نودع سنة 2018 دون أن نقدم كلمة شكر وامتنان للأجهزة الأمنية بمختلف أصنافها، ليس من باب المجاملة المتملقة، بل من باب الاعتراف لدرع الوطن ورجالاته بما بذلوه من جهود استثنائية لحفظ أمن واستقرار الوطن وبما يحقق آمال المواطنين وتطلعاتهم، بمهنية قائمة على الانضباط وحكم القانون والتضحية بالنفس في كثير من الحالات، مما يجعلهم، بدون منازع، شخصية العام لسنة 2018.
لقد وجد رجال المؤسسات الأمنية، وعلى رأسهم المدير العام عبد اللطيف الحموشي، عين الوطن التي لا تنام، أنفسهم، خلال السنة التي نودعها، أمام تحديات ومخاطر أمنية متنوعة. فهم كانوا مطالبين بمواجهة الغدر الإرهابي وتفكيك 20 خلية إرهابية واعتقال، كان آخرها الخلية الإرهابية لـ«شمهروش»، وفي الآن نفسه مواجهة نصف مليون قضية زجرية وتعقب 56 ألفا من مرتكبي الجرائم الخطيرة والمقرونة بالعنف، وتفكيك 495 شبكة إجرامية تنشط في السرقات بالعنف والسرقات المشددة، وضبط 603 من المنظمين للهجرة غير المشروعة، وحجز طن و650 كيلوغراما من الكوكايين، و1.346.180 من الأقراص المهلوسة و52 طنا و693 كيلوغراما من مخدر الحشيش. والأكثر من ذلك، كان على رجال الحموشي ضمان سيادة القانون وعدم المس بالممتلكات العامة والخاصة والفضاء العمومي، من خلال التدخل في 17 ألف تجمع احتجاجي.
خلال كل هاته التدخلات، كان مطلوبا من 80 ألف رجل أمن، نعم لدينا فقط 80 ألف رجل أمن لحوالي 34 مليون مواطن، أن يمشوا على البيض دون أن يكسروه، وأن يطبقوا الواجب دون أن يمسوا بالحقوق، وأن يفرضوا سيادة القانون دون الاقتراب من دائرة الحريات. والأدهى والأمر أنهم كانوا مطالبين بمعالجة مظاهر احتجاجية مخلة بالقانون أنتجتها يد السياسيين وقراراتهم المثيرة للغضب والاحتجاج، وكان من المفروض أن يتم حلها على ملعب السياسات العمومية الاجتماعية وليس تصديرها بسوء نية لمرمى المشرفين على السياسات الأمنية، وبعد ذلك مجازاتهم على تضحياتهم بتصريحات مغرضة تتهمهم ليس أقلها عدم احترام حقوق الإنسان والتعذيب، وما لا حصر له من التهم التي تدخل في إطار الوشايات الكيدية.
لذلك، في كثير من الأحيان دفعت التدخلات الأمنية لإصلاح ما اقترفه السياسيون، إلى جعلهم من طرف العدميين والذين يقتاتون على التوتر والفوضى، محط ممارسات عدائية وموضوعا للإشاعات المغرضة ضد رجال الأمن وتصويرهم كجيش احتلال وكمخلوقات عدائية، وليس كمواطنين مغاربة يقومون بمهامهم في حماية القانون والوقوف ضد المس بالسلامة الجسدية للمواطن، وصيانة الممتلكات الخاصة والعامة من العبث والاعتداء.
ولحسن الحظ أن المغاربة يدركون قيمة الأمن ويظهرون خلال كل حادثة إجرامية، كما وقع مع جريمة إمليل، أنهم ضد الممارسات والأفكار التي تهدف إلى زرع الفوضى وتعميم الخراب وتعطيل الحياة العامة والخاصة.
فشكرا رجال الأمن بلا حدود وبلا نهاية، ما دمتم تؤدون مهامكم ومسؤولياتكم الوطنية بإيمان لا يتزعزع أو ينكسر، وبإدراك حقيقي لمعنى الروح الوطنية والضمير المهني.