شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

رجل السلطة المطلوب

أعلنت وزارة الداخلية، مساء أول أمس الثلاثاء، عن إجراء حركة انتقالية واسعة النطاق في صفوف رجال السلطة تهم 1819 منهم، يمثلون 43 في المائة من مجموع أفراد هذه الهيئة العاملين بالإدارة الترابية. ولا شك أن السياق الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه، منذ سنتين، يفرض على رجال الإدارة الترابية تحديات جديدة تتجاوز وظيفتهم الكلاسيكية في مراقبة وضبط المجال الترابي لنفوذهم، إلى المساهمة الفعالة في التنمية، وضمان تنفيذ مشاريع الدولة في رقعة نفوذهم.

لقد ظل الدور الأمني والضبطي لرجال السلطة طاغيا في أداء مهامهم، من خلال متابعة العمل الجمعوي، ونشاط الأحزاب، وتنفيذ قرارات الهدم، ومحاربة احتلال الشارع العام، والتدخل في الاحتجاجات، وتقديم بعض الوثائق التي يطلبها المواطن، والقيام بمهام ضابط للشرطة القضائية وغيرها من الاختصاصات ذات الطابع الأمني، حيث تغلب هذا الدور الضروري والمطلوب على البعد التنموي المرتكز على التنسيق بين المصالح الخارجية للدولة على الصعيد المحلي، وفض الإشكاليات التي تعطل عملية تنفيذ المشاريع العمومية، خاصة المتعلقة بالبنية الأساسية ومختلف المرافق الأخرى، أو حتى من خلال تبليغ تطلعات مواطني الجماعات، ومعرفة حاجياتهم في مختلف المجالات إلى السلط المركزية بالرباط.

لا أحد ينكر المجهودات الخرافية التي قام بها رجال الإدارة الترابية بمختلف مكوناتها ومصالحها الخارجية خلال جائحة «كوفيد- 19»، حيث اكتشف المغاربة، إبان الأزمة الصحية، وجها جديدا لرجال السلطة يهدم جميع التمثلات النمطية السابقة، لكن هذا الجسم ما زال يحتاج إلى العديد من الإصلاحات والتغيرات التي تهدف إلى تطوير قدراته على مستوى مساره التكويني، وإضفاء مزيد من المرونة على وسائل التصرف لديه، حتى يكون أكثر نجاعة وفعالية في كسب رهان التنمية المحلية المستدامة، ويسهم في تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي لكل فئات الشعب.

إن التعيينات الجديدة لرجال السلطة لا ينبغي التعامل معها كحركة روتينية يتم اللجوء إليها لتدوير القواد والباشوات، وتعويض من أحيل منهم على التقاعد وترقية بعضهم، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، لأنه يهم جسما إداريا حاسما في أمن وتنمية الوطن. ولهذا فمحطة إعادة الانتشار قد تعادل، أو ربما تتجاوز محطة الانتخابات الجماعية، وتفرض على صناع القرار الترابي محاسبة وتقييم وإعادة النظر في أداء القواد والباشوات ومن يعتمدون عليهم من خلفاء ومقدمين. والأكيد أننا اليوم في حاجة إلى مراجعة عميقة للنظام الأساسي لرجال السلطة الذي صدر في 2008، حتى يواكب مختلف التوجهات والمبادئ الجديدة التي يفرضها الواقع والتحديات الاجتماعية والبيئية والصحية والتنموية ويتماشى مع المبادئ التي كرسها الدستور، سيما في مجال تنمية المجال اللامركزي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى