رجال المنتخب المنسيون أطباء لا يعرفهم أغلب المحللين الرياضيين
غالبا ما يركز المتتبعون لمسار المنتخب المغربي في رحلاته الإفريقية والعالمية، على المدربين بدرجة أولى واللاعبين بدرجة ثانية، في حين يسقط من ذاكرتهم باقي المتدخلين في المنظومة الكروية، خاصة مكونات الجهاز الطبي الذي يتشكل في الغالب من طبيب وممرض، قبل أن يظهر مع مرور السنوات المعالج الطبيعي و«الكوتش» النفسي وأخصائي التغذية، وغيرهم من الأسماء التي جعلت من الطاقم الطبي جهازا قائم الكيان.
على امتداد تاريخ المنتخبات المغربية، وفي مختلف التظاهرات العالمية، حمل صفة «طبيب المنتخب» عدد كبير من الأطباء، أغلبهم لم يحملوا تخصص «الطب الرياضي» في زمن لم يكن فيه هذا التخصص ظهر إلى الوجود، بل إن بعض سفريات الفريق الوطني تمت بالاستعانة بأطباء «طب عام»، أو تخصص آخر، ناهيك عن إصرار بعض اللاعبين على طرق أبواب دكاكين ممتهني الطب الشعبي، بحثا عن علاج يتقاطع فيه الشفاء بالبركة.
هناك أشخاص يعيشون في الظل، يساهمون في نجاح المنتخب دون أن تسلط عليهم الأضواء، بدءا بالمكلف بالأمتعة الرياضية وحارس الملعب، وصولا إلى سائق الحافلة ثم الجهاز الطبي. هؤلاء لا يحصلون إلا على أقل المنح والحوافز ونادرا ما يصعدون منصات التتويج، فيما تمسح في تلابيبهم الكثير من النكسات.
على امتداد تاريخ الكرة المغربية كان الطبيب مجرد «خضرة فوق طعام»، لكن حين تحولت اللعبة إلى مهنة أصبح عنصرا مكملا في المنظومة، قبل أن يتحول إلى جهاز قائم الذات تسلط عليه الأضواء أحيانا أكثر من اللاعبين والمدربين.
في هذا الملف الأسبوعي، سنسلط الضوء على الذين عاشوا بعيدا عن الأضواء، وهم فئة من الأطباء الذين مارسوا مهنة نبيلة وسهروا على صحة اللاعبين دون أن ينالوا المكانة التي يستحقونها، أطباء ما قبل اجتياح وسائل التواصل الاجتماعي أو «حكماء» زمان، وسنستثني من هذه الورقة الأطباء الذين نالوا ما يكفي من الشهرة كالزاهي وهيفتي والزاكيني، دون أن نلغي دورهم في إنجازات الفريق الوطني.
حسن البصري
++++++
روكبير.. طبيب السلطان يراقب تغذية المنتخب قبل دورة بيروت
بعد الحصول على الاستقلال أصر الملك محمد الخامس على تعيين العربي بن مبارك مدربا للمنتخب المغربي الذي تلقى دعوة للمشاركة في البطولة العربية الثانية سنة 1957، والتي دعت لها جامعة الدول العربية واحتضنتها لبنان، فوجه دعوة للعربي المشرف حينها على تدريب الفتح الرباطي وطلب منه انتقاء اللاعبين القادرين على المشاركة في هذا الحدث الكروي العربي الأول من نوعه. وحين انتهى الرجل من إعداد الفريق الذي سيمثل المغرب المستقل طلب من لاعبيه المثول بين يدي محمد الخامس يوم سادس أكتوبر للتزود بآخر نصائحه قبل السفر إلى لبنان.
لم يكن المنتخب المغربي يستطيع توفير طبيب لهذه المهمة، لذا تمت الاستعانة بطبيب القصر الفرنسي الدكتور ديبوا روكبير، وهو متخصص في القلب والشرايين، ومسؤول عن مصحة القصر، بل كان صديقا للملك محمد الخامس ومستشاره في كثير من الأمور التي تتعدى الجانب الصحي. حضر ديبوا معسكر «المنظر الجميل» لمراقبة الوجبات الغذائية ويتأكد من صحة الطبخ والطباخين، دون أن يرافق البعثة إلى بيروت. كما تردد على مقر المنتخب الدكتور عبد الكريم الخطيب الطبيب الجراح رفقة شقيقه المحامي عبد الرحمن الخطيب، الذي ترأس الوداد سنتي 1949 و1950، وسيعين لاحقا وزيرا للشبيبة والرياضة.
وضع محمد الخامس رهن إشارة المنتخب المغربي طبيب القصر خلال فترة الإعداد، كما وضع الطائرة التي أقلته من المنفى إلى المغرب في خدمة الفريق الوطني، بينما تعذر تكليف طبيب مرافق للوفد الرياضي قبل أن يتم انتداب طبيب لبناني للقيام بالمهمة من عين المكان.
ومن المواقف المشهودة للأمير مولاي عبد الله مع هذا المنتخب، أنه كان يتردد عليه في مقر البعثة ويحفزه من أجل النصر، بل وضع طبيبه رهن إشارة المدرب، علما أن الأمير كان يستعد لخطبة لمياء الصلح ابنة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رياض الصلح.
نصائح الحسن الثاني للجوطي طبيب المنتخب الوطني
يعود أول لقاء رسمي للملك الحسن الثاني بالدكتور محمد الطاهري الجوطي، إلى شهر ماي 1970، حين اجتمع العاهل المغربي بعناصر المنتخب المغربي التي كانت تتأهب للسفر إلى المكسيك قصد المشاركة في نهائيات كأس العالم، خلال اللقاء نبه الملك طبيب الفريق الوطني الطاهري الجوطي من إشكالية ارتفاع مدينة «ليون» المكسيكية عن سطح البحر وما قد تسببه للاعبين من مشاكل في التنفس، وشدد الحسن الثاني على أهمية السفر مبكرا إلى المكسيك للتأقلم مع الأجواء المناخية، منبها في الوقت نفسه إلى أهمية التغذية.
جدد طبيب المنتخب لقاءه بالملك بعد العودة من المكسيك، فأصر العاهل المغربي على أن يرافق الجوطي البعثة المغربية، في أول مشاركة للمنتخب المغربي في نهائيات كأس أمم إفريقيا في الكاميرون سنة 1972، نظرا لقساوة وصعوبة الرحلة، حيث اعتاد الملك أن يكون الجانب الطبي أولوية من أولويات رحلات المنتخب المغربي.
لم يكن التخصص في الطب الرياضي ظهر في هذا المجال، إلا أن الجوطي كان من أوائل الأطباء ارتباطا بلاعبي كرة القدم سواء على مستوى المنتخب الوطني أو الوداد الرياضي، وبعد اعتزال الجوطي المهنة مع الفريق الوطني أصبح مسيرا داخل الوداد قبل أن يصبح وزيرا للشباب والرياضة، ويضم إلى ديوانه زميله في الوداد أبو بكر اجضاهيم. لقد توصل بقرار تعيينه وزيرا وهو يقوم بعمله المعتاد في مستشفى بوافي في الدار البيضاء.
دخل «لمزابي» الجوطي عالم السياسة عبر قطاع الشبيبة والرياضة في الفترة ما بين 27 ماي 1974 و9 أكتوبر 1977، في عز أزمة سياسية ورياضية ضربت المغرب. كما كان من مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار وما تلاه من تصنيفات حزبية.
خلال فترة إشرافه على قطاع الرياضة والشباب، تعددت لقاءات الجوطي مع الملك، خاصة وأن قطاع الشباب كان يعتبر بؤرة سياسية تطلبت من الوزير استنفارا كبيرا لاسيما في ظل المد الشيوعي الذي غزا الشباب، لذا حرص الوزير على حضور عرض بعض المسرحيات ذات البعد السياسي. ويذكر طلبة المعهد الملكي للشباب مسرحية «هاينة» التي وصل صداها إلى الملك الحسن الثاني، الذي سأل الجوطي عن المسرحية ومن يقف وراءها، فشرح له الطاهري الفكرة كون شخصية «هاينة» موجودة في الحكاية الشعبية.
في التاسع من يونيو 2011، انتقل الجوطي إلى دار البقاء ودفن في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء.
السرايري.. طبيب الوزراء يلتحق بالمنتخب في إثيوبيا بقرار ملكي
نادرا ما يتردد اسم عبد السلام السرايري على شفاه المحللين حين ينبشون في ذاكرة كأس أمم إفريقيا، وغالبا ما يتم التركيز على اللاعبين والمدربين، والحال أن دورا خفيا لعبه البروفسور السرايري في رحلة البحث عن اللقب الوحيد الذي تزخر به خزانة الكرة المغربية.
بدأت القصة حين تأهل المنتخب المغربي لنهائيات كأس أمم إفريقيا في إثيوبيا، لم تكن الإمكانيات المالية تسمح بإجراء معسكرات خارجية، لكن المملكة العربية السعودية تحملت الجزء الأكبر من نفقات سفر البعثة المغربية مقابل خوض مباراتين وديتين بالرياض.
حين أقلعت البعثة إلى السعودية عبر مصر، دعا الحسن الثاني وزيره في الرياضة الدكتور الطاهري الجوطي، لاجتماع طارئ وطلب منه إرسال طبيب مختص في القلب والشرايين للحاق ببعثة الفريق الوطني في السعودية ومنها إلى إثيوبيا، ووقع الاختيار على البروفسور السرايري الذي عرف حينها بطبيب الوزراء، حيث أشرف على علاج كل من علال الفاسي وامحمد بن هيمة وغيرهما من الشخصيات السياسية.
يقول البروفسور السرايري، في تصريح لـ«الأخبار»، مبررا اختياره لهذه المهمة: «كان على المنتخب المغربي أن يخوض مبارياته في الدور الأول في مدينة ديرداوة التي تعرف بارتفاعها عن سطح البحر، لذا تم اعتمادي طبيبا للمنتخب خوفا من مضاعفات في هذا الجانب، لكن الحمد لله المشاكل الصحية التي عشناها هناك لم تتجاوز حدود الإسهال».
ساهم السرايري في حصول المغرب على كأس أمم إفريقيا، بفضل مجهوده الطبي، إلا أن مهمته مع الفريق الوطني انتهت بعد العودة إلى المغرب، لكن التاريخ يحتفظ له بهذا العبور الناجح.
عمل الطبيب المتخصص في أمراض القلب، عبد السلام السرايري، لأكثر من أربعين سنة في إنقاذ الأرواح. وشكلت العناية بمرضى القلب رسالته وشغفه ومهنته، في مسار مهني طويل من العمل الميداني والبحث العملي والأكاديمي تولى خلاله مناصب قيادية، حيث عين عميدا لكلية الطب بالدار البيضاء، ورئيسا لمصلحة أمراض القلب والشرايين وأستاذا فخريا في أمراض القلب.
ازداد بمدينة الرباط سنة 1942، وتابع دراسته في مؤسسة محمد جسوس ثم التحق بثانوية غورو. لعب في صفوف المغرب الرباطي لكرة السلة، بل أصبح حكما لهذا النوع الرياضي، قبل أن يجد نفسه ضمن الطاقم المشرف على المنتخب المغربي في أزهي أيامه.
خلال مساره المهني أشرف البروفيسور السرايري على صحة العديد من كبار الشخصيات السياسية في العالم، وأشرف على ما يناهز 400 أطروحة، بما فيها تلك التي ناقشتها أسماء أصبحت معروفة في المجال الطبي في المغرب، ولازال يمارس مهمته النبيلة في عيادته بشارع باريس وسط الدار البيضاء منذ 1989.
حصل السرايري على ميدالية اعتراف بمناسبة مرور ربع قرن على فوز المنتخب المغربي بكأس إفريقيا الوحيدة، كما حصل على الميدالية الذهبية لجهوده المتواصلة في تطوير وتعزيز تخصصه من الجمعية الأكاديمية الفرنسية للتربية والتشجيع التي تمنح جوائز سنوية للعلماء والفنانين الأدباء المتميزين.
السنتيسي.. طبيب الوداد والمنتخب الذي مات مرتين
حين أعلن نادي الوداد الرياضي، على موقعه الرسمي، وفاة الدكتور عبد المالك السنتيسي، يوم 19 يناير من العام الجاري، لم تتم الإشارة إلى صفته كطبيب للوداد والمنتخب وتم الاكتفاء بصفة رئيس النادي. لكن عبد المالك مات قبل عشر سنوات بعد أن توقف قلبه ونعاه أهله، قبل أن تعود إليه الحياة بقدرة إلهية، كما أن تدهور صحته بدأ منذ رحيل ابنه الذي كان جزءا من حياته.
ويعتقد كثير من متتبعي الشأن الكروي في بلادنا أن الدكتور عبد المالك السنتيسي مجرد مسؤول في الوداد والجامعة، لكن الرجل بدأ مساره من منصب طبيب الفريق، حيث دخل هذا المجال عبر بوابة المنتخب ومنها إلى الوداد بدعم من الطبيب السابق للفريق الطاهري الجوطي الذي أصبح حينها وزيرا للرياضة والشباب.
يعود أول ظهور لعبد المالك السنتيسي في العارضة الطبية للمنتخب لعام 1976 حين خاض الفريق الوطني إحدى مبارياته بتطوان، حسب رواية للاعب الدولي السابق عبد المجيد سحيتة، قبل أن يمارس المهمة نفسها مع الوداد، وحين فتح باب الترشيحات لخلافة عبد الرزاق مكوار انضم لفريق العمل الذي كان يقوده أبو بكر اجضاهيم قبل أن يقودا سويا سفينة الوداد خلال التسعينات.
أحرز الراحل السنتيسي مع الوداد، بصفته طبيبا أو عضوا في المكتب المسير أو رئيسا له، 17 لقبا، ضمنها 7 ألقاب للبطولة و5 كؤوس للعرش، فضلا عن كأس محمد الخامس سنة 1979 وكأس الأندية العربية البطلة سنة 1989 والكأس العربية الممتازة سنة 1990، بالإضافة إلى كأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1992 بالخرطوم.
كانت الرئاسة مشتركة بينه وبين أبو بكر اجضاهيم، وكان أغلب المسيرين من المحامين الذين يؤازرون عبد المالك، وخلال هذه الفترة اندلعت قضية مسدس بوبكر في مباراة ديربي برسم كأس العرش بين الوداد والرجاء، وأصدر الجنرال حسني بن سليمان حكما بتوقيف جضاهيم لمدة سنة لأنه شهد شاهد من الوداد في شخص المسيرين، بل إن أوزال نائب رئيس الجامعة بين لحسني بن سليمان عدم سلامة القرار فتمت، بعد مدة من التوقف، مراجعة الحكم، وخلال فترة التوقيف كان الدكتور السنتيسي رئيسا للوداد.
قلب هجوم النادي المكناسي يصبح طبيبا للمنتخب
بعد نكسة كأس أمم إفريقيا 1978 بكوماسي الغانية، قرر الملك الحسن الثاني تغيير جلد المنتخب المغربي، فأقيل المدرب الروماني مارداريسكو وطاقمه، وتم تعيين المدرب الفرنسي غاي كليزو على رأس منتخب خارج للتو من نكبة.
دعي الدكتور العربي عثماني للإشراف على الطاقم التقني للفريق الوطني الذي كانت تنتظره استحقاقات حاسمة، خاصة المباراة الهامة أمام المنتخب الجزائري، ونهائيات كأس أمم إفريقيا في نيجيريا ثم تصفيات كأس العالم في مواجهة حارقة أمام الكاميرون.
كان قدر الطبيب المكناسي أن يعيش أقسى مسارات المنتخب، حيث عايش نكسة الجزائر وحادثة سير المدرب الفرنسي جيست فونتين، وإقصاء الفريق الوطني من محطة مفصلية في تاريخ تصفيات كأس العالم 1982، ثم فاجعة مقتل اللاعب درويش.
ينتمي الدكتور العربي لعائلة عثماني الرياضية، فشقيقه حسن كان أيضا لاعبا بالكوديم والمنتخب المغربي، على غرار العربي الذي حمل قميص هذا الفريق قبل أن يغادره إلى فرنسا لاستكمال دراسته الجامعية في تخصص الطب، وهو من مواليد مدينة مكناس سنة 1948، ترعرع بين دروبها وأزقتها وبالضبط في قلب مدينتها العتيقة. لعب ضمن صفوف النادي المكناسي سواء كرة السلة أو كرة القدم خلال ستينيات القرن الماضي، وتوج مع هذا الأخير في فترته الذهبية رفقة ألمع نجومه كحميدوش والدايدي ببطولة كأس العرش سنة 1966.
انتقل للعب في الدوري الفرنسي ضمن فريق مدينة «تور»، قبل أن يقرر متابعة دراسته بالبلد نفسه، ليتوج مساره الدراسي العصامي بالحصول على الدكتوراه في الطب، الأمر الذي مكنه من العودة إلى واجهة الرياضة المغربية من بوابة طبيب المنتخب المغربي.
عاش عدة صعوبات بعد عودته للمغرب ليتكفل بعائلته إثر وفاة معيلها، لكن خلافا مع وزير الصحة آنذاك جعله في جحيم خلاف كاد أن يكلفه تعيينا بعيدا عن مكناس، علما أن الطبيب الشاب كان لاعبا للنادي المكناسي بل وقلب هجومه، قبل أن يقطع الصلة مع الكرة بسبب عطب على مستوى الركبة عجل باعتزاله، والاهتمام بمهمته كطبيب في مستشفى مولاي إسماعيل بمكناس.
حين تم التعاقد مع المدرب الفرنسي جيست فونتين، تم اختياره من طرف هذا الأخير ليستمر في مهامه كطبيب، وشاءت الأقدار أن يغيب المدرب الفرنسي عن نهائيات كأس أمم إفريقيا 1980 بنيجيريا بسبب حادثة سير تعرض لها في الطريق الرابط بين مكناس والرباط، حيث تم الاتصال بطبيب المنتخب حينها الدكتور عثماني الذي رافقه في رحلة علاج إلى فرنسا على متن طائرة خصصها الملك لنقل المدرب المصاب.
شارك الدكتور عثماني في نهائيات كأس أمم إفريقيا في نيجيريا وساهم في حصول المغرب على المرتبة الثالثة، وكان حمادي حميدوش مدربا للمنتخب مناصفة مع محمد جبران.
ومن النكبات التي عاشها العربي معاينته لقصة وفاة مصطفى درويش اللاعب الدولي السابق، ومهاجم الرجاء البيضاوي في منتصف السبعينيات والجيش الملكي في بداية الثمانينيات، الذي شاءت الأقدار أن يلقى حتفه في مسبح فندق بداكار، حين كان برفقة المنتخب. أمام هذه الفاجعة عاد الفريق الوطني وظل الدكتور العربي يقوم بالإجراءات الطبية والجنائية في دكار قبل أن يعود إلى المغرب رفقة الجثمان.
عايش الدكتور عثماني خمسة مدربين في المنتخب بدءا بكليزو وانتهاء بفلانتي مرورا بحميدوش وجبران وفونتين. وفي 30 مارس 2019 توفي في صمت ودفن في مدينة مراكش دون أن تكلف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولا الكوديم نفسيهما بكتابة عبارات العزاء.
المديوري يحول الدكتور حسون من الكرة إلى ألعاب القوى
قبل دخول المنتخب المغربي غمار منافسات دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، تمت الاستعانة بالدكتور خالد حسون، حيث قضى مع المنتخبات الوطنية لكرة القدم 12 سنة، وتحديدا من سنة 1982 إلى 1994، أي مباشرة بعد مونديال الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذه السنة سيتم استقطابه من طرف محمد المديوري حين عين رئيسا للجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، وتم تعيين الدكتور خالد طبيبا للمنتخب في الفترة ما بين 1995 و1999، قبل أن يلتحق بوزارة الرياضة والشباب كرئيس لمصلحة الطب الرياضي إلى غاية 2005، حيث قرر الانتقال إلى قطر للإشراف الطبي على المنتخبات السنية، وهو المعبر الذي عبر منه إلى منصب قيادي في مستشفى «أسبيتار» العالمي في مدينة الدوحة.
رافق الدكتور حسون المنتخب المغربي لكرة القدم في كثير من المحطات الكبرى، قاريا وعالميا، على غرار الألعاب الأولمبية في كل من لوس أنجلوس وبرشلونة وأطلانتا ثم سيدني، ناهيك عن مرافقة المنتخب المغربي في مونديالي المكسيك سنة 1986 والولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994. كما شارك في نهائيات كأس أمم إفريقيا منذ دورة 1986 في مصر، ودورة 1988 في المغرب، ودورة السينغال سنة 1992، ثم بوركينا فاصو سنة 1998.
وخلال إشرافه على الجانب الصحي للمنتخب المغربي عرف الدكتور حسون بصرامته، حيث يذكر المتتبعون للشأن الكروي واقعة الحارس سيبوس، الذي انتقل إلى معسكر المنتخب المغربي وهو يحمل شهادة طبية مسلمة من طبيب فريقه أولمبيك خريبكة تعفيه من التداريب مع الفريق الوطني، لكن دخوله ضمن التشكيلة التي واجهت المغرب الفاسي دفعت طبيب المنتخب للطعن في الشهادة الطبية ليفقد الأولمبيك لقب البطولة لموسم 1988/ 1989.
اليوم يمثل خالد الكرة المغربية والطب الرياضي المغربي في أكبر مرفق صحي رياضي، «أسبيتار» حيث يحمل صفة رئيس اللجنة الوطنية القطرية للطب الرياضي، إلى جانب ثمانية أطباء مغاربة من خيرة الأطباء بـ«أسبيتار» ومن القيدومين، يحظون باحترام وتقدير كبيرين.
وفي السياق نفسه، كشف خالد لـ«الأخبار» أن هناك 10 من المدلكين المغاربة وقد أشرفوا على مجموعة من الأبطال العالميين.
تبقى الإشارة إلى أن الدكتور حسون تلقى عرضا للإشراف على الخلية الطبية لمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، لكنه اعتذر لفوزي لقجع بسبب ارتباطه بعقد ساري المفعول.
بلحوز.. طبيب الفتح يصبح معالجا للمنتخب الإماراتي
اعتذر الدكتور محسن بلحوز، طبيب المنتخب الإماراتي المكلف بتطوير المهارات البدنية للاعبين، عن المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا 2013 بجنوب إفريقيا ضمن الطاقم الطبي للمنتخب المغربي، واتصل بلحوز بصديقه رشيد الطوسي وأشعره باستحالة التواجد في جوهانسبورغ في نهائيات «الكان»، نظرا لتزامن الحدث مع دورة كأس الخليج. مع الالتزام بالسفر مع المنتخب الإماراتي إلى الفيتنام في الشهر نفسه في إطار إقصائيات كأس آسيا.
وأكد محسن حينها توصله بمقترح للانضمام إلى تحضيرات المنتخب المغربي قبل السفر إلى جنوب إفريقيا، لكنه لم يمانع قبل أن يكتشف وجود تداخل في المواعد، وأبرز أن مهمته لا تتعارض مع مهام الطاقم الطبي كطبيب المنتخب عبد الرزاق هيفتي أو نبيل البركاوي المكلف بالجانب الفيزيولوجي.
وجاء إلحاح الناخب الوطني على ضم محسن إلى طاقمه بناء على تجربة عاشاها سويا في نادي العين الإماراتي والخليج العربي.
وكان الدكتور محسن بلحوز اشتغل طبيبا رياضيا بفريق الفتح الرباطي، قبل الانضمام إلى العين الذي شغل فيه مهمة طبيب مشرف على تغذية اللاعبين وطاقاتهم البدنية، قبل أن تقوده الأقدار إلى منتخب الشباب والأولمبي ثم الكبار، ليعود إلى نادي العين.
كانت بدايات محسن بلحوز، وهو من مواليد مدينة الرباط، كطبيب منتخبات عصبة الغرب ثم انضم للطاقم الطبي للاتحاد الزموري للخميسات لموسم واحد، وبعدها أصبح طبيبا للجمعية السلاوية لثلاثة مواسم، ومنها مباشرة لفريق الفتح الرباطي وحقق معه الصعود في موسمين.
مسيرته الطبية كانت بمستشفى الرماني، ثم رئيسا للوحدة المتنقلة ببوقنادل، اشتغل مع وزارة الصحة أكثر من 11 سنة، وحين حصل على ديبلوم السلك الثالث من كلية الطب إيفري بفرنسا في التتبع البيولوجي للإعداد البدني غير وجهته.