شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

رب ضارة نافعة

تنطبق مقولة «رب ضارة نافعة» على السياسة المائية ببلادنا، التي تعاني من مظاهر القصور والعجز، بسبب الجفاف وشح الموارد وتقلص حقينة السدود. وأيا كان السبب، سواء أكان انحباسًا مطريًا أو سوء إدارة وحكامة، إلا أنه وجب إعلان درجة التأهب القصوى، والاستعداد الكامل، بكل ما لدينا من إمكانات، في سبيل مواجهة هذه الأزمة، ووضع حلول لها للخروج بأقل الخسائر الممكنة.

ومن باب الإنصاف، فما تحقق من قرارات وتدابير وتحركات في سنةً واحدة فاق ما تحقق في ولايات، حيث لم يكن تأمين الأمن المائي ضمن الأولويات الحكومية كما هو الشأن اليوم.

وما ينبغي على السياسات المتعلقة بالمياه هو أن تخطط لضمان الأمن المائي للمغاربة وسقي فلاحتهم مع نسيان تام لفرضيات التساقطات المطرية والتقلبات المناخية.. فوجود المغرب في منطقة التقلبات المناخية أضحى واقعا لا مفر منه، لذلك فالسياسات العمومية ينبغي أن تتعامل مع خيارات أخرى وكأننا في مناخ صحراوي.

إن ما جنى على السياسات العمومية هو ذلك الاطمئنان إلى التساقطات المطرية المنتظمة، مما نتج عنه كسل رهيب في الإعداد للسيناريو الأسوأ كما نعيشه اليوم، حيث اعتادت البرامج الحكومية على ترحيل القضايا المائية إلى المستوى الثالث من الأولويات الحكومية التي تنشغل بها.

إن حكامة تدبير المياه في هذا الظرف الحساس لا تعني فقط السلطة الحكومية المكلفة بتدبير الماء، لكن تمس أيضا من يستهلك ومن ينتج ومن ينقل ومن يوزع، أي كل الفاعلين الأساسيين، لأنه قطاع مركب ومعقد ويتميز بتعدد المتدخلين المباشرين وغير المباشرين. وهنا نقولها بدون مواربة: لم يعد ممكنا أن نرهن الأمن المائي للمغاربة بمصالح بعض لوبيات الفلاحة التي أصبحت عمليا تصدر الماء عن طريق منتوجات فلاحية تستنزف فرشتنا المائية.

وعلى المنتوجات الفلاحية، التي تعتمد على استهلاك الماء بشكل مبالغ فيه، أن تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة في بلدنا. قد تكون زراعة البطيخ أو الأفوكا أو التوت، أو تمكن بعض كبار الفلاحين من خلق رواج استثماري معين وجلب بعض من العملة الصعبة، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب الأمن المائي والغذائي للسكان. لذلك فالاستمرار في تحويل المغرب إلى حقل كبير لـ «أفوكا» المستنزفة للماء في بلد بدأ يدخل نادي الدول المهددة بالعطش، هو خطأ استراتيجي، ويمكن تعويضها بالزراعات التي تضمن الأمن الغذائي، ولا تتطلب استعمالا كبيرا للمياه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى