شوف تشوف

الرأي

ربيع المهرجانات

تتناسل المهرجانات السينمائية ويتراكم عددها بشكل مثير، وأغلبها اختار فصل الربيع لانطلاق أنشطتها. وحرص المهرجانيون على إدراج فقرة «التكريم» ضمن هذه الأنشطة وتهافتوا على دعوة فنانين من أجل تأثيث المشهد، وتسليمهم هدايا رمزية لا تغني ولا تسمن من جوع.
وتجذرت ظاهرة خروج المهرجانات من المركز إلى المحيط خارج محور الرباط-الدار البيضاء، لتعم البلدات والقرى.
ومن المفارقات أن أغلب هذه المهرجانات تقام في مدن لا تتوفر ولو على قاعة سينمائية واحدة. فما السر وراء هذه «اليقظة» المفاجئة للمكون الجمعوي الذي راهن على السينما بالذات كمحور رئيسي لأنشطته ولم يراهن على فنون أخرى؟، وهل يتعلق الأمر باستيعاب عميق لدور الفن السابع في تنشيط «الدورة الدموية»، للمسألة الثقافية بالمغرب؟، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون رجع الصدى لإجراءات رسمية تم بمقتضاها تشكيل لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية، توصلت في سنتها الأولى بطلبات دعم من 66 مهرجانا سينمائيا دفعة واحدة، وتحول عدم الحصول على الدعم إلى حجة لرفع دعاوى أمام القضاء للطعن في قرارات اللجنة وتوجيه اتهامات إلى وزارة الاتصال والمركز السينمائي المغربي بالمحسوبية والإخوانيات وما شابه. وفي هذا الصدد قام مسؤول عن مهرجان يقام بالرباط برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضد لجنة الدعم، وكذا ضد رئيس الحكومة بصفته المسؤول عن عمل الجهاز التنفيدي، وكذا ضد وزير الاتصال بصفته المسؤول عن تعيين لجنة الدعم، وضد وزير الاقتصاد والمالية كمسؤول عن صرف أموال الدعم، فيما أجابت لجنة الدعم بأنها سيدة قراراتها وملتزمة بالمعايير المنصوص عليها في مرسوم تعيينها وبنفس الطريقة اتهمت مهرجانات السينما الأمازيغية لجنة الدعم بنهجها سياسة الإقصاء والتهميش.
وفي خضم هذا الجدل حول تقسيم كعكة الدعم، غابت الأسئلة الحقيقية حول دور هذه المهرجانات في الإسهام في نهضة سينمائية وطنية، وحول الاستسهال الذي يلجأ إليه البعض حين يطلق صفة «مهرجان» على حدث أو نشاط ثقافي محلي مشابه للأنشطة التي تقام يوميا بدور الشباب. وقد اندلع كل هذا الجدل بعد إعلان لجنة دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية سنة 2013 عن تخصيص مليار و533 سنتيم كدعم، وهو ما فتح شهية بعض «الفاعلين الجمعويين» إلى طبخ مهرجانات محلية على عجل، واستنساخ طريقة عمل مهرجانات قائمة لتدخل في منافسة غير متكافئة مع مهرجانات من قبيل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ومهرجان السينما الإفريقية بخريبكة والمهرجان الدولي للمرأة بسلا، ومهرجان الرباط لسينما المؤلف وغيرها. وهي كلها مواعيد تخلصت على الأقل من الارتجالية واعتمدت نوعا من الاحترافية في التنظيم بغض النظر عن ملابساتها الأخرى.
ويبقى السؤال ملحا: هل يحتاج بلد كالمغرب لا يتوفر سوى على ثلاثين قاعة سينمائية، إلى حوالي 70 مهرجانا سنويا يتهافت على فتات الدعم، أم أن الفن السابع المغربي ما زال في حاجة إلى «كتاب أبيض» جديد يشخص داء واقعه الأسود، عوض التغاضي عن هذه السلوكات والشوائب والنقائص والاحتكام فقط إلى فلسفة «شوف وسكت»؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى