يونس جنوحي
الأرقام المرتبطة بحرب الطرق مفزعة. وهي في الحقيقة أكبر من أرقام فوق الورق، بل هي قصص مآس غيرت حياة عائلات وأنهت أخرى.
تُسجل يوميا مئات حالات حوادث السير داخل المدار الحضري سببها تهور السائقين وعدم احترامهم للقانون. وفي الطريق السيار والطرق الوطنية تُسجل باستمرار حوادث مميتة تُرسل ضحاياها مباشرة إلى مستودع الأموات، أو العناية المركزة في أفضل الحالات.
ورغم كثرة الحملات التحسيسية إلا أن حرب الطرق تبقى مستعرة، وأسبابها ترتبط مباشرة بتهور السائقين وعدم احترام السرعة القانونية، بالإضافة إلى رداءة البنيات التحتية في بعض الطرقات.
أغلب الحملات التحسيسية في المغرب تربط بين السرعة والحوادث. والحقيقة أن بعض التجارب العلمية أكدت أن السرعة وحدها ليست سببا في ارتفاع حوادث السير على اعتبار أن درجة الانتباه والحالة الميكانيكية للسيارة، هما المعياران الأساسيان لتجنب ارتكاب الحوادث المميتة المتعلقة بالسرعة.
جولة في طرقات المملكة، كافية جدا للوقوف على حالة المركبات التي تتجول في الطرق السيارة والطرق الوطنية والجهوية وحتى المؤقتة.
هناك مركبات تستصدر شهادة الفحص التقني وتجتاز الاختبارات بنجاح رغم أن حالتها الميكانيكية متدهورة.
سيارات كان يجب أن تُرسل إلى المحجز الجماعي، تتجول في الشوارع وتعرض حياة ركابها وحياة الراجلين والسائقين الآخرين للخطر.
لا يمكن مثلا لمركبة لا تتوفر فيها معايير السلامة ولاحزام السلامة أن تُقلل من فرص الإصابة في حوادث السير.
في مدونة السير التي صدرت سنة 2007 والتي رافقتها احتجاجات وسط مهنيي النقل وقتها، ووصل الأمر حد خوض النقابات لإضراب وطني شل البلاد، كانت هناك بنود تُجبر سائقي سيارات الأجرة بمختلف أصنافها على وضع حزام السلامة، بالنسبة للسائق وبقية الركاب، وتمت محاربة هذا البند ورفعت مطالب بضرورة إزالته، وفعلا تم الرضوخ لهذا المطلب. والنتيجة أن ركاب سيارات الأجرة، خصوصا الصنف الكبير الذي يربط بين المدن، يتعرضون لرضوض خطيرة بسبب عدم وضع الركاب لحزام السلامة.
نفس الأمر ينطبق على الحافلات، إذ كانت مدونة السير تنص على ضرورة وإجبارية وضع كل الركاب لحزام السلامة، لكن شركات النقل العمومي خاضت حربا ضروسا ضد هذا القانون، رغم أن جل أساطيل الحافلات التي صُنعت خلال السنوات الأخيرة تأتي مزودة بحزام السلامة في كل المقاعد التي يتجاوز عددها خمسين مقعدا. ورغم ذلك لا تراقب الشركات احترام الركاب للقانون. وفي النهاية تُسجل إصابات جسيمة في صفوف ركاب الحافلات بمجرد اصطدامها مع مركبة أخرى أو خروجها عن المسار.
مشكل حرب الطرق في المغرب يتعلق بأسباب مُركبة يختلط فيها المادي مع الموضوعي. ومآسي المغاربة مع الطرق لا يمكن أن تتوقف إلا إذا كان هناك وعي جماعي بشأن خطورة الإفراط في السرعة وعدم مراقبة احترام المركبات لمعايير السلامة.
رغم أن الدولة وضعت رادارات السرعة في كل مكان، بما فيها أسطول الرادارات المتطورة التي ترصد مخالفات التجاوز المعيب في الاتجاهين وعدم احترام السرعة القانونية والتحدث في الهاتف أثناء السياقة وغيرها من الممارسات القاتلة يوميا في الطرق، إلا أن حصيلة حوادث السير لا تزال مقلقة في المغرب، رغم صدور تقارير في السنوات الأخيرة تؤكد تسجيل تراجع في الحوادث في بعض النقط التي كانت تعتبر بؤرة سوداء.
يوميا تُغير حرب الطرق حياة المغاربة وتتسبب في تشريد أسر وتدمير حياة مواطنين لم يتصوروا يوما أنهم سوف يقضون ما تبقى من حياتهم فوق كرسي بالعجلات. والسبب سائق متهور ومركبة تسير فوق الطرقات بنظام مكابح يعود إلى العصر الوسيط. أما الحوادث فلن تتوقف حتى لو ركبنا رادارا فوق كل مواطن ما دامت العقليات لا تتقبل إجبارية احترام القانون.