لعل أكبر مجال يجب أن “تسلط” عليه أضواء الرقابة هو مجال الصفقات العمومية، ففي تفاصيله تختفي كل أنواع الشياطين. ومن أغرب الصفقات التي رأيتها مؤخرا واحدة أنجزتها شركة لصالح وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق تتعلق بـ”جعبة” خاصة بالعلم الوطني مغروسة أمام باب مسرح محمد السادس بغلاف مالي وصل إلى 118 مليونا. “وخا تكون هاد الجعبة مطلية بالذهب”.
وإذا كان هذا يحدث في وكالة منسية لا أحد يتحدث عنها غير تقرير يتيم للمجلس الأعلى للحسابات، فلنا أن نتخيل حجم الصفقات التي تعقد وتحل داخل دهاليز الوزارات.
في كل الحكومات عندما يتم اختيار وزير وتعيينه في قطاع معين فإنه يحيط نفسه بمستشارين واختصاصيين يعهد إليهم بالملفات التي تمس قطاعه للاشتغال عليها من داخل الوزارة، لكن يبدو أن هناك وزراء يفضلون تفويت اختصاصاتهم للشركات ومكاتب الدراسات لكي تنوب عنهم في إنجاز العمل الذي جيء بهم أصلا من أجله.
ويبدو أن ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ماضية في تحطيم الرقم القياسي في هذا المجال، فقد فوتت جل الاختصاصات الموكولة لها للشركات الخاصة ومكاتب الدراسات، من خلال تفويت صفقات بملايين الدراهم لإنجاز بعض المهام التي يمكن القيام بها من طرف أُطر الوزارة، حيث فوتت صفقات لمكاتب دراسات دولية، من أجل تنظيم حملات تحسيسية وتواصلية، وإنجاز دراسات لفائدة القطاعات التي تشرف عليها، من قبيل دراسات حول مخطط الساحل، ودراسة لأجل إعداد استراتيجيات تخص القطاعات التي تشرف عليها.
فقد فوتت صفقة لإعادة صياغة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة لحساب مديرية الرصد والدراسات والتخطيط لقطاع التنمية المستدامة التابع للوزارة، وتبلغ قيمة هذه الصفقة مبلغ 684 مليون سنتيم، فاز بها الفرع الفرنسي لمكتب الدراسات البريطاني PWCA.
وفوتت صفقة بمبلغ 48 مليون سنتيم لمكتب دراسات لإنجاز دراسة إعداد المخطط الجهوي للمناخ لجهة الداخلة وادي الذهب، لحساب مديرية التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر التابعة لقطاع التنمية المستدامة، كما فاز نفس مكتب الدراسات بصفقة لإنجاز المخطط الجهوي للساحل بجهة كلميم واد نون بمبلغ 51 مليون سنتيم، فيما فاز مكتب دراسات آخر بصفقة إعداد المخطط الجهوي للساحل بجهة الداخلة وادي الذهب بمبلغ 45 مليون سنتيم.
وقامت بتفويت صفقة التواصل لشركة يوجد على رأسها مواطن أجنبي، بمبلغ قدره 300 مليون سنتيم، حيث أصبح صاحب الشركة يرافق الوزيرة مثل ظلها في جميع الأنشطة والسفريات التي تمول من خزينة المال العام، كما استفادت شركة محظوظة من صفقة بمبلغ يقارب 360 مليون سنتيم لإنجاز حملة إعلامية تحسيسية لفائدة مديرية الشراكة والتواصل والتعاون لقطاع التنمية المستدامة، وفي نفس يوم تفويت هذه الصفقة، فوتت صفقة مماثلة لشركة أخرى بمبلغ 226 مليون سنتيم، من أجل نشر وطبع مدعمات الإعلام والتحسيس حول البيئة لفائدة مديرية الشراكة والتواصل والتعاون لقطاع التنمية المستدامة.
وفوتت صفقة بمبلغ 53 مليون سنتيم تتعلق بإعداد قاعدة بيانات لتطوير أربعة حسابات بيئية على المستوى الوطني في إطار مشروع “التعاون الإقليمي للمؤشرات الجديدة للمحاسبة الخاصة بالنظام الإيكولوجي في إفريقيا” (COPERNICEA) لفائدة مديرية الرصد والدراسات والتخطيط بقطاع التنمية المستدامة التابع لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
يحدث كل هذا السخاء المالي للوزيرة مع مكاتب الدراسات علما أن الوزارة تتوفر على عدة دراسات تم إنجازها في عهد الوزراء السابقين مازالت في الرفوف بدون تفعيل، رغم أنها كلفت الملايين من خزينة المال العام، من قبيل مشروع قانون بمثابة مدونة للبيئة الذي أنجزه مكتب للدراسات لفائدة مديرية المراقبة والتقييم البيئي والشؤون القانونية بقطاع التنمية المستدامة، وكلفت هذه الصفقة مبلغ 169 مليون سنتيم، ومازالت المدونة موضوعة برفوف الوزارة ولم تخرج إلى حيّز الوجود، في حين تصرف الوزيرة مبالغ مالية كبيرة في إنجاز دراسات لها علاقة بالموضوع.
كما أعلنت الوزيرة عن صفقة لوضع وتدبير نظام التتبع والوسم من أجل مراقبة جودة المواد البترولية، علما أن الوزارة تتوفر على مختبرات تابعة لها، كما أنها تتماطل في إخراج المراسيم والنصوص التطبيقية لقانون استيراد مواد الهيدروكاربور والتكفل بتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها، وهو القانون الذي صادق عليه البرلمان منذ سنة 2015، وكانت الحكومة السابقة قد أحالت مرسوما يتعلق بتطبيق هذا القانون، على الأمانة العامة للحكومة، يهدف إلى تشديد مراقبة جودة المحروقات وكذلك شروط تخزينها ونقلها وتوزيعها.
ويبدو أن الدراسات التي تعدها المكاتب لصالح الوزارات لديها فترة صلاحية مثلها مثل علب السردين، وكلما ذهب وزير وجاء خلفه إلا وتخلص من الدراسات “بيريمي” التي “تغمل” في الرفوف واستبدلها بأخرى “فريشك” لا تفوح منها رائحة “الكمامبير”.
شكرا أخي لاثارة هذا الموضوع والذي يدل عن غيرتك على القطاع بشكل خاص والمدينة بشكل عام.
اسمحوا لي أن أشير أيضا الى ما يلي:
منذ مجيئ شركة مكومار الى مدينة تطوان وحلولها محل شركة تيكميد بمنطقة الأزهر والمشاكل تتوالى…الاحتقان داخل القطاع لا ينتهي …فتارة تستعمل الشركة العمال ورقة ضد السلطة والجماعة من أجل تسديد المتأخرات الخاصة بها…وتارة أخرى من أجل الظفر والموافقة على ملاحقها (الزيادة في ثمن الصفقة )… وتارة أخرى لأن الشركة لا تتوفر على السيولة من أجل سداد الأجور وتارة لأن الشركة لا توفر أدوات وملابس العمل للعمال وتارة لعدم وجود مادة الغازوال نظرا لتوقف المورد عن التوريد نتيجة عدم سداد الشركة للفواتير المتأخرة …..فمن يكذب يرجع فقط الى عدد الوقفات والإضرابات والمقالات والاجتماعات بهذا الخصوص و و و
الغريب في الأمر أن المسؤولين داخل المدينة قد داقوا الويلات من هذه الشركة لدرجة أنهم عبروا و في مناسبات كثيرة عن سخطهم وتذمرهم من الشركة حيث وصفوها بأبشع الاوصاف ونعثوها بأبشع النعوث الى درجة أننا سمعناهم يرددون في مرات متكررة ” والله الى ضربوا فيها الضربة ” يعني الظفر بالصفقة مرة أخرى…تعالت أصوات المسؤولين وفي مناسبات متعددة وهي تتشدق بالقول:”الشركة لا تتوفر على مدير عام “مقد” وإدارة “مقدة”ووو….
كنا صراحة ننطلع للتغيير…ننتظر تنفيذ المسؤولين لوعودهم والبحث على شركة جديدة بمواصفات جديدة وإدارة جديدة وأشخاص جدد وكذا العمل على خفظ تكلفة قطاع النظافة والذي تضاعف بشكل كبير مرورا من شركة تيكميد وانتهاء بشركتي سيطا ومكومار وبالتالى ترشيد النفقات والمحافظة على المال العام خاصة في ظل الأزمة التي يمر منها العالم أجمع و لازلنا كذلك نعيش ما نعيشه جراء تبعات وباء كوفيد 19… لنتفاجئ في الأخير بالرفع من ثمن صفقة النظافة من 7.5 مليار ( شركتي سيطا ومكومار) الى تقريبا 10 مليار ( لشركة واحدة) وكذا ظفر نفس شركة عنوان الاحتقان بالصفقة للمرة الثانية…
ومن غريب الصدف أيضا أن شركة الاحتقان تظفر بالصفقة خلال شهر أكتوبر 2022 وتعاد الصفقة مرة ثانية لتظفر شركة الاحتقان بالصفقة مرة أخرى في شهر دجنبر 2022 علما أن ترتيبها كان الخامس في المرة الأولى والثاني في المرة الثانية وعلما أيضا أن الشركة الأقل ثمنا كانت هي شركة أزون خلال المناسبتين الأولى و الثانية والتي تم فيهما إعادة الصفقة وللأمانة فقد احترمت شركة أزون الميزانية المخصصة للصفقة والتي عبر عنها المسؤولون عن القطاع مرات ومرات وفي مناسبات عدة بقولهم ” لن نتجاوز ثمن الصفقة الحالي أي 7.5 مليار درهم” هذا الكلام ضرب به عرض الحائط و تم تنحية الشركة الفائزة (أزون) تحت ذرائع و مسميات مختلفة و تخويف العمال من بطش الشركة و و و ..
ان المتتبع الفيور على هذا القطاع وفي ظل الخروقات القانونية التي شابت صفقة النظافة والكلام على تلقي رشاوى بمبالغ كبيرة من أجل تسهيل ظفر شركة مكومار بصفقة النظافة وتبجح شركات التدبير المفوض بتوفرها على الأيادي الطويلة بالإدارة المركزية والتي تسهل لها استغلال المال العام…
وتزامنا مع وجود نساء ورجال نزهاء في هذا البلد السعيد واللذين لا يخافون في الله لومة لائم تحت القيادة الرشيدة لملكنا الهمام أطال الله في عمره.
من مثيل السيد الوزير لفتيت ابن الحمامة البيضاء و السيدة الفاضلة العدوي والسيد الفاضل مولاي الحسن الداكي والآئحة طويلة.. وتزامنا أيضا مع فتح ملفات الفساد والافساد وتبديد المال العام… أدعو من هذا المنبر:
الى تعميق البحث في الخروقات القانونية التي شابت صفقة النظافة الحالية وكذا ارسال لجنة لتقصي الحقائق والتدقيق في حسابات الشركة خاصة فيما بتنا نسمعه بإدلاء الشركة لفواتير أنشطة واستثمارات غير منجزين بتوطئة وتسهيل.
بل و بمشاركة مسؤولين فاسدين!!!
إننا على يقين بأن هناك رقابا قد أينعت وقد آن الأوان لقطافها..
وأن غذا لناظره لقريب