حسن البصري
حين عاد جهيد زفيزف، رئيس اتحاد كرة القدم الجزائري، من مؤتمر الكونفدرالية الإفريقية، يجر أذيال الخيبة، بعد خسارته في انتخابات أعضاء «الكاف» أمام حكم ليبي. نصحه حكام الجزائر بترك الجمل بما حمل وما لم يحمل، فسارع إلى إعلان استقالته واختار السفر بعيدا عن صراع الخلافة في منتجع لا تصله نسائم الكرة.
حاول «غرارين عيشة» منع الرئيس من الاستقالة، وقالوا له ستتركنا يتامى وسنحاكم بتهمة «الاتجار في الوهم بالتقسيط»، وبعد جهد جهيد أقنع الحكام جهيد بالاستقالة على مضض.
في مثل هذه الحالات تدعو وزارة الرياضة إلى جمع عام استثنائي، وتعين لجنة مؤقتة لتدبير الوضعية، وتشرع في استقبال طلبات الترشيح، وفي أقل من شهر يشرع رئيس جديد في عملية إحماء، وبعد التأكد من لياقته الفكرية، ينتخب بالإجماع رئيسا وفق لائحة رسمية، وأخرى على رأسها أرنب سباق.
لكن في الجزائر تقرر منح فترة زمنية من شهرين لتنظيم انتخابات رئاسة اتحاد الكرة، علما أن المدة مرشحة للتمديد، سيما أن صلاحية رؤساء الاتحادات في الجارة الشرقية كالمعلبات الغذائية لا تتجاوز صلاحيتها الزمنية عاما واحدا، على غرار الرئيسين السابقين شرف الدين عمارة، وجهيد زفيزف.
وضعت لجنة الترشيح شروطا صارمة للجلوس على كرسي رئاسة اتحاد كرة القدم في هذا البلد، أول الشروط الجنسية الجزائرية، مع تساهل في السوابق الزجرية، حيث اشترطت اللجنة عدم تعرض المرشح لعقوبة طويلة الأمد من قبل الاتحاد الجزائري لكرة القدم. ولأن لجنة الترشيح كانت تبحث عن نسخة طبق الأصل من «لقجع»، فقد أضافت شرطا لا علاقة له بالديمقراطية، حين أصرت على أن يكون المرشح حاصلا على منصب سامي في القطاع العمومي أو الخاص، مع شرط «احترام المسؤولين»، والإقامة بصفة دائمة في الجزائر، ربما يقصدون الجزائر العاصمة.
بالرغم من حرص لجنة الترشيحات على التدقيق في الشروط، حتى لا يتسلل للجهاز الوصي على الكرة شخص غير مرغوب فيه، إلا أن الترشيحات الأولى دفعت اللجنة إلى التفكير في تعزيز شروطها، خاصة وأن أحد المرشحين سبق له أن درب عددا من الفرق المغربية، وأقام لسنوات في المغرب. والثاني متزوج من مغربية، ويقيم بين المحمدية والجزائر.
حاول المدرب مزيان إيغيل جس نبض اللجنة الساهرة على تدقيق الترشيحات، وأسر لمقربيه أنه يملك من التجربة ما تمكنه من تسيير مبنى «جامعة» الجزائر، وبدأ رسميا في اتصالاته مع بعض الفاعلين لتدعيمه، بل إنه شرع في صياغة مشروع استلهمه من التجربة المغربية، والذي سيعرضه في الجمع العام، إذا نال ترشيحه الضوء الأخضر من الحكام، الذين يملكون في جيب سترتهم قائمة لبعض الشخصيات التي قد تنتظر الوقت بدل الضائع للترشيح.
وفي السياق نفسه، قال أحد المقربين من الاتحاد الجزائري لكرة القدم إن عبد الكريم مدوار، رئيس الرابطة الاحترافية، بصدد مراقبة السباق لدخول معترك انتخابات «الفاف»، وهو حاليا في مرحلة إحماء، خاصة أنه يملك تجربة في المحيط الكروي، حيث يعتبر عميد الرؤساء، إذ إنه يتواجد منذ سنة 1988، وله دراية بشؤون الكرة ودواليبها، لكن ارتباطه بفضالة وتردده على ملحق الأسرة فيها، قد يغضب «شرطة الانتخابات»، سيما وأن مدوار تربطه علاقات متينة بالمحيط الكروي المغربي، وكان ينظم معسكرات فريقه أولمبيك الشلف في المغرب.
هناك مرشح ثالث هو اللاعب السابق يحيى عنتر، الذي وعد برفع سيفه في وجه العابثين بالكرة الجزائرية، وكل من سعى إلى خلط الكرة بالسياسة.
طبعا المغرب يتابع الوضع الكروي في الجزائر، ويمني النفس بتطبيع العلاقات الرياضية بين البلدين، حتى تصلح الكرة ما أفسده عطار السياسة.