كريم أمزيان
على الرغم من تبرّئه منه، تحدّى أحمد النعّاس، النعيم ميارة، الكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وأقحم الذراع النقابية لحزب الاستقلال، في صراعات عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.
وأفادت المصادر بأن عبد المولى خصص حوالي 40 مليون سنتيم، من أموال المنخرطين للدعم المالي واللوجيستيكي لوقفة أول أمس (الاثنين) أمام مقر جريدة «الأخبار». وشارك فيها النعّاس الذي قررت الكتابة العامة لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إيقافه عن ممارسة أي مهام باسم النقابة، واضعا قبعة تحمل شارة النقابة، بالإضافة إلى لافتات تحمل رمز النقابة، حملها مستخدمون موالون له.
وبينما لم يمتثل النعاس، الذي جرى إيقافه بصفته كاتب نقابة موظفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لقرار كاتبها العام، الذي أصدر بيانا في الموضوع يوم الجمعة الماضي، أفادت مصادر مطلعة بأن لجنة التأديب والتحكيم ستعرض ملفه صباح الأربعاء، معززا بالصور التي ظهر فيها في الوقفة مشاركا باسم النقابة، التي أكد كاتبها العام أنها مركزية نقابية ليست طرفا في صراعات أو مشاكل تهم التعاضدية لا معها ولا ضدها.
وتشير المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، إلى أن أحمد النعاس مستخدم من الرشيدية جرى توظيفه سنة 2009 في فترة محمد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وبمجرد انتخاب عبد المولى عبد المومني رئيسا جديدا في يوليوز من السنة ذاتها، ألغى جميع التوظيفات التي نظمتها التعاضدية في الأيام الأخيرة لولاية الفراع، بهدف توسيع قاعدة المناديب لدعمه، ومنها النعّاس، الذي جرى توظيفه بعدما كان أخوه مندوبا بالجمع العام ممثلا لقطاع التعليم العالي. وبعد انتخاب عبد المولى ألغى جميع التوظيفات الأخيرة، قبل أن ينظم مباراة عاد بعدها النعّاس. ومباشرة بعد ذلك، تم تعيينه منذ يناير الماضي، مندوبا جهويا بالدار البيضاء، بتعويض عن المسؤولية قدره ألفا درهم، رغم أن المصادر تشير إلى أنه لا يتردد قط على هذه الوحدة الإدارية، قبل أن يتقدم بطلب تسوية وضعيته الإدارية وطلب الترقية من السلم 5 إلى السلم 11، (تتوفر «الأخبار» على نسخة منه)، بعد حصوله على ماستر في البيئة لا علاقة له بمجال تخصص تعاضدية الموظفين. هذا واستعمل عبد المولى عبد المومني شعار نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهي التي نددت بعدد من خروقاته في العديد من بلاغات مكتبها التنفيذي وصلت خلال 2018، ثمانية بلاغات، وأصدر نائب كاتبها العام وعضو المكتب التنفيذي لـ«كدش»، توضيحا في شأن رمز النقابة «المزور» المستعمل، ونفى وجود أي علاقة لنقابته بهذه اللافتة وتبرأ من أي مشاركة للنقابة. واستغل عبد المومني رمزي نقابتي المنظمة الديمقراطية للشغل والكونفدرالية العامة للشغل غير الممثلتين بالتعاضدية العامة للموظفين، من أجل تأثيث المشهد، والأمر نفسه بالنسبة إلى نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
إلى ذلك، علم أن المستخدمين الذين رفضوا تلبية دعوة عبد المولى للاحتجاج أمام مقر «الأخبار»، التحقوا صباحا بمقرات عملهم فرفض حراس الأمن الخاص تمكينهم من ولوج مكاتبهم وأخبروهم أنها تعليمات من الشركة المكلفة ومن رئيس التعاضدية العامة، ما دفعهم إلى اللجوء إلى مفتش الشغل بالرباط، لتسجيل شكايتهم حول منعهم من أداء عملهم وخدمة المنخرطين، خصوصا المرضى، ومنهم القاطنون بمناطق بعيدة والمصابون بأمراض خطيرة كالسرطان، وأولئك الذين يخضعون لحصص تصفية الدم، ويحتاجون وضع ملفاتهم من أجل تسويتها سريعا، غير أن هؤلاء المستخدمين لم يتمكنوا من وضع شكاياتهم التي تفرض التوفر على محضر عون قضائي، في الوقت الذي وجب على المفتشيات التابعة لوزارة الشغل، أن تجري عملية مسح لكل المرافق التي تم تعطيلها وإحصاء الخسائر المادية والمعنوية التي تسبب فيها عبد المولى، بعدما عطّل مرافق عمومية خاضعة لوصاية ومراقبة وزارة الشغل وفق ظهير التعاضد الصادر بتاريخ 12 نونبر 1963.
وعلمت «الأخبار» أن عبد المولى عبد المومني وعد المضربين عن العمل، الذين كان من بينهم مستخدمات هن كاتبات بالتعاضدية تابعات لشركة، بالرفع من منحهم السنوية وعدم الاقتطاع من أجورهم الشهرية يوم الاحتجاج، ضدا على المرسوم الوزاري المتعلق بالاقتطاع من الأجور أيام الإضراب والتغيب بدون مبرر، وسط مطالب إلى محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهْني، ومحمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، الموكول لهما مراقبتها قانونيا وماليا، قصد التدخل لتطبيق القانون، ووقف أداء أجور مستخدمين على أيام بدون عمل، وإحصاء خسائر أخرى تتعلق بمداخيل عيادات الأسنان والفحوص الطبية وبيع النظارات وتحصيل متأخرات المنخرطين المتقاعدين الراغبين في تسوية أوضاعهم المالية، بالإضافة إلى الضرر المادي الذي تعرض له المنخرطون الوافدون على مقرات معطلة لمؤسسة اجتماعية يساهمون فيها باشتراكاتهم في إطار تضامني لمواجهة أخطار الأمراض. وكل ذلك يجسد، بحسب مراقبين، ما ورد في خطاب العرش للسنة الماضية، حينما قال الملك: «لقد أبانت الأحداث، التي تعرفها بعض المناطق، مع الأسف، عن انعدام غير مسبوق لروح المسؤولية. فعوض أن يقوم كل طرف بواجبه الوطني والمهني، ويسود التعاون وتضافر الجهود، لحل مشاكل الساكنة، انزلق الوضع بين مختلف الفاعلين، إلى تقاذف المسؤولية، وحضرت الحسابات السياسية الضيقة، وغاب الوطن، وضاعت مصالح المواطنين».