شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

رئيس الجزائر لا يتوفر إلا على الشهادة الابتدائية وهكذا دُبرت حملته الانتخابية

يونس جنوحي

أغلب الجزائريين اليوم ليس لديهم أي معطيات عن كواليس تدبير المرحلة التي ارتُكبت فيها جرائم في حق الشعب بيد الجنرالات الكبار في البلاد. ولا يعرفون أيضا أي معطيات عن الطريقة التي طُويت بها تلك المرحلة الدموية وكيف تحول الجنرالات إلى التركيز على نهب عائدات تصدير النفط والغاز ليتركوا للجالس في منصب رئيس الجمهورية الصراع مع ورطة تبرير مشاكل البلاد لشرائح عريضة من أبناء الشعب.

يتحدث هشام عبود، في الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب، عن حقائق صادمة بخصوص الرئيس اليامين أو «اليمين» زروال. لا يهم كيف كان يكتب الجزائريون اسم رئيسهم، ما دام أن الجنرالات حجبوا عنهم عشرات الحقائق بخصوصه.

 

رئيس بدون حقيبة

عندما دعم الجنرالات وصول زروال إلى السلطة، كانوا قد صنعوا له منصبا على المقاس حتى لا يكون مزعجا. يقول هشام عبود إنه رغم محاولات الجنرال محمد بتشين المتكررة لاستعمال زروال وتحقيق بعض النقط لصالحه حتى يشكل معه فريقا ضد أعضاء المافيا الآخرين، إلا أن تلك المحاولات كلها باءت بالفشل، وظهر أن الجنرال بتشين لم يعد يقوى، بعد سنة 1995، على مواجهة الجنرال نزار ومن معه.

المثير للسخرية أن منافسي زروال خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، والذين تفوق عليهم منذ الجولة الأولى للرئاسيات حيث حصد أغلب الأصوات، كانوا يتوفرون على شواهد عليا وكلهم أنهوا دراساتهم الجامعية ولديهم مسار أكاديمي حافل. لكن الجنرالات لم يكونوا يريدون سياسيين من هذا النوع، بل كانوا يريدون «زروال» شخصيا.

يقول هشام عبود أيضا إن زروال لم يكمل الدراسة وتوقف عند بلوغه مرحلة التعليم الإعدادي. أي أن الشهادة الوحيدة التي يتوفر عليها هي شهادة التعليم الأولي.

وهذا الأمر خلق مشكلا كبيرا للرئيس زروال، إذ لم يكن يقوى أبدا على الدخول في نقاشات خلال الحملة الانتخابية، بل إن ظهوره في التلفزيون لأول مرة كان مرهقا جدا، ليقرر الجنرالات في الأخير أن يتولى كوماندان عسكري مهمة الإشراف على الحملة الانتخابية لزروال. ويتعلق الأمر بالكوماندان بن مرابط.

من يكون إذن هذا الكوماندان؟ عندما نشر هشام عبود اسمه في هذا الكتاب، لم يكن ليتعرف عليه المتابعون والمعنيون بالموضوع، لولا أن عبود تدارك الأمر وشرح أن الكوماندان كان معروفا باسم «عمر»، في أوساط العسكريين والصحافيين خلال مرحلة إشرافه على الحملة الانتخابية للرئيس زروال، كما سبق له أن كان مدير ديوان الجنرال إسماعيل، أحد أبرز أعضاء المافيا.

يحكي هشام عبود عن شخصية الرئيس زروال: «خلال اجتماعاته القليلة والنادرة، كان يكتفي بالحديث عن العموميات ويستعمل أثناء حديثه لغة الخشب. وقد اقتبس منه الجزائريون هذه الجملة المثيرة للسخرية:

-المرشحون الآخرون ليس لديهم برنامج انتخابي. أنا الوحيد الذي أتوفر على برنامج».

لكن هل كان يكفي دعم زروال إعلاميا لكي يضمن الجنرالات أنه سوف يصبح رئيسا للبلاد؟

كان الأمر يتطلب مجهودا آخر، بلغ حد تصفية معارضي توجه الجنرالات. تم إغراق المعارضة السياسية بالانتهازيين، وسجلت انخراطات في صفوف التيار الديموقراطي الجزائري، واتضح في الأخير أن أغلب الذين توافدوا على الحزب كانوا في الحقيقة مخبرين للمخابرات العسكرية، أغرقوا الحزب في فترة وجيزة، بقعر بئر من الفساد والاختلاسات. وهو ما جعل الجزائريين ينفرون منهم.

عندما اغتيل عبد الحق بن حمودة، وهو أحد النقابيين البارزين، وسوف نأتي إلى قصته بالتفصيل، تم إلصاق التهمة بالإسلاميين. يقول هشام عبود إن الجنرالات كانوا وراء عملية الاغتيال لإخماد الأصوات التي تعارض توجهات سياسة الجنرالات. لم يكن الجنرالات يريدون أن يواجه الرئيس زروال معارضة شرسة، لذلك عُبدت الطريق أمامه وكأنه سوف يبقى رئيسا للجزائر لقرن من الزمن. ماذا وقع إذن حتى اهتزت الأرض من تحته بعد أقل من ثلاث سنوات فقط في السلطة؟ فمنذ سنة 1998، وزروال يتأرجح وبدا واضحا أنه لن يصمد طويلا فوق الكرسي، ليأتي بوتفليقة هذه المرة، ليس لمنصب مستشار كما كان مقترحا من قبل، ولكن ليصبح رئيسا للبلاد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى