شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

رئاسة النيابة العامة تتفاعل مع إدارة السجون في موضوع الاكتظاظ

التطور النوعي للجريمة وارتفاع حالات العود ساهما في ارتفاع حالات الاعتقال

النعمان اليعلاوي

مقالات ذات صلة

أعلنت رئاسة النيابة العامة، أنها تشاطر المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، قلقها بشأن وضعية المؤسسات السجنية، وفق ما جاء في بلاغها، “لما لذلك من انعكاس سلبي على ظروف إقامة ساكنتها، وعلى حسن تدبيرها”، مشيدة بكل الجهود «التي تبذلها المندوبية بغاية تجويد ظروف إيواء هذه الساكنة بكل حمولاتها، وحسن تدبير المؤسسات السجنية ومختلف المبادرات الجيدة الرامية إلى إعادة إدماج السجناء”، تفاعلا مع البلاغ الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بتاريخ 07 غشت الجاري، والذي أثار وضعية المؤسسات السجنية من خلال ارتفاع عدد الساكنة بها، وما ترتب عنه من اكتظاظ نتيجة تزايد وتيرة الاعتقال، مع ما قد ينجم عن ذلك من اختلالات وآثار سلبية، وفق ما تضمنه البلاغ.

وسجلت رئاسة النيابة العامة أن التطور النوعي الذي عرفته مظاهر الجريمة في السنوات الأخيرة، سواء من حيث خطورة الأفعال المرتكبة، أو الوسائل المستعملة فيها، أو طبيعة الأشخاص الذين يقترفونها، سيما الذين يوجدون في حالات العود، وما لذلك من انعكاس على طمأنينة وسكينة المواطن والمجتمع، «فرض على كل الجهات الساهرة على إنفاذ القانون، التصدي لكافة هذه المظاهر، بهدف الحفاظ على أمن وسلامة الأشخاص وحماية ممتلكاتهم».

وفي هذا السياق، أوضحت النيابة العامة أن المصالح الأمنية والشرطة القضائية بكل أصنافها بذلت وما زالت تبذل جهودا مضنية لمواجهة كل الخارجين عن القانون، وضبطهم وإحالتهم على النيابات العامة المختصة، حيث بلغ عددهم خلال النصف الأول من السنة الجارية حوالي 309259 شخصا، أغلبهم من أجل الاتجار في المخدرات، وشغب الملاعب المرتبط بالتظاهرات الرياضية، وجرائم الأموال والجرائم المالية التي تندرج في إطار مواجهة الفساد المالي والاعتداء على الأشخاص، سواء في إطار عصابات إجرامية أو السرقات الموصوفة أو غيرها من الجرائم الخطيرة.

وأسفرت المجهودات الجبارة التي قامت بها مصالح الشرطة القضائية بكل أصنافها في إطار إسهامها في عدم الإفلات من العقاب وتطويق الفارين من العدالة، حسب المصدر ذاته، عن إيقاف حوالي 162545 شخصا كانوا موضوع برقيات بحث على الصعيد الوطني، خلال النصف الأول من سنة 2023، تمت إحالتهم على النيابات العامة المختصة من أجل اتخاذ الإجراء القانوني المناسب في حقهم، حسب معطيات رئاسة النيابة العامة، التي أشارت إلى أنها حرصت على تنفيذ الأحكام الباتة القاضية بعقوبات سالبة للحرية الصادرة في مواجهة المحكومين في حالة سراح، حيث تفاعلا مع ذلك بذلت مصالح الشرطة القضائية مجهودات متميزة في سبيل ضبط هؤلاء المحكوم عليهم وإيداعهم بالمؤسسات السجنية المعنية. كما تم كذلك، حسب رئاسة النيابة العامة، إيداع مجموعة من الأشخاص الصادرة في مواجهتهم أوامر بالإكراه البدني السجن، بعدما تخلفوا عن أداء الغرامات المالية، أو الديون العمومية أو الخصوصية المتخلدة في ذمتهم وفق ما يفرضه القانون، ودن شك فإن كل هذه العوامل ساهمت في ارتفاع عدد ساكنة المؤسسات السجنية.

وتابع البلاغ، أنه «انسجاما مع هذا التوجه، ووعيا من النيابات العامة بضرورة عقلنة تدبير الاعتقال، فقد دأبت على عدم اللجوء إلى إعماله إلا عند الضرورة، وهو ما تعكسه نسبة الاعتقال التي لم تتجاوز 24 في المائة من بين المقدمين أمامها والبالغ عددهم (309259)، خلال النصف الأول من هذه السنة، وهي نسبة تبقى «جد معقولة» مقارنة مع النسب المرتفعة المسجلة لدى بعض الدول الأخرى». وعرف عدد المعتقلين احتياطيا بالمؤسسات السجنية، إلى غاية شهر يوليوز من هذه السنة انخفاضا، حيث بلغ حوالي 39 في المائة مقابل 40 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية. وعلى عكس النسب المسجلة خلال السنوات المنصرمة الممتدة من سنة 2010 التي تراوحت ما بين 38 في المائة و47 في المائة، إذ بلغت هذه النسبة على سبيل المثال سنة 2010 ما يناهز 43 في المائة وخلال سنة 2011 حوالي 47 في المائة، مما يوحي بأن تدبير الاعتقال يتماشى مع تطور الجريمة صعودا أو نزولا منذ أمد بعيد.

وأوضح المصدر ذاته أنه «إذا كانت هذه النسب المسجلة بشأن معدلات الاعتقال الاحتياطي لا ترقى إلى طموح رئاسة النيابة العامة، رغم الجهود المبذولة في هذا الإطار، فإنها تبقى مقبولة مقارنة مع نسب الاعتقال الاحتياطي المسجلة في بعض دول الاتحاد الأوروبي، بحسب الأرقام التي نشرها مجلس أوروبا خلال سنة 2022، كما هو الحال بالنسبة إلى هولندا 45،2 في المائة، وبلجيكا 38،4 في المائة، وفرنسا 28،5 في المائة، وإيطاليا 31،5 في المائة، والدانمارك 41،3 في المائة، واللكسومبورغ 43،3 في المائة. مسجلة أنه على الرغم من انخفاض نسبة الاعتقال خلال النصف الأول من هذه السنة، والجهود المبذولة من طرف النيابات العامة بشأن ترشيد الاعتقال الاحتياطي، فإن «فئات مختلفة داخل المجتمع دأبت في مناسبات عدة وعبر العديد من المنابر، بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها، على المطالبة بتفعيل آلية الاعتقال لردع مرتكبي الجرائم حتى ولو كانت بسيطة، بدل المتابعة في حالة سراح، انسجاما مع ما ترسخ من ثقافة لديها، بأن تحقيق العدالة والزجر لا يكون إلا بالاعتقال وصدور أحكام بعقوبات سالبة للحرية».

ومع ذلك، يضيف البلاغ، «فإن قضاة النيابة العامة يلتزمون بالتطبيق السليم للقانون دون تأثر بما ذكر، حيث يجنحون في إطار اعتماد مبدأ الملاءمة إلى عقلنة تدبير وضعية الاعتقال، واعتمادها في مستواها الأدنى بالنسبة إلى أغلبية الأشخاص المقدمين أمامها، وهو الاتجاه نفسه الذي يعتمده السادة قضاة التحقيق في إطار سلطتهم التقديرية واستقلاليتهم». كما سجل البلاغ أن الأبحاث أصبحت تنجز في أغلبها خلال ثلاثة أشهر، مع إحالة العديد من المعنيين بها على النيابات العامة المختصة، حيث يتخذ تدبير الاعتقال الاحتياطي في حق القليل منهم متى توفرت موجبات لذلك، سيما خطورة الأفعال أو انعدام الضمانات، كما هو الحال على سبيل المثال في جرائم الشيكات بدون مؤونة، والنصب والتزوير، والاتجار بالبشر وغيرها.

وبخصوص تصنيف الساكنة السجنية، أوضحت رئاسة النيابة العامة أنها توزعت خلال سنة 2022 على حوالي 30 في المائة من أجل الاتجار في المخدرات، و31 في المائة في إطار الجرائم المالية وجرائم الأموال، و30 في المائة من أجل جرائم الاعتداءات الخطيرة على الأشخاص، كالقتل أو تكوين عصابات إجرامية أو استعمال السلاح الأبيض وغيرها. كما أن القضايا الزجرية بالمحاكم تشكل حوالي 62 في المائة، من مجموع القضايا الرائجة بها، وأن قضاة الحكم يبذلون مجهودات جبارة من أجل تصفيتها داخل آجال معقولة، رغم عدة إكراهات مرتبطة بالجانب القانوني والواقعي، خاصة مسألة التبليغ، وهو ما تعكسه نسبة 87 في المائة من القضايا الزجرية المحكومة خلال سنة 2022، حيث يتجاوز معدل عدد الأحكام التي أصدرها كل قاض ألفي حكم، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصاص في عدد القضاة بصفة عامة، علما أن هذا المعدل يتجاوز ما هو مسجل لدى بعض الدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى