يظهر أن رؤساء الجماعات الترابية بإقليم سيدي سليمان انتبهوا، أخيرا، للخطة التي أشارت إليها «الأخبار» في أكثر من مقال، والتي ظل ينهجها عبد الصمد السكال، رئيس مجلس جهة الرباط- سلا- القنيطرة، رفقة نائبه عبد العالي حامي الدين، المستشار البرلماني عن دائرة سيدي سليمان، بتنسيق مع وزراء حزب العدالة والتنمية بحكومة سعد الدين العثماني في نسختيها الأولى والثانية، والتي هدفت إلى نهج سياسة التهميش والإقصاء، بخصوص الاستفادة من المشاريع التنموية، المفروض تمويلها من مالية مجلس الجهة لفائدة إقليم سيدي سليمان، الذي يتألف من 11 جماعة ترابية، إضافة إلى المجلس الإقليمي ومجموعة الجماعات، وهي الخطة التي تم تنزيلها في سياق ردة فعل «البيجيدي» على قرارات العزل القضائي التي طالت، في وقت سابق، رئيس المجلس الجماعي لمدينة سيدي سليمان، البرلماني محمد الحفياني، رفقة كريم ميس، رئيس المجلس البلدي لسيدي يحيى الغرب، وعدد من مستشاري «البيجيدي»، الأمر الذي دفع رؤساء الجماعات الترابية على مستوى الإقليم، بمختلف انتماءاتهم السياسية، بمن في ذلك رئيس المجلس الإقليمي لعمالة سيدي سليمان، ورئيس مجموعة الجماعات الترابية «بني احسن للبيئة»، إلى عقد اجتماع طارئ، أول أمس (الخميس)، بجماعة القصيبية التي يرأس مجلسها عبد الواحد الراضي، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، لتدارس سبل مواجهة تعطيل تنزيل برنامج التأهيل، بالمجالين الحضري والقروي للإقليم، وحرمان جماعاته الترابية من حصص المشاريع التنموية.
اتهامات للسكال ووزراء «البيجيدي»
ظل السكال يعمل على فرملة أي إجراء من شأنه تسريع وتيرة استفادة إقليم سيدي سليمان من برنامج التأهيل بالمجالين القروي والحضري، بعدما خصص له المسؤولون، طيلة الفترة الماضية، على مستوى عمالة الإقليم وولاية الرباط- سلا- القنيطرة، لقاءات مطولة، بهدف تحيينه، والرفع من قيمة الاعتمادات المالية المخصصة له، قصد ملاءمته مع مخطط التنمية الجهوي، حيث تبلغ قيمة المساهمة المالية لجهة الرباط، المحتفظ بها لفائدة إقليم سيدي سليمان، ما يناهز 12 مليون درهم، والتي كان من المفروض على مجلس الجهة أداؤها لفائدة تأهيل المشاريع والبرامج التنموية للإقليم، بعدما خلصت اللقاءات التنسيقية، التي جمعت المسؤولين الترابيين، والمنتخبين بالجماعات الترابية لإقليم سيدي سليمان، مع والي جهة الرباط السابق والحالي، ورئيس الجهة، إلى الرفع من قيمة الاعتماد المالي لتأهيل الإقليم، من 98 مليار سنتيم، الذي كان مبرمجا قبل سنتين، ليصل إلى قرابة 167 مليار سنتيم، تعتمد، بشكل كبير، على مساهمات القطاعات الوزارية، بما يتماشى والبرامج المزمع إنجازها من قبل الشركاء الحكوميين، قبل أن يقرر السكال، على سبيل المثال، حرمان الإقليم من نواة جامعية، وتحويل المشروع لفائدة إقليم سيدي قاسم، بضغط من الوزير عزيز الرباح، بصفته عضوا بمجلس الجهة، وبحكم انتمائه للدائرة الانتخابية لسيدي قاسم، لتسهيل التحكم في الخريطة السياسية بالمنطقة، لفائدة صهره «البيجيدي» أحمد الهيقي البرلماني عن الدائرة نفسها.
وكانت «الأخبار» أشارت، في مقالات سابقة، للوضعية الكارثية التي باتت عليها عدد من الطرق الوطنية والإقليمية والجهوية بإقليم سيدي سليمان، أمام تجاهل كلي من قبل وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، التي تعاقب على تدبير شؤونها كل من عزيز الرباح وعبد القادر اعمارة، مثلما تمت الإشارة إلى الحالة المزرية التي باتت عليها عدد من القناطر على مستوى جماعات الإقليم، والتي ظهرت بها العيوب التقنية المتعلقة أساسا بروابط التمدد، وتعرض البعض الآخر لمخاطر الانهيار، في ظل «اختفاء» قنطرة البوعزاوي، الرابطة بين الجماعة القروية دار بلعامري وجماعة أزغار (نموذجا)، والتي سبق التعهد من قبل وزير التجهيز اعمارة، بإعادة بنائها، بعدما رصد لها غلاف مالي تجاوز 7 ملايين درهم.
وسبق لـ«الأخبار» أن أثارت الانتباه، في السياق نفسه، إلى تقصير وزارة التجهيز والنقل والبيئة، ووزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، ومجلس جهة الرباط، بخصوص اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة مشكل تلوث واد بهت، وتهيئة ضفتيه، وتشغيل محطة الضخ المتواجدة بالقرب من قنطرة شارع المقاومة، ناهيك عن التأخر الحاصل بخصوص إنجاز محطة معالجة المياه العادمة، قبل أن تتدخل وزارة الداخلية، ويعمد عبد المجيد الكياك، عامل إقليم سيدي سليمان، إلى استدعاء كل من المدير الجهوي لوزارة البيئة لجهة الرباط- سلا-القنيطرة، ومدير وكالة الحوض المائي لسبو، ورئيس مجموعة الجماعات الترابية بني احسن للبيئة، وممثل عن المجلس الإقليمي، رفقة رئيس المجلس البلدي لسيدي سليمان، بهدف إطلاع المعنيين على تداعيات مشكل تلوث واد بهت، والاتفاق على التعجيل بتفريغ كميات من مياه «سد القنصرة» بالنفوذ الترابي لإقليم الخميسات بواد بهت، كإجراء استعجالي من شأنه القضاء على الروائح الكريهة المنبعثة من مياه الصرف الصحي، مع الحرص على تسريع وتيرة تنزيل اتفاقية الشراكة، المرتبطة بتأهيل واد بهت، والذي أنجزت بشأنه سنة 2017، دراسة للمشروع من طرف المسؤولين بالوكالة الحضرية، وتم بموجبها تقدير كلفة تهيئة ضفتي الوادي بما يقارب 37 مليون درهم، حيث تنصلت، بدورها، القيادية في «البيجيدي»، نزهة الوافي، كاتبة الدولة (سابقا) لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، المكلفة بالتنمية المستدامة، من الوعود التي تم تقديمها بخصوص مساهمة الوزارة في إنجاز المشروع بمبلغ 18 مليون درهم، مباشرة بعد عزل زميلها في الحزب، البرلماني محمد الحفياني، من رئاسة المجلس الجماعي بحكم قضائي.
توقيع محضر ومطالب بتحكيم الداخلية
عمد ياسين الراضي، رئيس المجلس الإقليمي لعمالة سيدي سليمان، إلى ترؤس اجتماع طارئ حضره جميع رؤساء الجماعات بالإقليم، وتم خلاله دق ناقوس الخطر من مخاطر التهميش الذي يطول الإقليم، في جميع القطاعات الوزارية، وهو الاجتماع الذي صبَّ خلاله هؤلاء المنتخبون، جامَّ غضبهم على سياسة التهميش والإقصاء التي ظل يتعامل بها السكال ووزراء «البيجيدي»، مع مطالب مجالس الجماعات الترابية، مثلما عبر المعنيون عن سخطهم إزاء السياسة الانتقامية التي ظل يمارسها رئيس الجهة تجاه إقليم سيدي سليمان، في وقت تم التلويح بالتصعيد ضد السكال إن استمرت الأمور على وضعها الحالي، كما طالبوا بتحكيم وزارة الداخلية ضد مجلسه.
وفي الوقت الذي هدد رئيس الجماعة الترابية دار بلعامري، بالمطالبة بتغيير التقطيع الانتخابي والإداري، الذي يجعل إقليم سيدي سليمان تحت رحمة رئيس الجهة، عبَّر رئيس جماعة عامر الشمالية احمد الحمومي، باعتباره رئيس أفقر جماعة ترابية بالإقليم، عن تظلمه من رئيس الجهة، الذي حرم جماعته، لاعتبارات سياسية، من الدعم المخصص للمسالك الطرقية والماء الصالح للشرب، بعدما بات العطش يهدد ساكنة الجماعة، التي تعاني ميزانية مجلسها القروي، من عجز مالي كبير، في وقت أجمع باقي الرؤساء على تكليف رئيس المجلس الإقليمي بتقديم ملتمس لوزارة الداخلية من أجل تغيير الخريطة الإدارية للجهة، وجعل إقليم سيدي سليمان ضمن النفوذ الترابي لجهة طنجة- الحسيمة، أو لجهة فاس- مكناس، بحكم الموقع الجغرافي للإقليم، حتى يتسنى تجنيب المواطنين تبعات الحسابات السياسية الضيقة التي ينهجها «البيجيدي» ضد خصومه السياسيين.
بدوره، عمد عبد الإله ابرارحي، النائب الأول لرئيس بلدية سيدي يحيى الغرب، إلى اتهام رئيس الجهة، بالتملص من اتفاقية الشراكة التي التزم بها السكال، في ملف برنامج مدن بدون صفيح، خاصة دوار السكة ودوار الرحاونة، خلال حقبة الرئيس المعزول كريم ميس، المنتمي بدوره لـ«البيجيدي»، قبل أن يتنصل السكال من وعوده وصرف الالتزامات المالية للجهة، مباشرة بعد عزل كريم ميس، وتعويضه بعلي المليح عن حزب الاتحاد الدستوري، وهو الموضوع الذي عمد خلاله البرلماني محمد الحفياني إلى الدخول على الخط في محاولة لإرباك سير عمليات الهدم بالحي الصفيحي المذكور، والتي باشرتها السلطات المحلية، قبل أن يتدخل عامل الإقليم ويستدعي على عجل الرئيس المعزول ويحذره من مغبة نسف مجهودات وزارة الداخلية، والتسبب في إثارة الفتنة في صفوف السكان المستفيدين من عملية إعادة الإيواء.
وبحسب المعطيات التي تضمنها محضر 20 فبراير، (حصلت «الأخبار» على نسخة منه)، فقد طالب رؤساء الجماعات الترابية لإقليم سيدي سليمان، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بالتعجيل بإخراج برنامج التأهيل إلى حيز الوجود، حتى يتسنى تأهيل المجالين الحضري والقروي بالإقليم، والتدخل بحكم سلطته الحكومية، لدى الجهات والقطاعات الوزارية المعنية، للمساهمة الفعلية في تمويل المشاريع التنموية بالإقليم، بما في ذلك تهيئة المسالك الطرقية بالعالم القروي، من أجل فك العزلة، وتجهيز الطرقات، كما تم رفع تظلم في الموضوع ضد التهميش الممنهج من طرف مجلس جهة الرباط، وإقصاء الإقليم من الاستفادة من حصته في المشاريع التنموية، إضافة إلى رفع ملتمس آخر لوزير الداخلية، من أجل التحكيم بين رؤساء الجماعات بسيدي سليمان من جهة، ومجلس جهة الرباط من جهة ثانية، والعمل على تمكين هاته الجماعات من حصص الدعم المالي، دون تدخل من الجهة، بعدما فقدوا الثقة بشكل كلي في إمكانية الانسجام والتوافق مع مجلس الجهة، مثلما تم الاتفاق على رفع ملتمس ثالث لوزير الصحة، من أجل التسريع بإنجاز مشروع المستشفى الإقليمي بسيدي سليمان، واستكمال أشغال بناء المستشفى المحلي لسيدي يحيى الغرب، ناهيك عن مراسلة وزير الفلاحة والصيد البحري بخصوص جلب قطب فلاحي AGROPOLE للإقليم، بحكم حجم الاستثمارات الفلاحية المتواجدة بعدد من الجماعات القروية بسيدي سليمان.